صوّت مجلس الأمن الدولي الليلة قبل الماضية على القرار رقم 2803، بشأن "الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية"، و"الخطة الشاملة لإنهاء الصراع في غزة".
وصوتت 13 دولة عضوًا في مجلس الأمن على القرار بشأن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تتبنى وقف إطلاق النار في غزة وتدعو الأطراف إلى الحفاظ عليه، بينما امتنعت الصين وروسيا عن التصويت.
وعلى الرغم من ترحيب رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بالقرار، لكن تقريرًا نشره موقع hakolhayehudi "الصوت اليهودي" الإخباري، قال إن التدقيق في القرار يظهر أنه بعيد كل البعد عن "النصر الكامل" الذي وعد به نتنياهو، ويثير مخاوف جدية بشأن إنجازات الحرب.
من سيحكم غزة؟
بموجب القرار، سيتم إنشاء كيان دولي يُسمى "مجلس السلام" لإدارة إعادة إعمار غزة، وسيعمل حتى تحل السلطة الفلسطينية محله بعد تنفيذ الإصلاحات.
وينص القرار على أن هذه الخطة تُمثل "مسارًا تكامليًا" لإقامة دولة فلسطينية، وأن الولايات المتحدة ستشجع "الحوار" بين إسرائيل والفلسطينيين.
وفي إطار مجلس السلام هذا، سيتم تشكيل لجنة من "التكنوقراط الفلسطينيين"، والذين سيمثلون الحكومة الفعلية لغزة. علمًا بأن حماس أعلنت بالفعل أنها لا تريد حكم غزة رسميًا، وأنها تنوي محاولة تنصيب أشخاص موالين لها كـ"تكنوقراط".
لكن ترامب لم يُحدد من سيكون أعضاء "مجلس السلام" باستثناء رئاسته له. بينما نصت مقدمة القرار على ترحيب مجلس الأمن بالدور الذي تلعبه "الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر".
الطريق إلى دولة فلسطينية
تنص الخطة على أن تشكيل حكومة فلسطينية "تكنوقراط" في غزة، ودخول السلطة الفلسطينية إليها مستقبلًا "بعد الإصلاحات"، سيُشكلان "مسارًا مُلهمًا نحو دولة فلسطينية".
كما يُقر القرار بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، وينص على أن الولايات المتحدة ستُشجع الحوار بين "إسرائيل" والفلسطينيين.
زعم الصحفي أميت سيجال أن القرار "يُحسّن الوضع فيما يتعلق بفكرة الدولة الفلسطينية"، لأنه لا يربط الضفة الغربية بغزة، ويُحدد جهة أخرى غير السلطة الفلسطينية في غزة.
أعرب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن" عن سعادته بالقرار، وحثّ الدول العربية على دعمه.
بينما تزعم "إسرائيل" أن الإصلاحات في السلطة الفلسطينية وهمية، ولكن على أرض الواقع بدأت السلطة الفلسطينية باتخاذ خطوات هدفها الواضح هو الحصول على الموافقة الأمريكية على تنفيذ الإصلاحات.
القوة الأمنية الدولية
ينص القرار على أن "مجلس السلام" نفسه سيُنشئ "قوة استقرار دولية" (ISF)، التي ترغب الولايات المتحدة، وفقًا لتقارير أمريكية، في نشرها بحلول يناير، ومهمتها "ضمان نزع السلاح من غزة".
ستعمل القوة الأمنية، وفقًا للقرار، "بالتشاور والتنسيق الوثيق مع جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل"، مما يُفقد "إسرائيل" عمليًا القدرة على العمل بحرية في قطاع غزة، وتصبح خاضعة ليس فقط للولايات المتحدة، بل أيضًا لمصر، بحسب التقرير.
ووفقًا للقرار، مُنحت القوة الدولية تفويضًا للعمل حتى نهاية عام 2027، أي لمدة عامين. ووفقًا لمسودة القرار المُسربة (لم تُنشر صيغتها النهائية بعد)، تشمل صلاحيات القوة أيضًا "حماية المدنيين".
وتساءل التقرير: "ماذا سيحدث عندما تُطلق حماس صواريخ منفردة من قلب مدينة سديروت باتجاهها؟ هل ستتمكن إسرائيل من الرد، أم ستضطر إلى التعامل مع قوة دولية تحمي سكان غزة؟".
واعتبر أن هذا مجرد أحد الأسئلة الصعبة التي يطرحها القرار الذي ينهي حرية العمل الإسرائيلية في غزة والمواجهة التي سيتعين على جنود الجيش "الإسرائيلي" القيام بها لتنفيذ أي مهمة أمنية ضد قوة دولية لديها سلطة إطلاق النار.
الانسحاب الإسرائيلي
وفقًا لقرار مجلس الأمن، يتعين على "إسرائيل" الانسحاب "وفقًا لمعالم متفق عليها وعمليات نزع السلاح"، مع سيطرة القوة الدولية على الأراضي حتى محيطها.
صلاحيات القوة الدولية
بخلاف قوات "حفظ السلام"، مثل اليونيفيل في لبنان، فإن التفويض الممنوح من مجلس الأمن هو تفويض إنفاذي ذي سلطة تنفيذية. من جهة، يُفترض أن يُساعده هذا على التحرك ضد حماس - لكن في الواقع، لا تنوي أيٌّ من الدول التي يعتمد عليها ترامب التحرك عسكريًا ضد حماس.
