حازم سعيد :
امتلأت الساحة السياسية خلال الفترة السابقة بفلول الحزب الوطني ( المفسدين في الأرض ) ، وكان تواجدهم ضمن مجموعة من المحاور :
الأول : ما عرف بأبناء مبارك الذين أحدثوا زخماً وشغباً وفوضي أثناء جلسات محاكمة المخلوع – رغم محدودية عددهم - .
الثاني : بعض الطبالين والزمارين من صحفيي وإعلاميي النظام السابق الفاشل ، والذين برروا له كل سوءاته ، وأصبحوا الآن ملء السمع والبصر مرة ثانية من أمثال عبد الله كمال وتامر أمين وغيرهما .
الثالث : مجموعة من الأحزاب الكرتونية التي أنشأها الفلول بديلاً عن الحزب البائد سيئ الذكر ، في إصرار على التواجد بالساحة السياسية المصرية .
الرابع : الاستعداد للانتخابات القادمة من قبل بعض مرشحي الحزب المزورين الذين ( اكتسحوا بالتزوير ) الانتخابات البرلمانية الماضية ، والتي مثلت مع أحداث كنيسة الإسكندرية وما صاحبها من مقتل سيد بلال – عليه رحمة الله – وما رافقهما من أحداث القشة الأخيرة التي قصمت ظهر النظام السابق .
وبعض مرشحي الحزب استعد بحملات انتخابية ضخمة يجهز لها الآن في ورش ومطابخ الدعاية .
الخامس : تهديد فلول الحزب بمليونيات بالتحرير في حالة تفعيل قانون الغدر وتهديدهم باقتحام مباني المحافظات وتعطل الأعمال في كافة مناحي الحياة ، وتنديدهم بحرمانهم من حقهم في ممارسة العمل السياسي ودعواهم أنه حق قانوني لكل مواطن !!!!!!!!
ولنا مع هؤلاء مجموعة من الوقفات :
الأولى : يذكرني حال هؤلاء بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي إذا لم تستح فاصنع ما شئت " .
وروى ابن أبي لهيعة عن أبي قبيل عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أبغض الله عبدا نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا بغيضا مبغضا فإذا نزع منه الأمانة نزع منه الرحمة وإذا نزع منه الرحمة نزع منه ربقة الإسلام فإذا نزع منه ربقة الإسلام لم تلقه إلا شيطانا مريدا " .
وأوجه ذهاب الحياء منهم كثيرة منها أنهم أفسدوا الحياة في البر والبحر ، بل وفى الجو ايضاً ، سنين طويلة ألحقت الخراب والدمار بالبلاد ، وأيضاً أن القضاء على هؤلاء وحزبهم هو أحد أهم الأسباب والمطالب الرئيسية لثورة يناير ، ومع هذا يستغفلون هذا الشعب ويحاولون الركوب على عنقه مرة أخري ، وثالثاً فإنهم يتنادون بمبادئ قانونية وحقوقية هم كانوا أول من وأدها كما سيظهر في النقاط التالية .
الثانية : ما أشبه الليلة بالبارحة ، حيث يذكرني حالهم هذا بحال آل فرعون الأسبقين الذين فعلوا مع نبي الله موسى - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام – حين أفسدوا لهم الحياة وقتلوا الأبناء ودمروا مصر من قبل ، فلما أظهر الله سبحانه لهم بعض النذر خنعوا قليلاً ثم نكثوا العهود ، وتبجحوا ، سواءاً بسواء كما يفعل الفلول الآن .
واقرأ وتدبر هذه الأيات البينات من سورة الأعراف : " وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131) وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (136) " .
الثالثة : هؤلاء الذين ينادون الآن بالحق القانوني هم أنفسهم الذين احتالوا على القانون من قبل بالتزوير والبلطجة وتقفيل اللجان ومنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم في عشرات المرات ، واحتكروا الغش والتدليس والتصفيق ورفع الأكف بالباطل لإقرار القوانين الفاشلة الفاسدة ، وتلاعبوا بالدستور ليورثوا مصر كابراً عن كابر، هؤلاء الآن يتنادون بالقانون وباحترام القانون والدستور ؟! فأين منهم حمرة الخجل ؟!.
الرابعة : هؤلاء – أيضاً – هم من حرموا كل المصريين من ممارسة الحق السياسي ، فأنشأوا لجنة الأحزاب التي – وعلى مدار ثلاثين سنة – وافقت على إنشاء حزب واحد فقط هو حزب أسامة الغزالي حرب ، ومنعوا أي حزب من حق الصدور ، حتي حزب الوسط – رغم يقينهم ببعده واستقلال أعضائه عن الإخوان ، إلا أنهم رفضوه وعلى مدار خمسة عشر عاماً بالمحاكم ، وغيره كثير من اعتقالات المعارضين السياسيين التي اكتوينا بنارها ، وتكميم الأفواه وإغلاق صحف وفضائيات ومصادرة أموال وشركات ، وبعد هذا الغيض من الفيض يطلبون الحق في الممارسة السياسية ؟! أظنها العجيبة الثامنة من عجائب الدنيا .
هذا كله فى مجال الحريات وحقوق الإنسان ، أما إفسادهم فى كافة مجالات الحياة سياسة واقتصاداً وتجارةً وعلاقات دولية ..... فحدث ولا حرج .
الخامسة : أحسب أن السبب الرئيسي لفعل هؤلاء هو " السبوبة " ، فلقد ذاقوا المليارات من المال المنهوب ، وذاقوا المحسوبيات والرشاوي ، فلا يطيقون العيش بدونها ، خاصة إذا اجتمعت مع عمي البصيرة والران الذي يغطي القلوب بعد المعاصي والذنوب والفساد ، فيصير الواحد منهم كالبهائم والأنعام لا يفكر إلا في شهوته وكيف يقضيها .
السادسة : أما حكاية أنهم يريدون أن يعملوا بالصالح العام ويسعون لخدمة الناس ، فنقول لهم : لقد شبعنا من خدمتكم ، وقدمتم لنا ما يكفينا طيلة حياتنا ، وخيركم غطانا وزاد ، ونريد أن نستغني عن خدماتكم كثيراً وليس قليلاً ، فهل أنتم فاعلون ؟
السابعة : هل يسكت أنصار الحق ، وهل حينما نفضح هؤلاء فى الانتخابات القادمة – إذا لم ينطبق عليهم قانون الغدر – هل حينها يخرج علينا من يقول أن أدبياتنا وأخلاقنا لا تسمح بهذا ؟
أريد أن أفرق بين كوننا لا نجرح الهيئات والأشخاص ، وبين كوننا نقف وقفة لازمة ضد الغشاشين ، وضد من طبلوا وزمروا وأظهروا الفساد في كل ربوع مصر .
والله سبحانه يقول في سورة الشورى : ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ( 41 ) إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ( 42 ) ) .
وهذا الانتصار يتطلب الحيطة والحذر من الثوار ومن أهل الحق الذين يدافعون عن هذا البلد ويسعون في صالحه العام حقاً ، وإن الوقوف لهؤلاء المفسدين والتصدي لهم ومنعهم من مجرد الممارسة السياسية لهو – في زعمي – واجب وفريضة ، بل وضرورة ، لأن ما يترتب على ذلك من المقاصد والمصالح من إحياء الدين والعقل والنفس والنسل والمال يقيمها مقام المقاصد والضرورات .
والله الموفق إلى سواء السبيل .
ــــــــــــــــ

