02 / 02 / 2011

حازم سعيد :

كله كوم .. والذى فعله مبارك أمس بالخطاب التضليلى .. ثم ما فعله اليوم بالتحرير وغيره من مدن مصر كوم آخر تماماً .
إن الجريمة التى ارتكبها مبارك بالبيان المزيف الذى وجهه لجموع الشعب ، محاولاً استدرار عطفهم بكلمات عن خدمته لمصر وأنه يتمنى أن يموت على ترابها وأنه لن يترشح مرة أخرى أو يعدل الدستور أو يراجع عضويات مجلس الشعب – الباطل كله - أقول أن هذه الجريمة يمكن أن تعد من أحد أكبر جرائمه فى حق هذا البلد .
كل الإجراءات الوهمية التى حاول بها خداع هذا الشعب المسكين المنكوب ، تأتى فى الوقت الأخير ، وتؤكد أنه يموت وينتهى .
هذه دلالة واضحة .. ولكن الدلالات ليست موضوع المقالة ، فلها مجال آخر حين أنفك عن العاطفة .
أما الآن وأنا أكتب هذه السطور لحظات مشاهدة مذابح التحرير فلا أستطيع أن أحلل أو أصف أو أتحلل عن عاطفتى .
أنا هنا أردت أن أفضح هذا الطاغية المتجبر الذى يكره شعبه .
رئيس موتور يدمر شعبه
لن أتحدث هنا عن جرائم الفرعون والتى بدأت منذ ثلاثين سنة بسرقة البلد ومقدراتها وتحويلها إلى أرصدة فى حساباته هو ونجليه .
ولن أتحدث عن جرائمه باغتيال الشرفاء والتصفيات الجسدية والتى بدأت بقتل كمال السنانيرى رحمه الله ووصلت لشهداء ثورة 25 يناير وما زالت مستمرة حتى الآن مروراً بأكرم الزهيرى ومسعد قطب وعلاء محيى الدين وخالد سعيد .
ولن أتحدث عن جرائمه بسجن البلد وتكميم الأفواه والتى بدأت منذ أول يوم فى عهده بقانون الطوارئ الممجوج وما زالت حتى الآن مروراً بالمحاكم العسكرية للشرفاء ومرورواً بكليبات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان بأقسام الشرطة والبوليس .
ولن أتحدث عن جرائمه بالكذب على شعبه بدءاً من وعوده الزائفة بعدم الترشح سوى لفترة رئاسية واحدة وانتهاءاً بذات الوعود التى وعدها ليلة أمس ومروراً بالخطط الاقتصادية الخمسة والعشرة ومروراً بتوشكى الفاشل .
لن أتحدث عن عشرات الجرائم التى ارتكبها مجرم الحرب حسنى مبارك الذى أستحى من الله أن أقدم اسمه بمحمد فليس له من اسمه حظ ولا نصيب .
إنما الذى أردت أن ألفت به النظر فى هذه المقالة هو الجريمتين الخطيرتين الأخريين ولعلهما يكونان آخر جرائم عهده .
أما الأولى فهى جريمته الخطيرة الأخيرة بتمزيقه لشعبه وتفتيته له ومحاولة تقسيمه له نصفين ، وهو وبطانة السوء التى من حوله راهنوا على دراستهم لسيكولوجية الشعب المصرى العاطفى الذي ظنوا أنه سينضم لهم وسيمتلئ عطفاً نحوهم حين دبج بيانه - التهديدى التنديدى بالقوى التى قفزت على مطالب الشباب – بكلمات عاطفية تتحدث عن كرامته وعن مصريته وعن خدماته لمصر .
أى خدمات هذه التى قدمها ؟ أهى سرقته لشعبها أم سجنهم أم سحلهم أم الكذب عليهم ؟
أقول ظن هو وبطانته أن نفسية الشعب المصرى ما زالت يمكن أن تطوع أو توجه بخطابه الخبيث الذى أراد فيه أن يفتت الشعب وأن يحقق جزءاً من المطالب التى سماها : مطالب مشروعة للشباب .
