في الوقت الذي عمت فيه الفرحة أرجاء غزة وارتسمت فيه ابتسامات الأمل على وجوه الملايين حول العالم ترحيباً باتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حرباً مدمرة، كانت شاشة "سكاي نيوز عربية" التي تبث من الإمارات مسرحاً لمشهد مختلف تماماً، مشهد بدا أقرب إلى مجلس عزاء منه إلى تحليل إخباري. في جلسة كشفت عن عمق الأماني الدفينة، لم يتمكن الإعلامي المصري عماد الدين أديب ومدير عام القناة اللبناني نديم قطيش من إخفاء خيبة أملهما وحسرتهما من نجاة حركة حماس وبقائها كقوة فاعلة على الأرض.
"أنا مكتئب": اعتراف صريح بخيبة الأمل
في مقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، وبحضور نديم قطيش، أعلن عماد الدين أديب صراحة عن حالته النفسية بعد الاتفاق قائلاً: "أكثر شيء أزعجني وأصابني باكتئاب، هو استمرار حماس في الفترة المقبلة". هذا الاعتراف الصادم، الذي جاء بعد أشهر من القتل والتدمير وأكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني، لم يكن زلة لسان، بل كان تعبيراً صادقاً عن حلم طالما راود هذا التيار الإعلامي والسياسي: أن تكون هذه الحرب هي الضربة القاضية التي لا تقضي فقط على حماس، بل على فكرة "الإسلام السياسي" برمتها في المنطقة.
لم يكن أديب وحده في هذا الشعور، بل شاركه فيه قطيش الذي بدا متجهماً وهو يستمع إلى تحليل أديب الذي هاجم فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليس لأنه لم يوقف الحرب، بل لأنه لم يكملها حتى النهاية. بحسب أديب، فإن ترامب "أطلق النار على قدميه" عندما سمح لحماس بالبقاء والتعامل مع من وصفهم بـ"العصابات الإجرامية على الأرض"، معتبراً أن ترامب أضاع فرصة تاريخية للقضاء على الحركة.
عماد الدين أديب ونديم قطيش مكتئبان (شاهد)!
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) October 14, 2025
ثلاث دقائق إذا أسعفك الوقت، وتحمّلت أعصابك!
الاتفاق الأخير الذي أوقف الحرب أصاب المذكوران بالاكتئاب، فقد كانا يحلمان بأنه سيُعلن نهاية "حماس" و"الإسلام السياسي".
نيران الحقد والحسد تحرق أصحابها.
نتحدّث عن الدنيا، حتى لا نُتّهم بالتكفير! pic.twitter.com/FcTysXoJG8
ردود فعل غاضبة: "نيران الحقد تحرق أصحابها"
أثارت هذه التصريحات موجة سخط عارمة في الأوساط العربية. ففي الوقت الذي كانت فيه دول مثل السعودية ومصر والأردن والإمارات نفسها ترحب رسمياً بالاتفاق وتثني على جهود الوسطاء ، كان إعلاميون بارزون على قناة إماراتية يبكون على الملأ فشل مشروع الإبادة السياسية لحماس.
وعلق نشطاء ومحللون على المشهد بسخرية مريرة، واصفين الجلسة بأنها "جلسة صهيونية" ، وأن "نيران الحقد والحسد تحرق أصحابها". وتساءل الإعلامي أسامة جاويش: "لماذا لم يكتئب عماد أديب في أول شهر أو أول سنة من الحرب؟ لماذا يكتئب بعد انتهائها؟" ، مشيراً إلى أن اكتئابه ليس على الضحايا، بل على نجاة خصومه السياسيين.
فكتب المحلل السياسي ياسر الزعاترة "عماد الدين أديب ونديم قطيش مكتئبان (شاهد)! ثلاث دقائق إذا أسعفك الوقت، وتحمّلت أعصابك! الاتفاق الأخير الذي أوقف الحرب أصاب المذكوران بالاكتئاب، فقد كانا يحلمان بأنه سيُعلن نهاية "حماس" و"الإسلام السياسي". نيران الحقد والحسد تحرق أصحابها. نتحدّث عن الدنيا، حتى لا نُتّهم بالتكفير!".
