في تحول لافت يعكس عمق الانهيار الذي وصلت إليه "الجمهورية الجديدة"، خرج الإعلامي المقرب من دوائر السلطة، إبراهيم عيسى، ليطلق رصاصة الرحمة على السردية الحكومية حول الإصلاح الاقتصادي.
فمن منصته التي طالما استخدمت لتبرير السياسات الرسمية، طرح عيسى السؤال الذي يخشاه الجميع: "أين ذهبت الـ 161 مليار دولار؟".
لم يكن السؤال استفساراً بريئاً، بل إعلان إدانة صريح لنظام عبد الفتاح السيسي، متهمًا إياه بإغراق مصر في مستنقع ديون لا قاع له، وممارسة سياسة "اقتراض لسداد اقتراض" دون أي جدوى اقتصادية أو خطة حقيقية للإنقاذ، ليتحول "الإنجاز" المزعوم إلى ورطة تاريخية يدفع ثمنها المواطن من لحمه الحي.
"بنستلف عشان نسدد".. دوامة الفشل اللانهائية
شن عيسى هجومًا غير مسبوق على السياسة المالية لحكومة الانقلاب، واصفًا إياها بـ "العبثية". وأكد في برنامجه أن انخفاض الدين الخارجي رقمياً إلى 161.2 مليار دولار ليس إنجازاً كما تروج الحكومة، بل هو دليل على كارثة أكبر، وهي أن الدولة باتت تقترض فقط لتدفع فوائد قروض سابقة، في حلقة مفرغة من "تدوير الديون".
وأوضح عيسى بلهجة حادة أن هذه المليارات لم تنعكس على حياة الناس، قائلاً: "هل درسنا احتياجاتنا؟ هل هذه الأموال خلقت إنتاجاً؟ الإجابة لا. نحن نبيع أصول الدولة، من الذهب وحتى (الثلاجة والغسالة)، فقط لنؤجل لحظة الانفجار، بينما المواطن يطحن تحت عجلات الغلاء".
أين ذهبت ديون 161 مليار دولار ؟
— المدني اللي هنا (@M0831218) December 19, 2025
إبراهيم عيسى جاب آخره وأعلن فشل السيسي ونظامه pic.twitter.com/4pVwfphkCw
أكذوبة "البنية التحتية" أمام واقع الفقر
وفي تفنيده لمزاعم الحكومة بأن الديون ذهبت لبناء "بنية أساسية عظيمة"، تساءل عيسى بسخرية مريرة: "إذا كنا أنفقنا 550 مليار على البنية التحتية، فأين ذهب باقي الـ 161 مليار دولار؟ وأين الـ 120 مليار دولار الأخرى؟". هذا التساؤل يضرب في مقتل الرواية الرسمية التي تحاول تصوير الجسور والطرق كبديل عن التنمية الحقيقية.
ويشير تحليل عيسى، المدعوم بتقارير دولية، إلى أن هذه المشروعات "الاستعراضية" لم تولد عائداً دولارياً قادراً على سداد تكلفتها، بل تحولت إلى عبء إضافي، مما جعل مصر من بين أعلى دول العالم في نسبة الدين إلى الصادرات، وهو مؤشر خطير ينذر بـ "إفلاس غير معلن" يتم تغطيته ببيع أصول الدولة التاريخية.
النظام في "الإنكار".. ومصر "ألعن من سوريا والعراق"
لم يتوقف عيسى عند لغة الأرقام، بل تجاوزها إلى توصيف سياسي حاد، معتبراً أن الأزمة في مصر باتت "ألعن من سوريا والعراق" من حيث انسداد الأفق المعيشي. واتهم النظام بالعيش في حالة "إنكار مرضي"، حيث لا ترى السلطة سوى أبراج العاصمة الإدارية، بينما تغض الطرف عن الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يضرب عموم البلاد.
ويرى مراقبون أن خروج عيسى بهذا الخطاب يمثل "جرس إنذار أخير" من داخل معسكر النظام نفسه، ويعكس قناعة متزايدة حتى بين المؤيدين بأن استمرار سياسات السيسي الحالية لا يقود إلا إلى سيناريو واحد: الانهيار الشامل، وأن الحديث عن "تنمية" في ظل ديون تبتلع 93% من الناتج المحلي ليس سوى "بيع للوهم".

