م/ محمد شكري علوان

أعلمُ علم اليقين أن التغيير ليس هديةً تُعطي،  ولا غنيمة تُغْتصب،  وإنما هو نتيجة حتمية للقيام بتغيير ما بالأنفس ، وأعلم أن أمتنا اليوم في ظمأ شديد إلي العاطفة الدينية والتربية الصادقة والخطاب الراقي المؤثر المُجمع الذي حرمت منه طوال عهود  الطغاة والاستبداد ، ومن البديهيات أن يقوم بهذا الدور القادة والمصلحون والساسة ، ولكننا صدمنا في نُخبنا وساستنا حتى رأينا منهم العجب العجاب الذي لا يملك المرء حياله إلا أن ينادي ربه وخالقه " يا مثبت الدين والعقل ثبت عقلي وديني " ، وهنا نوقن بدعاء الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ( اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلبي علي دينك ) واليكم بعض الحيثيات :-

الحكم الصادم :-


** بعيدا عن التعليق علي  الحكم نقول : شعب ثار ضد الظلم والطغيان ونهب الأموال وخراب البلاد في صورة سلمية قل أن تحدث في العالم ، فتك بهذا الشعب الأعزل زبانية النظام وجلاديه فسفكوا الدماء العزيزة  ، وأزهقوا الأرواح الكريمة علي مرأى ومسمع من العالم كله ، من الجاني ؟!!   وما عقوبته؟!!!

** إلي جميع عناصر القضية - التي سميت بقضية القرن - " القضاء الجالس علي المنصة  - النيابة العامة الممثلة لحق المجتمع – القضاة الواقفون أي المحامون – السلطة التنفيذية التي أخفت الأدلة – الشهود "  إلي هؤلاء جميعا أسوق حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم (القضاة ثلاثة ، اثنان في النار وواحد في الجنة ، قاض عرف الحق وقضي به فهو في الجنة ، وقاض عرف الحق وقضي بغيره فهو في النار ، وقاض لم يعرف الحق وقضي بجهل فهو في النار)

** ملاحظة لابد منها: لقد كان منطوق الأحكام فيما مضي من زمن جميل , مقطوعة أدبية راقية تدرس للطلاب في فن البلاغة ، والآن  نجد قاضيا ينصب المرفوع ، ويجر المنصوب ، ولا يقرأ الآية القرآنية قراءة سليمة وقد صعد إلي أقضي درجات السلم القضائي ، حقا إنها دلالة علي مدي الجُرم الذي ارتكبته الأنظمة السابقة من تدمير للعقول وإفساد للأخلاق والذوق العام .

 المبادرة الحمزاوية


ومما يدفعك ويُلجئك للدعاء بتثبيت العقل والدين ، ما طرحه السيد " عمرو حمزاوي وآخرين " وهو أستاذ جامعي في الاقتصاد والعلوم السياسية بدعوة  د / مرسي إلي التنازل لصالح المرشح الثالث من حيث الأصوات الانتخابية ، ولا ندري علي أي سند من شرع أو قانون  أو عقل أو عرف دولي انتخابي ، تم هذا الطرح  ولا نملك حياله إلا أن نقول ( يا مثبت الدين والعقل ثبت عقلي وديني )  

المجلس الرئاسي


ما أن هدأت النفس واستقر العقل في الدماغ حتى سمعنا بأمر جديد ، ولا غرابة فالليالي تحمل كل غريب ، دعوة ثلاثية للعودة إلي المربع صفر وهدم ما تم بدماء وأرواح  ، وبدلا من الوقوف صفا واحدا ضد بقايا الفساد والطغيان وتجاوز الهم الشخصي ، والمصالح الفردية ، يصدم الشعب مرة أخري من رفقاء الميدان ولا نملك الا  ان نقول  " يا مثبت العقل والدين ثبت عقلي وديني "

