أثارت تصريحات حسام بدراوي القيادي في الحزب الوطني المنحل بأن حركة حماس كانت ضالعة في "موقعة الجمل" التي وقعت في 2 فبراير 2011، والتي شهدت اشتباكات بين الثوار وقوات الأمن الموالية للنظام، ما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المواطنين، مؤكدا أن "حماس منظمة متطرفة تشبه إسرائيل في تصرفاتها"، وهو ما أثار موجة من الانتقادات. من جهة أخرى، انتقد الإعلاميون والمحللون هذه التصريحات، مشيرين إلى أنها تفتقر إلى الأدلة والمستندات، واعتبروا أنها محاولة لتشويه صورة حماس.

 

هذه التصريحات تثير العديد من الأسئلة حول ما إذا كان بدراوي يسعى إلى "التصالح" مع النظام الحالي بعد سنوات من الانتقادات السياسية، أم أنها مجرد تصريحات تنبع من محاولات التأثير على الوضع السياسي في البلاد.

 

ردود الفعل الإعلامية والسياسية على تصريحات بدراوي


سخرية


ردًا على تصريحات بدراوي، وصف الصحفي سليم عزوز، في مقال له على موقعه الإلكتروني، التصريحات بأنها "مضللة" واعتبرها "محاولة لإلقاء اللوم على طرف خارجي لتبرئة النظام الحاكم من مسؤولية أحداث يناير".

 

وتابع " طالما وصلت للمرحلة هذه فلا تأتين الى المجال العام إلا بحضور ولي أمرك".


 

 

ومن جهته قال السياسي يحيى غنيم " لست غاضبًا من د حسام بدراوى لكذبه وتدليسه، ولا لوقاحته فى إرادته لتلويث حماااس بالباطل، ولكن مايجعلنى ألعن آباءه وأجداده هو وأشباهه من المسؤولين في دولة العسكر هو تعمدهم الكذب والتضليل للشعب المصري حتى يخلقوا تاريخًا مشوهًا وعقولًا مشوهة وبشرًا لايعرفون مايرفع الأوطان ومايهوى بها إلى الجحيم! إذا كانت هذه عقلية:دكتور وأمين عام الحزب الحاكم وأحد العقلاء الذين أرادوا به أن يحتووا ثورة يناير! فكيف يكون السفهاء والمعرضين والمطبلاتية والمتسلقين؟! رحمتك يارب بالشعب المسكين.".
 

 

تساؤلات حول دوافع التصريحات

 

وفي سياق متصل، قال الصحفي محمد ناصر في برنامجه "مصر النهاردة" إن تصريحات بدراوي قد تكون جزءًا من "محاولة لتقليل تأثير الانتقادات التي وجهها النظام ضده في الماضي". وأضاف ناصر: "تصريحات بدراوي تأتي في وقت يشهد تناقضات سياسية كبيرة في مصر، وقد يكون جزءًا من محاولة لإعادة تأهيل نفسه لدى النظام الحاكم". كما أكد ناصر أن التوقيت الذي ظهرت فيه التصريحات يثير الكثير من التساؤلات حول نوايا بدراوي.

 

حماس ترد: نفي التورط في موقعة الجمل

 

ردًا على تصريحات بدراوي، أصدرت حركة حماس بيانًا صحفيًا نفت فيه أي تورط لها في أحداث "موقعة الجمل". أكدت الحركة أن "هذه الادعاءات لا تستند إلى أي حقائق أو أدلة واقعية"، مشيرة إلى أن "حماس ليست طرفًا في هذه الأحداث، وأنها كانت وما زالت تركز على قضيتها المركزية في فلسطين". كما أضافت الحركة أن "تكرار هذه الاتهامات دون دليل هو محاولة فاشلة لتشويه صورة حماس في عيون المصريين".

 

وقد أثار رد حماس موجة من التأييد والتضامن من قبل مؤيديها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل الكثير من الأشخاص مع البيان، داعين إلى ضرورة أن تكون هناك شفافية في تناول الأحداث التاريخية والابتعاد عن التلاعب بالحقائق.

 

تصريحات بدراوي محكومة بالضغط السياسي

 

أحمد عبد الله، الخبير السياسي المعروف، أشار إلى أن "تصريحات بدراوي قد تكون جزءًا من محاولات البعض لتأمين مكان لهم في النظام السياسي بعد تراجع بعض القوى المعارضة". وأضاف عبد الله أن "الضغط السياسي الذي يُمارس على الشخصيات التي كانت جزءًا من النظام السابق قد يجعلهم يدلون بمثل هذه التصريحات لتقديم أنفسهم كأدوات طيعة في يد السلطة القائمة". ورأى عبد الله أن بدراوي قد يكون يسعى إلى "إعادة تأهيل نفسه سياسيًا" بعد فترة من الغياب.

 

تحليل سياسي للتصريحات

 

من جانبه، أكد المحلل السياسي وائل سعيد أن "بدراوي قد يكون تحت ضغط داخلي وخارجي، وتصريحاته تأتي ضمن لعبة سياسية تهدف لتقليل تأثير الانتقادات التي وجهها النظام ضده في الماضي". وأوضح سعيد أن "التصريحات قد تكون جزءًا من محاولة جديدة للابتعاد عن دائرة المعارضة والمساهمة في تقليل حدة التوتر بين القوى السياسية في مصر". وأشار سعيد إلى أن "التصريحات تنطوي على الكثير من الأسئلة حول توقيتها والظروف التي دفعت بدراوي للحديث بهذه الطريقة".

 

دوافع سياسية أم ضغوط خارجية؟

 

في النهاية، تظل تصريحات حسام بدراوي محل جدل واسع. هل هي محاولة لتأهيل نفسه سياسيًا بعد فترة من الغياب؟ أم أن هناك ضغوطًا من داخل أو خارج النظام دفعته للإدلاء بهذه التصريحات؟ لا شك أن التوقيت الذي صدرت فيه هذه التصريحات والأحداث السياسية التي تمر بها البلاد يعكس حجم التعقيد السياسي في مصر، مما يترك المجال لتفسيرات متعددة حول دوافع بدراوي.

 

مع استمرار القضايا السياسية في التأزم، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه التصريحات تأتي في سياق محاولات لتأمين مكان داخل النظام أم أنها مجرد رد فعل على ضغوط محيطية تتزايد من جميع الجهات.