تعكس اهتمامًا حقيقيًا بقضايا حقوق الإنسان، قام النائب مصطفى بكري بطعن قانوني ضد قرارات الفصل الجائرة التي طالت المئات من الموظفين العاملين في مختلف القطاعات بسبب نتائج تحاليل المخدرات غير المبررة. هذه القضية تفتح باب الأمل أمام العديد من المفصولين الذين يعانون من أزمات حادة نتيجة لتطبيق تحليل المخدرات بشكل صارم، رغم أنهم يتناولون علاجات طبية للأمراض المزمنة مثل التهابات العظام والجيوب الأنفية، مما يؤدي إلى تشابه نتائج تحاليلهم مع تلك الخاصة بالمخدرات.
خلفية المعاناة: تشرد وفقدان الأمل
على مدار سنوات، عانى العديد من العاملين في قطاعات مختلفة من فصول تعسفية بسبب نتائج تحليل المخدرات التي تبين أنهم يتناولون أدوية قد تكون تحتوي على مواد تشابه المخدرات. هذا الأمر تكرر بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، ما جعل مئات الموظفين في حالة من التشرد والحرمان من مصادر رزقهم. العديد من هؤلاء المفصولين هم من الموظفين في قطاعات حكومية وخاصة، تعرضوا للإيقاف عن العمل بسبب نتائج تحاليل لا تحمل في طياتها أي دلالة على تعاطي المخدرات، وإنما نتيجة لاستخدام علاجات طبية قانونية.
الأمر لم يقتصر على فقدانهم لوظائفهم فقط، بل امتد ليشمل التشرد لعائلاتهم وتدهور أوضاعهم المعيشية. فقد توفى بعضهم نتيجة الاكتئاب والانهيار النفسي، بينما زج ببعضهم الآخر في السجون بتهم غير مستحقة تتعلق باستخدام مواد محظورة، رغم أنهم كانوا يتناولون أدوية مشروعة وموصوفة طبيًا. هذا التفاوت بين التحليل الطبي والأدوية الموصوفة جعل الحكومة تتحمل مسؤولية كبيرة في تطبيق قوانين تحاليل المخدرات بشكل عشوائي وغير مدروس.
خطوة قانونية نحو العدالة
أخذ النائب مصطفى بكري زمام المبادرة في قضية هؤلاء المفصولين، وقرر أن يرفع طعنًا قانونيًا ضد التشريعات الحالية التي تسمح بإيقاف الموظفين بناءً على نتائج تحليل المخدرات دون مراعاة السياق الطبي. قدّم بكري، الذي يعرف عنه نضاله في الدفاع عن حقوق المواطن المصري، الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا مطالبًا بإلغاء قرارات الفصل الظالمة وتعويض المتضررين. وأكد بكري أن العديد من الموظفين تم فصلهم بشكل جائر لمجرد أنهم تناولوا أدوية طبية تحتوي على مواد قد تسبب نتائج تحليل تشبه المخدرات، مثل الأدوية المخصصة لعلاج التهابات العظام والجيوب الأنفية، أو بعض العلاجات المستخدمة في علاج الألم المزمن.
وصف بكري في طعنه القانوني أن هذا النوع من الإجراءات يؤدي إلى تدمير حياة المواطنين الأبرياء، وهو يتعارض تمامًا مع الحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتع بها كل موظف في الدولة. كما طالب بكري بضرورة تعديل القوانين لتصبح أكثر وضوحًا وتحدد كيفية التعامل مع هذه الحالات بدقة واهتمام أكبر من قبل الجهات المعنية.
آراء الحقوقيين حول القضية
يرى العديد من الحقوقيين أن قضية الفصل بسبب نتائج تحاليل المخدرات تتجاوز كونها مجرد مشكلة قانونية، بل هي مشكلة إنسانية حقيقية تتعلق بحقوق المواطن الأساسية. فقد أشار الحقوقي محمد عبد الله إلى أن هذه الإجراءات تُعد مخالفة لحقوق الإنسان، حيث يتم معاقبة الأشخاص على تناول أدوية موصوفة طبيًا بشكل قانوني. وأضاف أن الكثير من المواطنين الذين عانوا من هذه القرارات يواجهون الآن تحديات كبيرة في إثبات براءتهم.
وأشار الحقوقي أحمد حسين إلى أن القوانين الحالية تفتقر إلى الحس الإنساني، حيث أنها لا تأخذ في الاعتبار الحالات الطبية الاستثنائية التي قد تُسبب نتائج تحليل مشابهة لتلك التي يُسجلها متعاطو المخدرات. وأضاف أن هذه الممارسات يجب أن تُعالج من خلال تعديل تشريعي يُحسن التعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين تم فصلهم بشكل تعسفي، وفتح الأفق أمامهم للحصول على تعويضات وحماية قانونية.
من جانبه، أكد الحقوقي جمال عبد العزيز أن المحاكم الإدارية يجب أن تكون أكثر حذرًا عند التعامل مع هذه القضايا وأن توازن بين المصالح العامة وحقوق الأفراد. وقال عبد العزيز إن قرار مصطفى بكري بالطعن في هذه القوانين سيكون له تأثير إيجابي في رفع الوعي الحقوقي ويشكل نقطة تحول في كيفية تعامل الحكومة مع هذه القضية.
الخلاصة
إن الطعن القانوني الذي تقدم به النائب مصطفى بكري يمثل خطوة هامة نحو تحقيق العدالة لآلاف المواطنين الذين تم فصلهم بغير حق بسبب نتائج تحاليل المخدرات التي اعتمدت على العلاجات الطبية القانونية. كما أن هذه القضية تكشف عن حاجة ماسة لتطوير التشريعات المتعلقة بتطبيق تحاليل المخدرات على الموظفين، بحيث تأخذ بعين الاعتبار الحالات الطبية الخاصة التي قد تؤثر على نتائج التحاليل. في ظل هذه المعركة القانونية، يبقى الأمل في أن يحقق هؤلاء المفصولون العدالة، ويُعاد لهم كرامتهم وحقوقهم التي سلبت منهم نتيجة لتطبيق قوانين غير عادلة.

