رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ منذ 11 أكتوبر 2025، تتواصل الخروقات الإسرائيلية بوتيرة متصاعدة، في مشهد يعكس هشاشة الاتفاق ويُنذر بانهياره، وسط سقوط شهداء وجرحى، وتفاقم غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية والمعيشية للسكان، ولا سيما في ظل الظروف الجوية القاسية واستمرار الدمار الواسع.

 

وبحسب معطيات رسمية، بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر الماضي 395 شهيدًا و1088 مصابًا، فيما تم انتشال 634 جثمانًا من تحت أنقاض المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي خلال العدوان، في مؤشر دامغ على حجم الكارثة التي خلّفتها الحرب.

 

شهيد طفل ومصابون برصاص الاحتلال

 

ميدانيًا، استشهد طفل جراء انفجار جسم من مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي داخل منزل سكني يعود لعائلة “الصوري” في شارع الجعوني بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

 

وأفاد الدفاع المدني في غزة أن الطفل استشهد على الفور نتيجة الانفجار، في واحدة من أخطر تداعيات مخلفات الحرب التي ما تزال تحصد أرواح المدنيين، لا سيما الأطفال.

 

وأكدت مصادر محلية نقل جثمان الشهيد الطفل أحمد عبد الله محمود الصوري إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، وسط حالة من الغضب الشعبي والمخاوف المتزايدة من انتشار الأجسام غير المنفجرة في المناطق السكنية.

 

وفي جنوب القطاع، أعلن مجمع ناصر الطبي وصول مصابين اثنين أصيبا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة في مناطق بلدة بني سهيلا شرق مدينة خانيونس، في استمرار واضح لسياسة إطلاق النار رغم سريان الاتفاق. كما أفاد الدفاع المدني بإصابة فتى برصاص قوات الاحتلال شرق حي التفاح شرقي مدينة غزة، في ظل تصاعد التوترات الميدانية.

 

قصف جوي وبحري وإطلاق نار متكرر

 

وفي سياق الخروقات المستمرة، ذكرت مصادر محلية أن زوارق جيش الاحتلال أطلقت نيرانها في عرض البحر قبالة مدينتي خانيونس ورفح جنوب القطاع، دون ورود معلومات مؤكدة حتى اللحظة عن وقوع إصابات أو أضرار، في وقت يواصل فيه الصيادون معاناتهم نتيجة القيود والتهديدات الإسرائيلية.

 

كما شن طيران الاحتلال الحربي غارة جوية استهدفت المناطق الشرقية لمدينة خانيونس، بالتزامن مع إطلاق نار من آليات عسكرية إسرائيلية شمالي مدينة رفح، في مشهد يعكس تصعيدًا ميدانيًا يتناقض كليًا مع بنود وقف إطلاق النار.

 

أرقام صادمة وخروقات بالجملة

 

وفي وقت سابق، أعلنت حركة حماس أن عدد الخروقات الإسرائيلية منذ بدء الاتفاق في 10 أكتوبر 2025 تجاوز 813 خرقًا، بمعدل يقارب 25 خرقًا يوميًا، ووصفت الوضع بأنه “خطير جدًا” ويهدد استمرارية الاتفاق، محمّلة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا التصعيد.

 

من جانبها، أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع حصيلة ضحايا الإبادة الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 70,669 شهيدًا و171,165 إصابة. وأفادت بوصول شهيد واحد و13 إصابة إلى مستشفيات القطاع خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة.

 

وأكدت الوزارة أن أعدادًا أخرى من الضحايا ما تزال تحت الركام وفي الطرقات، بسبب العجز عن الوصول إليهم في ظل الدمار الواسع ونقص المعدات والآليات اللازمة لعمليات الإنقاذ، ما يفاقم من حجم المأساة الإنسانية.

 

تحذيرات دولية وأوضاع إنسانية كارثية

 

وفي السياق ذاته، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن الأحوال الجوية القاسية في قطاع غزة تؤدي إلى انهيار مبانٍ متضررة، ما يتسبب في خسائر جديدة في الأرواح بين السكان، خصوصًا في المناطق التي تعرضت لدمار واسع خلال العدوان.

 

وأكدت اللجنة أن تدهور الظروف المناخية يزيد من خطورة الأوضاع الإنسانية، داعية إلى الإسراع في إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية، لا سيما مستلزمات الإيواء الدائم، لحماية المدنيين والتخفيف من معاناتهم في ظل استمرار الأزمة.

 

ويعيش آلاف النازحين في قطاع غزة مأساة الغرق للمرة الثالثة، نتيجة المنخفض الجوي الثالث الذي يضرب الأراضي الفلسطينية، مصحوبًا بكميات كبيرة من الأمطار.

 

وأعلن المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل أن أكثر من 17 بناية سكنية انهارت بالكامل منذ بدء المنخفضات الجوية، ما أسفر عن استشهاد 17 مواطنًا، بينهم أربعة أطفال، بسبب البرد القارس وانهيارات المباني.