فيما يقول التقرير العبري إنه من جهة أخرى، فإن "القانون الدولي يُجيز لإسرائيل التحرك دفاعًا عن نفسها، إلا أن أي إجراء سيتطلب تنسيقًا وسيخضع لمراجعة قانونية من قبل قوة دولية، بينما تتمتع مصر بنفوذ كبير لعرقلة نشاط الجيش الإسرائيلي".
تدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة
وفقًا للمسودة، "ستحمي القوة المدنيين، وتُسهّل وتُنسّق مرور المساعدات الإنسانية، وتدعم قوة شرطة فلسطينية مُدرّبة ومُراقَبة تعمل تحت إشراف".
ووفقًا للقرار، يجب فحص سجلات الشرطة وعدم ارتباطها بمنظمات "إرهابية"، ولكن عمليًا، ليست إسرائيل هي المسؤولة عن ضمان ذلك، كما يقول التقرير.
بمعنى آخر، إذا كانت لدى "إسرائيل" معلومات تفيد بتسلل عناصر من الشرطة الفلسطينية المُسلّحة إلى حماس، فستُضطر إلى اللجوء إلى قوة الأمم المتحدة.
ووفقًا لخطة ترامب الأصلية، "ستتشاور القوة مع مصر والأردن" بشأن تدريب الشرطة الفلسطينية الجديدة في غزة.
تجدر الإشارة إلى أنه، وفقًا لتقارير مُختلفة، بدأ هذا التدريب بالفعل في مصر والأردن، بالتعاون الكامل مع السلطة الفلسطينية.
كما أن كون هؤلاء ضباط شرطة تابعين للسلطة الفلسطينية يُعزّز حقيقة أنهم في الواقع ضباط شرطة تابعون للسلطة الفلسطينية في ضوء تقارير من الاتحاد الأوروبي تُفيد بأنه يعتزم تدريب آلاف ضباط الشرطة نيابةً عن السلطة الفلسطينية على العمليات في غزة.
المساعدات الإنسانية
ينص القرار على "تجديد كامل" للمساعدات الإنسانية من خلال المنظمات المتعاونة، بما في ذلك الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، مع وعدٍ باستخدامها حصرًا للأغراض السلمية وعدم تحويلها من قِبل المنظمات المسلحة.
إضافة إلى ذلك، مُنح "مجلس السلام" صلاحية إنشاء هيئات قانونية مختلفة، تُعنى بالخدمات العامة والإنسانية في غزة. بمعنى آخر، يُفترض أن تُشكل "إدارة مدنية دولية"، مما يُقلل من سيطرة "إسرائيل" على إغلاق المعابر في حال وقوع نشاط إرهابي مقارنةً بالماضي، ويُعتبر أي تقليص في دخول المساعدات انتهاكًا لقرار مجلس الأمن.
إضافةً إلى ذلك، ولأن "مجلس السلام" هو الذي يُنشئ المنظمات الدولية، فلن يكون لـ "إسرائيل" سلطة تنسيق دخول المساعدات وتحديد المنظمات التي تدخل منها، ما اعتبره التقرير أنه سيسمح لجماعة "الإخوان المسلمين" بتوجيه المساعدات إلى "حماس" بطرق مُعقدة أكثر مما تفعله اليوم.
إضافة إلى ذلك، وبسبب سيطرتها على "الطرق الإنسانية"، ستُقيد حرية عمل الجيش "الإسرائيلي". وأي نشاط من هذا القبيل سيكون حدثًا دوليًا، وسيعزز الحملة الرامية إلى فقدان الشرعية أمام "إسرائيل".
الدخول والخروج من غزة
تتضمن مسودة القرار بنودًا إضافية قد تُثير إشكاليات، تتعلق بسلطة "مجلس السلام الدولي" على حركة الأشخاص من غزة وإليها. وتتضمن الخطة بندًا يسمح لحماس بمنح العفو لكل من يرغب في مغادرة غزة.
تقسيم غزة
تقترح الخطة أيضًا إمكانية تقسيم غزة إذا لم يتم حشد القوة اللازمة لتفكيك حماس. ستُنفذ الخطة في "مناطق خالية مما يسمى بـ "الإرهاب" تُنقل من الجيش "الإسرائيلي" إلى قوات الأمن الإسرائيلية".
وخلص التقرير إلى أنه نظريًا، فإن الخطة تضمن إنهاء الحرب، ونزع سلاح غزة، وإعادة إعمار سخية - مقابل تفكيك القوة العسكرية لـ "حماس".
بينما عمليًا، اعتبر أن هذه الخطوة تُرسي حكمًا دوليًا أمريكيًا إقليميًا على غزة بتفويض تنفيذي، وتُمهّد الطريق رسميًا نحو دولة فلسطينية، وتمنح العفو لنشطاء "حماس"، وتُضعف أدوات الضغط "الإسرائيلية" في مجال المساعدات والمعابر، وتُدخل قوة دولية إلى القطاع لمرافقة أي عملية للجيش "الإسرائيلي".
https://www.hakolhayehudi.co.il/item/security/%D7%9E%D7%94_%D7%9B%D7%95%D7%9C%D7%9C%D7%AA_%D7%94%D7%97%D7%9C%D7%98%D7%AA_%D7%94%D7%90%D7%95_%D7%9D__%D7%A0%D7%99%D7%AA%D7%95%D7%97_%D7%A9%D7%9C_%D7%94%D7%97%D7%9C%D7%98%D7%AA_%D7%94%D7%90%D7%95_%D7%9D_%D7%A2%D7%9D_%D7%9B%D7%9C_%D7%AA%D7%9E%D7%A8%D7%95%D7%A8%D7%99_%D7%94%D7%90%D7%96%D7%94%D7%A8%D7%94_