فإن كنت تعلم أنها مشروعة فلماذا أخرتها ثلاثين سنة ؟
وإن كنت تظن أن الشباب محقين فى ظنهم ذلك فلماذا حاربتهم ومنعت عنه النت وأغلقت شبكة المحمول فى وجوههم حتى لا يجتمعوا ولا يتواصلوا ولا يطالبوا بمطالبهم التى تعلم أنت أنها مشروعة ؟
تتحدث الآن عن الرأى وأن قوى ما رفضت الحوار ؟ فأين كنت وهم يطلبون منك الحوار طوال ثلاثين سنة لم تسمع فيها إلا نفسك وبطانة السوء التى تحيط بك ؟
أين كنت وقد مل العالم كله نداءنا لك بالتحاور مع قومك وشعبك ؟
لقد كنت فى وادٍ سحيقٍ من الظلم والطغيان والتغافل عن مطالب أناسك الذين حكمتهم ثلاثين سنة ، لقد كنت فى غيك نائماً .
الجريمة الثانية
ثم تأتى الجريمة الثانية التى يفلح فيها مبارك وزبانيته بالبلطجية الذين أطلقهم ليلة أمس وفى صباح اليوم فى وقت واحد على صعيد الجمهورية كلها ليتحرشوا بالمتظاهرين الشباب – الذين قال عنهم أن مطالبهم مشروعة – ويعتدوا عليهم ويقتلوهم بهذه الصورة التى تظهرها الفضائيات كلها – حتى من لها أجندات موالية له ولنظامه – الآن لحظات كتابة هذه السطور .
إنها جريمة ضد مصر كلها حين يدمر شباب هذا البلد بهذه الطريقة ، بتشجيع البلطجة فى وسط بعضهم وقتلهم بيد هذا البعض ليدمر مستقبل هذا البلد الذى يطالب بإمهاله شهوراً لإصلاح ما دمره هو على مدار ثلاثين سنة فى وصاية شديدة على كل المصريين .
جرائم أسبوع .. شر ختام لعهد مرير
نعم سوف يسجل لك التاريخ يا مبارك أسوأ ختام لواحد من أسوأ من حكم مصر على مدار تاريخ البشرية .
إغلاق شبكات المحمول ثم النت فيما عد تخريباً رهيباً لاقتصاد هذا البلد المنكوب ، ولم يكفه سرقته على مدار ثلاثين سنة ليدمر اقتصاده وهو يرحل بهذه الصورة الفجة المفزعة .
ثم سحل شباب هذا البلد ومستقبلها بعد وعود زائفة مللناها من كثرتها ، ولا تبقى فى الحلق مزيد مرارة .
إن جرائم الأسبوع الأخير تضعك ضمن مصاف مجرمى الحرب بامتياز أيها الطاغية .. ونعلنها لك صريحة مدوية فى النهاية .. لست أقصد نهاية المقالة .. وإنما أقصد نهاية عهدك :
نرفضك أيها الجبار الطاغية ونقول لك كما قال المتظاهرون الشباب حين أعلنوها بالملايين فى صوت واحد : " ارحل بقى ياعم ، انت معندكش دم ؟ " ، " هو مبارك عاوز إيه ؟ عاوز منا نبوس رجليه ؟ " ، " ارحل ورا الشمس .. هو انت مبتفهمش ؟ " .
ثم نبشرك بزوال عهدك أيها الطاغية .. وأنت الآن فى أنفاسك الأخيرة شئت أم أبيت .. فلقد فجرت وقوداً للثورة وأنت تقتل الشهداء الذين قتلتهم فى السويس وفى الإسكندرية وفى القاهرة اليوم بميدان التحرير الذى سوف يصبح اسماً على مسمى حين يحررنا منك بإذن الله .
وإن الصبح لقريب .. وإن أشد لحظات الليل حلكة هى أقربها للفجر .. فأبشر أيها الطاغية فأنت إلى زوال بإذن الله .
===========