29/01/2010

أصل هذه المناشدة ليس إلى فريق الإعلاميين والفضائيين الذين يسهمون فى تسييس فرحتنا بفوز منتخب الساجدين فى مباريات بطولة الأمم الأفريقية والذى أوشك على الاكتمال بالبطولة السابعة لمصر والثالثة على التوالى إن شاء الله ، ومجموعة من الأرقام القياسية بداية من عدد المرات المشاركة المتتالية دون هزيمة ومروراً بعمادة اللاعبين المصريين مع القرب من العمادة العالمية لأحمد حسن كابتن منتخب مصر .. الخ ..

فالفوز جاء بعد توفيق الله لمنظومة كاملة من الإحسان فى العمل بداية من اتحاد الكرة ومروراً بالجهاز الفنى وانتهاءاً باللاعبين المجتهدين ، مع جزء من الفضل والسببية لجمهور الكرة المصرى المثابر والذى قام بتشجيع هذا الجيل وفى مواقف متتابعة ومختلفة ..
فما دور الرئيس مبارك وابنيه جمال وعلاء فى هذه المنظومة حتى نرى هذه الوصلات فى مدح حكمة وشجاعة وإتقان ومهارة وفن وإبداع ودعم وأبوية الرئيس وولديه واللذين – بدونهم – ما كان لنا أن نحقق هذا النصر .. مع خالص التهانى واطيب الأمانى التى امتلأت بها فضائيات تربت على ثقافة النفاق ، ولم تحسن العمل إلا فى هذا الجو الإبداعى من النفاق الخالص ..
فإلى هؤلاء الإعلاميين .... حنانيكم .. ولا تفسدوا فرحة الفوز بهذه الوصلات النفاقية .. واتقوا الله فى هذا الشعب الغلبان .. ودعوا له شيئاً لا تسرقونه منه ...
إلى الأخوين مبارك .. لا تذهبا لأنجولا ..
أعود إلى أصل هذه المقالة .. وهى مناشدة للأخوين جمال وعلاء مبارك .. أرجوكما لا تذهبوا إلى أنجولا ..
وعندنا نحن المصريين حين نرغب فى الإمعان والتوكيد فى طلب شيئ ما من أحد نقول له " أبوس رجليك " .. وهى لغة لا يقصد بها المهانة للسائل ولا الحط من قدره ، ولا التذلل للمطلوب منه .. ونسجاً على هذا المنوال أقول لهما : " أبوس رجليكم .. لا تذهبا لأنجولا " ..
وسر هذه المناشدة ليس فى نوع التشاؤم الذى قد يظنه القارئ .. ففى الحديث الشريف : " لا عدوى ولا طيرة " وقد رواه البخارى ومسلم .. وفى رواية البخارى : " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد " .
والشاهد من الحديث هو قوله عليه الصلاة والسلام : " ولا طيرة " ..  وأما الطِّيرة : فهي مصدر تَطَيَّرَ ، و أصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير ، فإذا خرج أحدهم لأمر فإن رأى الطير طار يمنة تيمن به واستمر ، وإن رآه طار يسرة تشاءم به ورجع ، وربما كان أحدهم يهيج الطير فيعتمدها ؛ فجاء الشرع بالنهي عن ذلك وإبطال عادة التشاؤم ( فتح الباري بتصرف)
وإنما أناشدكما بألا تسيسوا فرحتنا ..
وقد أصبح من المعلوم بالضرورة للقاصى والدانى أن استثمار فرح المصريين بمباريات الكرة لاكتساب شعبية من قبلكما أنتما الأخوين مبارك مصيره الفشل والهزيمة فى المباريات .. وما طيف مباراة الجزائر الفاصلة بكأس العالم منا ببعيد ، وكيف باءت محاولاتكما والجوقة المحيطة بكما من إعلاميين وفنانين ومطربين وممثلين و ... كيف كللت بالفشل .. والمشكلة فى ذلك أن الذى يحزن حق الحزن هو ذلك الشعب الغلبان الذى يبحث عن فرحة – ولو بمباراة كرة – فلا يجدها ..
