د/ عبدالجواد النادي:
في أوروبا والدول المتقدمة وبالأخص في أمريكا تجري الاستعدادات علي قدم وساق للانتخابات الرئاسية القادمة مثلما يحدث الآن في مصر. ولكن الفارق الرئيس هو أن الأستاذ رومني المرشح الديني للحزب الجمهوري والذي يتنافس ضد أوباما يبني حملته الانتخابية علي أساس العودة للتدين مرة أخري بعد عصر أوباما الذي سادت فيه العلمانية وقيمها. فتحت عنوان "رومني يقود حرب اليمين الديني على "دين العلمانية" http://www.secular.dreamhosters.com/2012/04/romney-leads-the-religious-rights-war-on-the-religion-of-secularism/
كتبت جريدة الأخبار العلمانية اليومية التي تصدر من أمريكا ما يلي:
"اعتقد ان هناك في هذا البلد حربا على الدين"، إن أوباما استطاع أن يجعل من العلمانية دينا جديدا لأمريكا تمكن من خلاله من إجبار الكنيسة الكاثوليكية "علي انتهاك مبادئها وضميرها". وبعبارة أخري يستند رومني إلي إحياء الدين مرة أخري في أمريكا بعد أن تعمدت حكومة أوباما إقصاءه وتهميشه، أي أن رومني ينطلق من الدين كمرتكز لحملته الانتخابية.
والسؤال الآن: هل قامت الدنيا ولم تقعد بسبب نوايا وخطط ذلك المرشح الذي أراد أن يعطي الفرصة لبعض القيم الدينية أن تسود في مجتمعه مرة أخري أم أنه أعطي الفرصة كاملة لعرض بضاعته وللترويج لها بين الناخبين بما شاء من وسائل دون أن يتهمه أحد بالجنون أوالرجعية أو الجمود؟
لقد أكد رومني في تصريحات أخري نقلتها نفس الجريدة ما يمكن ترجمته لما يلي: "اسمحوا لي أن أؤكد لكم أنه لا توجد سلطات لكنيستي، أو لأي كنيسة أخرى ، سوف لايمكنهم التأثير على القرارات الرئاسية أكثر من أي وقت مضي. سلطتهم تخصهم هم ، ضمن مجال إدارة شؤون الكنيسة، وتنتهي هذه السلطة الكنسية حيث تبدأ شؤون الأمة. سوف لا ألتفت لأي معتقدات كنسية تتعارض مع واجبات المنصب والسلطة السيادية للقانون". من أقواله أيضا أن "الحرية تتطلب الدين، تماما كما يتطلب الدين الحرية.ولابد لهما من أن يعيشا معا أو يموت كل منهما وحده."
والآن أيها القارئ العزيز تستطيع أن تري الفارق الكبير بين علمانية فضائياتنا وجرائدنا الليبرالية وعلمانية أمريكا. فعلمانيونا يقتاتون علي المرشحين الإسلاميين ويشحذون كل طاقاتهم من أجل محاربتهم وإسقاطهم قبل بلوغ صناديق الانتخاب حيث يرون فيهم ردة للوراء وتخلفا من شأنه أن يرجع مصر قرونا وقرونا للعصر الحجري.
ترق قلوبهم وتتهلل أساريرهم لأي نقيصة تصيب المرشح الإسلامي وتنال من شعبيته أمام الناس ويقف لسانهم عاجزا أمام مرشحي الفلول الذين رغم تخطي أعمارهم الخامسة والسبعين لايزالون يحلمون بقيادة مصر للوراء مرة أخري بدفاعهم عن مبارك مثلهم الأعلى وبمحاولاتهم الدؤوب من أجل إجهاض أي محاولة للنهوض بمصر، مجندين لهذا الغرض عشرات القنوات الفضائية والصحف والمواقع والمنافذ الأخرى، شعارهم في ذلك نفس شعار فرعون حينما أوهم قومه أن سيدنا موسي عليه السلام ما جاء إلا لكي "يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد".
ألم يقل المخلوع نفس هذا الكلام قبيل رحيله حينما هدد العالم بأسره بأن يطلق العنان للإخوان كيما يعيثوا في مصر فسادا؟
إنني في الحقيقة لا أدري سر هذا التحامل علي كل ما هو إسلامي من قبل أناس يفترض أنهم يمثلون النخبة في بلدنا العزيز. ياسادة عدونا الحقيقي ليس الإسلام ولا المرشحين الإسلاميين. العدو الحقيقي هو من استطاع عبر عقود طويلة أن يلقي في روعنا أن الإسلام مرادف للقهر والتخلف. أعطوهم الفرصة كي يعبروا عن أنفسهم ويخرجوا ببرامجهم إلي أرض الواقع ويحققوا لمصرنا الحبيبة النهضة التي نصبوا جميعا إليها وليكن منطلقنا في ذلك ما قاله مؤمن آل فرعون لقومه بعد ما زرع الطاغية في قلوبهم الخوف والارتياب من موسي وصحبه:
وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب (غافر28) .
ــــــــــــ
أستاذ مشارك بجامعة طنطا
كلية الآداب- قسم اللغة الانجليزية

