توصلت دراسة حديثة إلى أن الآباء الأكبر سنًا هم أكثر عرضة لنقل الطفرات المسببة للأمراض إلى أطفالهم.
يأتي ذلك فيما أظهرت دراسات سابقة، أن الأمهات الأكبر سنًا يواجهن خطرًا أكبر للإصابة بالعيوب الخلقية، لأن جودة بويضاتهن قد تجعلهن أكثر عرضة للتشوهات الكروموسومية.
واكتشف باحثون بريطانيون تابعوا عشرات الرجال الأصحاء، وجود علاقة بين تأخر الإنجاب لدى الرجال ونقل العديد من الطفرات الضارة إلى الأطفال دون علمهم.
وأظهرت اختبارات الحمض النووي أن حوالي واحد من كل 50 حيوان منوي من الرجال في أوائل الثلاثينيات من العمر يحمل طفرات مسببة للأمراض.
مع ذلك، ارتفعت هذه النسبة إلى ما يقرب من واحد من كل عشرين في الفئة العمرية ما بين 43 و70 عامًا، وفق ما ذكرت صحيفة "ديلي ميل".
ويقول الباحثون، الذين وصفوا البحث بأنه "مهم"، إن النتائج تظهر "بشكل واضح" أن الآباء الأكبر سنًا لديهم "خطر أعلى لنقل المزيد من الطفرات المسببة للأمراض" ويجب على الآباء المحتملين أخذ هذا في الاعتبار.
أعداد الحيوانات المنوية
إلى ذلك، أظهرت مجموعة متزايدة من الأبحاث، أن أعداد الحيوانات المنوية - التي تعد مقياسًا لخصوبة الذكور - آخذة في الانخفاض أيضًا على مستوى العالم، حيث تظهر بعض التقديرات انخفاضًا يصل إلى 60 في المائة في أقل من جيل.
وقبل عام 2000، أظهرت الدراسات أن متوسط عدد الحيوانات المنوية ينخفض بنحو واحد في المائة كل عام، إلا أنه ومنذ ذلك الحين، تضاعف معدل الانخفاض.
وقال الدكتور ماثيو نيفيل، عالم الأحياء الحاسوبية في معهد ويلكوم سانجر في كامبريدج، والمؤلف المشارك في الدراسة: "لقد توقعنا العثور على بعض الأدلة على الطفرات التي تشكل الاختيار في الحيوانات المنوية. ما أدهشنا هو مدى تأثيره على عدد الطفرات الحاملة للحيوانات المنوية المرتبطة بأمراض خطيرة".
وقال البروفيسور مات هيرلز، مدير معهد ويلكوم سانجر والمؤلف المشارك في الدراسة: "تكشف نتائجنا عن وجود خطر وراثي خفي يزداد مع تقدم عمر الأب".
وأضاف: "بعض التغييرات في الحمض النووي لا تبقى فقط بل تزدهر داخل الخصيتين، مما يعني أن الآباء الذين ينجبون في وقت متأخر من الحياة قد يكونون دون علمهم أكثر عرضة لخطر نقل طفرة ضارة إلى أطفالهم".
الحيوانات المنوية الأنانية
واستخدم الباحثون خلال الدراسة، تقنية تسلسل الحمض النووي لتحليل أكثر من 1000 حيوان منوي من 81 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 24 و75 عامًا.
وهو ما سمح بتحديد مجموعة واسعة من الطفرات في أكثر من 40 جينًا تعمل على تحفيز الخلايا الجذعية للحيوانات المنوية للتحور، وهي ظاهرة أطلق عليها بعض الخبراء اسم "الحيوانات المنوية الأنانية".
اكتشف الباحثون أن حوالي 2 بالمائة من الحيوانات المنوية للرجال في أوائل الثلاثينيات من العمر تحمل طفرات مسببة للأمراض.
ارتفعت النسبة إلى ما بين 3 و5 في المائة لدى الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 43 و74 عامًا.
ومن بين المشاركين الذين يبلغون من العمر 70 عاما، احتوى 4.5 في المائة من الحيوانات المنوية على طفرات ضارة، مما يظهر وجود صلة واضحة بين العمر والمخاطر الجينية على النسل.
وكتب الباحثون في مجلة "نيتشر"، أن هذه الزيادة لم تكن ناجمة فقط عن أخطاء عشوائية في الحمض النووي تتراكم بمرور الوقت.
بدلاً من ذلك، يبدو أن شكلاً دقيقًا من الانتقاء الطبيعي داخل الخصيتين يعطي بعض الطفرات ميزة تكاثرية، مما يسمح لها بأن تصبح أكثر انتشارًا أثناء تكوين الحيوانات المنوية.
وتم ربط الطفرات في الجينات الأربعين بأمراض مثل التوحد وزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
لكن الباحثين حذروا أيضًا من أنه على الرغم من ارتفاع عدد الحيوانات المنوية التي تحمل طفرات ضارة مع تقدم العمر، فإنه ليس كل واحدة من هذه الطفرات يمكن أن تؤدي إلى الحمل.
قد تمنع بعضها الإخصاب أو النمو الطبيعي للجنين، في حين أن بعضها الآخر قد يسبب الإجهاض.
وأضافوا أن إجراء المزيد من الأبحاث أمر حيوي لتحديد كيفية تأثير العدد المتزايد من طفرات الحيوانات المنوية على نتائج صحة الأطفال.
إنتاج الحيوانات المنوية
على عكس النساء، اللاتي يولدن بكل البويضات التي سيحتفظن بها طوال حياتهن، يبدأ الرجال في إنتاج الحيوانات المنوية بين سن العاشرة والثانية عشرة ويستمرون في القيام بذلك لبقية حياتهم.
يقوم الرجل العادي بإنتاج ملايين الخلايا المنوية كل يوم، والتي تستغرق بعد ذلك حوالي ثلاثة أشهر حتى تنضج بشكل كامل. لكن على الرغم من قدرتها على البقاء خارج الجسم، فإن خلايا الحيوانات المنوية هشة بشكل مدهش.
قد يكون للتغيرات الصغيرة في كيمياء الجسم تأثير عميق على قدرتها على الحركة والنمو وتخصيب البويضة. وأي تحول في كمية الحيوانات المنوية في كمية معينة من السائل المنوي - عدد الحيوانات المنوية - يمكن أن يؤثر على قدرة الرجل على إنجاب طفل.