ذلك الشعب المطحون فى ظل عهدكم الميمون .. بين غلاء معيشة وبين مشاكل إسكان وبين عنوسة للفتيات وبين فقر وبطالة .. لا يجد له سوى فرحة خادعة فى مباريات الكرة .. فدعوها له ولا تسرقوها ..
ولا تتذرعا بأنكما مصريين ، تشاركان المصريين فرحتهم ..
ولو كنتما كذلك .. فلماذا لا نراكما إلا فى مباريات الكرة ؟
أين أنتما فى مشاركة المصريين هموهم فى سيول سيناء وأسوان ؟
أين أنتما من انهيارات الدويقة ؟
وأين كنتما حين حرقت القطارات والمسارح ومجلس الشورى ؟
لماذا اختفيتما حين غرقت العبارة ؟
لم لا نراكما أو نسمع عنكما أو منكما فى هذه الكوارث والمصائب التى كثرت فى عهدكم المبارك ؟
أيها السيد جمال :
فى تقرير نشرته فضائية الجزيرة عن ثروتكم - وفق أحد التقديرات الدولية والتى رصدت أموالك بخارج مصر - أنها وصلت إلى ستمائة مليون دولار .. ( ثلاثة مليارات ونصف مليار جنيه مصرى تقريباً ) ..
وليس هذا مناط أن أسألك : من أين لك هذا ؟ .. ولكنى أسألك ، وهذه هى ثروتك المعلنة بخارج مصر فقط .. هل تشعر بآلام المصريين وهمومهم ؟
هل تشعر بالشاب الذى تجاوز عمره الثلاثينات وأشرف على الأربعينات دون أن يستطيع الزواج لأنه لا يملك ما يتزوج به ؟
هل تحس بآلام ذلك الذى يبحث عن شقة فلا يجدها ، لأنه لم يستطع أن يدخر ثمنها ، وكيف له ذلك وراتبه بالمئات – ولن أقول بالعشرات – من الجنيهات فقط لا غير ؟
هل جربت أن يأتيك الشهر .. وراتبك قد نفذ .. ولا تعلم كيف ستقضى شهراً كاملاً إلا بضعة أيام وكيف ستدبر مصروفاته لعائلة بأكملها ؟
هل تعرف معنى الدرس الخصوصى أو المستشفى الخاص لتسعين فى المائة من المصريين .. والمدرسة الخاصة والتعليم الجامعى الخاص لخمسة من العشرة الباقين ؟ وهل تدرك كنه معاناتهم بسبب هذه " المصطلحات " ؟
هل تدرك معنى أن ابنك أو أخاك أو أباك يحتاج لعملية ما ليشفى من مرض ، ولا يجد ما يعالج به قريبه .. وروحه تزهق أمامه لقلة المادة ؟
هل جربت أن تقف ساعة أمام طابور العيش لتشتريه راضياً وعن طيب نفس بعد الساعة محروقاً مغشوشاً ، لأنك لا تجد ما تشترى به المحسن الذى هو خليط من الدقيق بالرمل والزلط ؟
هل وقفت من أجل أوتوبيس يقف فيه أحدنا على قدم أخيه وتتلاصق فيه أجسادنا ، لأن أحدنا لا يجد ثمن التاكسى ، ناهيك عن رفاهية العربة الخاصة ؟
عزيزى السيد جمال ، لأنك بالقطع واليقين لا تدرك ذلك ولا تشعر به ولا تعرفه ، فرجاء لا تسرق منا أنت وأخوك ما يوهم المصريون أنفسهم به من الفرح ..
وإن كنتما لا محالة فاعلين ، فيكفيكما أن تفرحا مثلكما مثل المواطن المصرى الغلبان داخل قعر بيتكما .. أقصد قصوركما .. افرحا مثلهم .. بعيداً عن الإعلام والفضائيات .. وبعيداً عن أنجولا .
فحضوركما هذه المباريات وغيابكما عن كل حياة المصريين هو استفزاز لا نهاية له ..
لذا أناشدكما وأبوس رجليكم .. لا تذهبا لأنجولا .
===========