في ظل فوضى اقتصادية شاملة وغياب كامل لأي رؤية حكومية واضحة، أطلقت شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية تحذيرًا صارخًا من خروج الآلاف من صغار مربي الدواجن من السوق، بعد تكبدهم خسائر فادحة نتيجة الانهيار المفاجئ في أسعار البيض.

 

ورغم أن الأزمة تتصاعد يومًا بعد يوم، إلا أن حكومة الانقلاب تواصل صمتها المريب، تاركة قطاعًا حيويًا ينهار أمام أعينها، دون تدخل يذكر، ما ينذر بكارثة غذائية قريبة، ستكون نتائجها وخيمة على الأمن الغذائي للمواطن المصري.

 

فوضى تسعير وتجاهل رسمي.. البيض يباع بأقل من تكلفة إنتاجه

 

أكدت شعبة المواد الغذائية في بيان رسمي أن آلاف المربين مهددون بالإفلاس بعد أن تراجعت أسعار البيض بشكل غير مبرر، ليصل سعر الطبق في بعض المناطق إلى ما دون 100 جنيه، وهو رقم يقل كثيرًا عن تكلفة الإنتاج الحقيقية.

 

المشكلة لم تعد مرتبطة فقط بارتفاع الأعلاف أو ضعف السيولة، بل تكمن في غياب منظومة تسعير واضحة وعادلة، وافتقار السوق إلى أدوات تنظيم تضمن حماية المنتج والمستهلك على حد سواء.
حكومة الانقلاب، كالعادة، تتفرج بصمت، بينما القطاع ينزف.

 

نداءات استغاثة: المربون يطالبون بتدخل عاجل.. ولا حياة لمن تنادي

 

المربون الصغار، وهم الشريحة الأكثر تضررًا، أطلقوا مناشدات عاجلة لحكومة الانقلاب للتدخل السريع ووضع سعر عادل للبيض يحتسب تكلفة الإنتاج ويوفر هامش ربح بسيط يضمن استمرارهم في السوق.

 

لكن، وكما هو متوقع، لم تأتِ أي استجابة رسمية حتى الآن، ما يزيد من معاناة المربين ويهدد بحدوث موجة خروج جماعي من السوق، ستكون نتيجتها ارتفاعًا جنونيًا في الأسعار قريبًا بسبب نقص المعروض واحتكار الكبار للسوق.

 

رئيس جمعية التجار: غياب التنظيم وراء الانهيار

 

صرّح حازم المنوفي، رئيس جمعية عين لحماية التاجر والمستهلك وعضو شعبة المواد الغذائية، أن الأزمة لا تتعلق بأسعار الأعلاف كما تدّعي الحكومة، بل ناتجة عن فوضى التسويق وانعدام الرقابة، وغياب أدوات شفافة لضبط السوق.

 

وطالب المنوفي بإنشاء بورصة سلعية إلكترونية للبيض ومنتجات الغذاء الأساسية، تضمن تسعيرًا عادلًا وشفافًا، وتحد من تقلبات السوق العشوائية، وتحمي صغار المنتجين من الانهيار.

 

لكن الدعوات لم تجد أي صدى في أروقة السلطة التي لا تهتم إلا بالجباية والسيطرة على مفاصل الاقتصاد دون توفير أي حلول.

 

صغار المربين في مهب الإفلاس.. ومن القادم في طابور الانهيار؟

 

الخطر الحقيقي ليس فقط في إفلاس صغار المربين اليوم، بل في تبعات هذا الانهيار:

 

  1. انكماش الإنتاج المحلي للبيض
  2. اعتماد أكبر على الاستيراد بالعملة الصعبة
  3. ارتفاع جنوني مرتقب في الأسعار
  4. احتكار السوق من قبل حفنة من الكبار المحسوبين على السلطة

 

بهذا الشكل، تتحول الحكومة من جهة مسؤولة عن حماية الاقتصاد، إلى أداة مباشرة في تدميره، عبر تجاهلها المتعمد لأزمة تتطور بشكل سريع وخطير.

 

تدخل حكومي أم تفجير جديد في الأسعار؟

 

المنوفي أكد أن التدخل الحكومي الفوري بات حتميًا، سواء عبر تحديد سعر عادل، أو فتح أسواق تصديرية، أو دعم صغار المربين، لكن الحكومة لا تزال تسير في طريق "التجاهل الممنهج"، الذي يعكس قناعة بأنها لا ترى المواطن الصغير جزءًا من معادلة الاقتصاد.

 

ومع خروج المزيد من المنتجين، لن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن يرتفع سعر طبق البيض إلى 150 جنيهًا وربما أكثر، وحينها لن يفيد البكاء على اللبن المسكوب... أو البيض المسروق.

 

ختاما توشك صناعة البيض في مصر على الانهيار، وصغار المربين على الإفلاس، والمستهلك على الذبح من جديد، بينما حكومة الانقلاب تتجاهل الكارثة، وتكتفي بمشاهدة السوق ينهار كما انهارت من قبله الصحة، والتعليم، والزراعة، وسعر الجنيه.

 

وإذا لم يكن هذا المشهد كافيًا لإطلاق أجراس الخطر، فمتى ستستفيق الدولة؟

 

أم أن الإفلاس الكامل للمنتج الوطني هو جزء من خطة إحلال الاستيراد، وتمكين الكبار، وتصفية صغار المنتجين؟

 

الأسئلة كثيرة... لكن الأجوبة، كالعادة، غائبة أو مختبئة خلف جدران السلطة الصامتة.