باتت تسيبي ليفنى قاب قوسين أو أدنى من أن تتبوأ مقعد رئيس وزراء اسرائيل الثلاثين ، وفى أول تصريحاتها عندما سئلت هل أنتِ جولدمائير الثانية ؟ ، أجابت بثقة ودون تردد أنا ليفنى الأولى ، رغم أن جولدمائير رئيسة وزراء اسرائيل السابقة اشتُهرت بالرجل الوحيد فى وزارتها ، وذلك بسبب قوة شخصيتها ، وبأسها الشديد فى حربها ضد الفلسطينيين والدول العربية ، و"تسيبي" (50 عاما) هي ابنة "إيتان ليفني"، القائد السابق لشعبة العمليات بمنظمة "إتسل" الإرهابية، التي كان يقودها قبل عام 1948 مناحيم بيجين رئيس الوزراء الأسبق، عندما كانت صبية انضمت ليفني إلى حركة
"بيتار" اليمينية وشاركت في المظاهرات ضد اتفاقية فك الاشتباك بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والتي سعى وزير الخارجية الإمريكي هنري كيسنجر للوصول إليها بعد حرب 1973.
قامت ليفني بخدمتها العسكرية الإلزامية في معهد لتأهيل الضابطات وحصلت على رتبة ملازم أول. بعد نهاية خدمتها الإلزامية سجلت نفسها لدراسة الحقوق في جامعة بار إيلان برمات جان. بين 1980 و1984 ، أوقفت دراساتها واشتغلت في "الموساد" (وكالة الاستخبارات الإسرائيلية)، ثم أكملت دراسة الحقوق وأصبحت محامية مستقلة. في 1983 تزوجت من المحامي نفتالي شْپيتْسِر.
لم تصل ليفنى الى هذه المرحلة من  حياتها السياسية -  واذا شئت  قل العسكرية - اعتباطا أو مصادفة  ، ولكنها تربت وتمرنت بصورة منهجية وبأحدث الوسائل العلمية ، وذلك منذ نعومة أظافرها لتقود الإسرائيليين فى يوم من الأيام لتحافظ على وطنهم المزعوم – فلسطين المغتصبة – واذا استطاعت تحقيق حلمهم الأعظم - اسرائيل الكبرى -  فذلك هوالهدف الأكبر .
المرأة فى اسرائيل شأنها شأن الرجل  ، فهى من واجبها ومن حقها أن تجَند الزاميا فى الجيش الإسرائيلى ، المرأة تقود الطائرة ..ضابط بالجيش ...مهندسة ..متحدثة باسم الجيش أو وزارة الخارجية ....على قمة وزارة سيادية ...المرأة هناك تشارك فى اتخاذ القرارات المصيرية للإسرائيليين ، فأىموقع يحلم به الرجل هناك ، فالمرأة لها أن تصل اليه دون معوقات .
أما الحال عندنا فى الدول العربية فالأمر مختلف ، المنظمات النسائية  ذات المرجعية الغربية - والتى تُفتح لها وسائل الإعلام  من أوسع الأبواب   ،  همها الأول المناداة الدائمة بمساواة المرأة بالرجل فى كل شىء حتى فى الميراث وفى القوامة وفى تولى جميع الوظائف والأعمال من رئيس الجمهورية الى العامل فى البلدية ، بغض النظر عن أن تلك الوظيفة طبيعتها مناسبة للمرأة أم لا .
قلما  تتحدث هذه المنظمات النسائية عن المشكلات الجوهرية المزمنة ، والتى طالما عانت منها المرأة العربية على مر التاريخ  مثل ارتفاع نسبة الأمية والجهل  والفقر والمرض  ووضعت جل اهتمامها للحديث عن  " الموضة " والأزياء وأدوات الزينة و" الإتيكيت "  - ولو كان مخالفا لشريعتنا وتقاليدنا - ، والأخطر من ذلك تراه حينما تتخذ هذه المنظمات احدى الممثلات العالمية قدوة للمرأة العربية بالرغم من أنها قد تحارب ديننا وتتهكم علينا وتقف مع أعدائنا فى قضايانا المصيرية .
المرأة العربية اذا تبوأت -  استثناء - منصبا مرموقا كسفيرة أو وزيرة ، فانها تتناسى ثوابت مجتمعها الدينية والعرفية ، فى ملابسها وفى طريقة حديثها وفى القضايا التى تهتم بها ، وتمكث فى منصبها وكأنها احدى المستشرقات جاءت الى بلادنا من الغرب لمهمة مشبوهة .
نعم للمرأة العربية فى أى مكان أو منصب مهما علا ، ولكن بشرط أن يكون هذا المنصب متناسبا مع طبيعتها كامرأة ، فنحن – العرب والمسلمين -  نحتاج اليها فى ميادين كثيرة كطبيبة ومربية واستاذة جامعة وفى التمريض وتعليم الصغار ومحو الأمية لأفراد المجتمع ،  والمشاركة الفعالة فى الزراعة والصناعة وخاصة فى المشروعات الإنتاجية الصغيرة والتى تتناسب وظروف الأسرة العربية ، فالمرأة هى عماد الأمة اذا صلحت صلحت الأمة كلها واذا فسدت فسدت الأمة بأسرها.
كتبها : محمد شوكت الملط
[email protected]