محمد السروجي

سباق محموم بين العسكري ونفسه في التهام الدولة المصرية ، جيشاً وشعباً ومؤسسات ، دستوراً وبرلماناً وهيئات ، أحداث جسام تعد من الكوارث والزلازل السياسية في نصف شهر فقط ، هو النصف الأول من شهر يونيو الجاري ، يونيو وما يحمله من ذكريات مؤلمة كان العسكري طرفاً فاعلاً فيها "يونيو 1967 م" ، الأحداث كثير ومتلاحقة ومقصودة وكلها في مربع المؤسسات العريقة "القانون والقضاء".

في الثاني من هذا الشهر كانت محاكمة القرن الفشنك التي برأت قتلة الثوار وأهدرت دماء الشهداء ، وفي الرابع عشر من نفس الشهر كان حكم الدستورية العليا بحل مجلس الشعب ، حكم أدهش رجال القانون والقضاء سواء بسواء لاعتبارات أهمها تجاوز الدستورية العليا لصلاحياتها واختصاصاتها ، بالتزامن كان قرار وزير العدل الخاص بالضبطية القضائية للشرطة العسكرية ليعود قانون الطوارئ أكثر شراسة وقسوة ، وفي الثامن عشر من نفس الشهر كان الإعلان الدستوري المكمل ، الذي أكد سوء نية العسكري وأنه يسلم السلطة ليس لرئيس مدني بل يسلم السلطة لنفسه ، الإعلان المكمل هو تحصين العسكري لنفسه من المساءلة والعزل ، وفيه تغول على كل مؤسسات الدولة التشريعية حين منح نفسه حق التشريع والتنفيذية حين قيد صلاحيات الرئيس المنتخب والموازنة العامة للدولة ليكون الرئيس ليس منفذاً لبرنامجه لكن منفذا لما يسمح به العسكري ، العجيب أن العسكري شكل من الآن لجنة ديوان رئاسة الجمهورية التي ليس له فيها ناقة ولا جمل لكنه الشره المرضي والتهام الدولة كل الدولة.

العسكري له مشكلات عدة على المستوى الشخصي حيث انه بالفعل رأس بقايا النظام ، له ملفات عديدة – غير بيضاء – وبالتالي لديه فريق عمل من ترزية القوانين الذين أتقنوا هذه الحرفة منذ عهد مبارك ، العسكري يعرض عليهم أزماته وهم يفصلون له القانون المناسب والمخرج الآمن ، أتصور أن هذا الوضع لن يدوم كثيراً خاصة مع الرفض الشعبي العام ، رفض بالإجماع ، رفض يعيد وحدة الصف ولم الشمل الذي نجح العسكري بتمزيقه وتفريقه في مرحلة شيطنة الثورة والثوار السابقة.

الذين يخططون للعسكري هم نفس فرق الغباء والتخلف التي ظلت تخطط لمبارك حتى أودعته سجن مزرعة طره ، الذين يخططون للعسكري يتعجلون الصدام بينه وبين الشعب خاصة الثوار ، الذين يخططون للعسكري يمهدون لثورة ثانية ضده كما تم مع قائده الأعلى المخلوع مبارك ، القوى الوطنية والشعب المصري لا يريد خوض معركة أو صدام ضد العسكري ، لكنه يمكن وببساطه الاصطفاف حول رئيسه المنتخب محمد مرسي ليتقدم خطوات واثقة وهادئة وفاعلة إلى الأمام لينتزع حقوقه العادلة والمشروعة ويعود العسكري إلى مكانه الطبيعي ، حماية حدود الوطن.

____________

كاتب مصري