عماد الدين أديب ونديم قطيش مكتئبان (شاهد)!
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) October 14, 2025
ثلاث دقائق إذا أسعفك الوقت، وتحمّلت أعصابك!
الاتفاق الأخير الذي أوقف الحرب أصاب المذكوران بالاكتئاب، فقد كانا يحلمان بأنه سيُعلن نهاية "حماس" و"الإسلام السياسي".
نيران الحقد والحسد تحرق أصحابها.
نتحدّث عن الدنيا، حتى لا نُتّهم بالتكفير! pic.twitter.com/FcTysXoJG8
الكاتب الصحفي نظام المهداوي "أصاب عماد أديب الاكتئاب لأن حماس نشرت فورًا قواتها في #غزة. حين نقول إن وجود حماس يغضب صهاينة العرب أكثر من الصهاينة أنفسهم الذين يحتلون #فلسطين، فنحن لا نبالغ؛ فهذا هو الشاهد أمامكم: عماد أديب مع ثُلّةٍ متفقين جميعًا على خطابٍ واحد، هو الخطاب الصهيوني نفسه. ولو كنت تتابع بعض الفقرات المترجمة من القنوات العبرية، لن تجد فرقًا يُذكر بينها وبين العربية والحدث وسكاي نيوز، بل قد تحتار: من يسرق خطاب من؟ في كل الأحوال، الاكتئاب يؤدي إلى الجلطات، خصوصًا مع زيادة الوزن وأرقام الحسابات البنكية المنتفخة، ذلك لأن المقاومة ستظل تفاجئ عماد أديب بأنها باقية ما بقي الاحتلال.".
أصاب عماد أديب الاكتئاب لأن حماس نشرت فورًا قواتها في #غزة.
— نظام المهداوي - Nezam Mahdawi (@NezamMahdawi) October 14, 2025
حين نقول إن وجود حماس يغضب صهاينة العرب أكثر من الصهاينة أنفسهم الذين يحتلون #فلسطين، فنحن لا نبالغ؛ فهذا هو الشاهد أمامكم: عماد أديب مع ثُلّةٍ متفقين جميعًا على خطابٍ واحد، هو الخطاب الصهيوني نفسه.
ولو كنت تتابع بعض… pic.twitter.com/wKasyESZgo
سياق متكامل من التحريض والتطبيع
لم تأتِ هذه المواقف من فراغ، فهي تتويج لمسار طويل من التحريض ضد المقاومة الفلسطينية والترويج للتطبيع الذي يتبناه أديب وقطيش عبر منصة "سكاي نيوز عربية". فمن استضافة يائير لابيد لترويج الأكاذيب الإسرائيلية، إلى التحليلات التي تحمل حماس مسؤولية الحرب، وصولاً إلى المطالبة الصريحة بسحقها، شكلت القناة رأس حربة في "حرب السرديات" التي تهدف إلى شيطنة المقاومة وتبرير جرائم الاحتلال.
لقد كشف اتفاق وقف إطلاق النار عن الوجه الحقيقي لهذا التيار. فبينما كان العالم ينظر إلى وقف القتل كغاية إنسانية عليا، كانوا هم ينظرون إليه كوسيلة لتحقيق هدف سياسي.
وعندما لم تتحقق غايتهم، لم يستطيعوا إخفاء حزنهم. إن اكتئاب عماد الدين أديب ونديم قطيش لم يكن رد فعل شخصي، بل كان شهادة وفاة لمشروع سياسي وإعلامي راهن على الدبابة الإسرائيلية لتصفية حساباته الإقليمية، فخاب رهانه وبقيت المقاومة، وبقي معها حزنهم الذي كشف كل شيء.