المال والانتخابات

أصبح من المتواتر لدي الجميع خطورة استخدام المنتفعين من فساد النظام المخلوع  وأرباب المال الحرام  المنهوب  من أقوات الفقراء من شعبنا الكريم في شراء الأصوات في الانتخابات الرئاسية الحالية والصادم للنفس إقدام أناس لأخذ هذا المال الحرام من غير عوز أو فقر أو حاجة  ، فقد نتفهم إقبال فقير معوز أو ذا عَطالة لا يعمل لأخذ هذا المال للحاجة إليه ،  ولكن أن يرضي طبيب مشهور أو محام مستور أو معلم بمدرسة وغيرهم بهذا السحت الذي يُزيف من خلاله إرادة الأمة  , فهذا يحتاج إلي علماء نفس أساتذة علوم الاجتماع لندرس حجم المصاب وخطورة ما عليه المجتمع  .  ولهم نقول ما قاله الرسول صلي الله عليه وسلم ( كل جسم نبت من سحت فالنار أولي به ) ، ولمنفقي هذه الأموال (  فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ) ، ولا نملك سوي الدعاء " اللهم يا مثبت العقل والدين ثبت عقلي وديني

إلي المصلحين والدعاة والثوار :


• نحن اليوم في ظمأ شديد إلي العاطفة الدينية ، التي حرمنا منها الطغاة في عهود الاستبداد ، إننا في حاجة ماسة إلي اتخاذ منهاج من الأوراد والمأثورات كي نخرج بالنفوس من  تيه الغفلة إلي صعيد ذكر الله عز وجل " الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار "  ،  فالإكثار من ذكر الله سلم الوصول إلي محبته ، وهو المدخل الذي لابد منه إلي تزكية الأنفس ومن ثم التغيير والإصلاح ،   فلقد كان ميلاد  أمتنا صادراً عن عقيدة واضحة قويه،  ولسان يستمد من سحر القرآن تأثيره فأخرج أمة صارت خير امة أخرجت للناس .

** يا قومنا  لقد وصلنا إلي حال  - لأسباب تراكمية من تعليم وثقافة وإعلام - أصبح الرجل من عامة المسلمين يري أن الشريعة الإسلامية أمرا جوازيا يأخذ به أو لا يأخذ ، ولم تعد هي الفيصل فيما يعرض له من مشاكل ، وصار يحيا بقوانين قد لا يعرف أصولها ومصادرها مع علمه أنها ليست مأخوذة من القرآن " مع أننا نقرا قوله تعالي ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام  دينا )

ثلاث خصال واجبة في هذه الأيام :-


أورد الطبراني غيره حديث عن رسول الله قال فيه " " ثَلاثٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَلَيْسَ مِنِّي وَلا مِنَ اللَّهِ ، قِيلَ : وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : حِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلُ جَاهِلٍ ، وَحُسْنُ خُلُقٍ يَعِيشُ بِهِ النَّاسُ ، وَوَرَعٌ يَحْجِزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " "

وفي هذه الأيام ما أحوجنا إلي الحلم وسعة الصدر في معاملة المخالف ، والخلق الطيب الذي نبرز من خلاله سمو فكرتنا وعلو رسالتنا , وما أشد الحاجة إلي الورع والبعد عن المعاصي التي تمنع الرزق وتحجب التوفيق وتؤخر النصر .

وأخيرا نصيحة خالصة


ليتق الله أولئك الذين يحاولون الانتقام  من البناء كله من اجل خطأ في تصميم أحدي نوافذه ، أو بروز في احدي لبناته ، وليتق الله الذين يحرمون الطعام الزكي لمجرد اختلافهم حول اسمه ، فلا تحجبنا الأسماء عن المسميات ، ولا يدفعنا الهوى إلي بخس الحق ، أقولها لمصر فالأخوان المسلمون مدرسة وطنية عظيمة فكرا وتاريخا وعملا ورجالا ، يصيبون ويخطئون نعم ، فلم هذه الحرب الشعواء علي الفكرة والتاريخ والرموز ولمصلحة من ؟!!!!!

وندعوا الجميع  لتدبر  قوله تعالي (فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) وقوله تعالي في آخر آية نزلت من القرآن الكريم ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)