تواصلت أزمة فيضان نهر النيل لليوم الخامس على التوالي، لتترك خلفها مشاهد مأساوية في عدد من المحافظات، أبرزها المنوفية والبحيرة والمنيا والغربية وقنا، حيث غمرت المياه مئات المنازل وآلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية، وسط تحذيرات رسمية واستغاثات الأهالي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويعود السبب المباشر إلى فتح بوابات السد العالي في أسوان لتصريف كميات المياه المتدفقة من السودان وإثيوبيا، بهدف تخفيف الضغط على جسم السد.
المنيا ترفع الاستعدادات إلى الدرجة القصوى
رفعت محافظة المنيا حالة الاستعداد إلى الدرجة القصوى، بعد أن اجتاحت مياه النيل عدداً من القرى في مركز ملوي. وأمرت الوحدات المحلية المواطنين بإخلاء منازلهم مؤقتاً لحين انخفاض المنسوب، كما تم إعلان وقف حركة الصيد في النهر حتى إشعار آخر، تجنباً لحدوث أي حوادث.
تحذيرات عاجلة في الغربية وقنا
في محافظة الغربية، أصدرت رئاسة مركز ومدينة سمنود تحذيراً عاجلاً لأصحاب الأراضي والممتلكات القريبة من ضفاف النيل بضرورة توخي الحذر، وعدم الاقتراب من المناطق المنخفضة.
أما في قنا، فقد دعت السلطات الأهالي إلى إخلاء المنازل وحظائر الماشية والمخازن المقامة على أراضي طرح النهر، حمايةً لهم من أي أضرار محتملة.
المنوفية والبحيرة الأكثر تضرراً
وفي محافظة المنوفية، غمرت المياه نحو 1124 فداناً في مراكز (أشمون – منوف – السادات – الشهداء). وأعلنت الوحدات المحلية حالة الطوارئ، مطالبةً الأهالي بإخلاء المنازل والمزارع لحين استقرار الأوضاع.
أما محافظة البحيرة، وخاصة مركز كوم حمادة، فقد شهدت غرق مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بمحاصيل استراتيجية مثل الفراولة والفاصوليا والسمسم والذرة والأرز.
وقال المزارع عبد السلام حمزة (62 عاماً) إن الأهالي اضطروا لاستخدام قوارب صغيرة أو المشي وسط المياه للوصول إلى المدارس والأسواق، بعد أن ارتفع المنسوب لمترين كاملين. وأضاف: "نعيش في الطوابق العليا من بيوتنا، والكهرباء تنقطع بشكل متكرر"، مطالباً بتعويضات عاجلة من الدولة.
استغاثات عبر مواقع التواصل
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مؤلمة لأهالٍ يحملون أطفالهم على الأكتاف للتنقل، أو يستعينون بمراكب خشبية بدائية للعبور بين القرى الغارقة. يأتي ذلك عقب تحذيرات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الأسبوع الماضي من احتمالية حدوث فيضان كبير للنيل.
الحكومة ترد والمعارضة تنتقد
ورداً على اتهامات الأهالي بتجاهلهم، قالت الحكومة إن معظم المتضررين "مخالفون" لقانون الموارد المائية والري رقم 147 لسنة 2021، لبنائهم وزراعتهم على أراضي طرح النهر. فيما أكد المتحدث باسم وزارة الري، محمد غانم، أن غرق هذه الأراضي أمر طبيعي ومتوقع مع ارتفاع المنسوب، نافياً وجود أخطاء في حساب تصريف المياه من السد العالي.
لكن خبراء، مثل الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أكدوا أن فتح عدد كبير من بوابات السد العالي تسبّب في تدفق كميات تفوق سعة النهر، محمّلاً إثيوبيا مسؤولية إضافية بعد فتحها أربع بوابات من سد النهضة دفعة واحدة.
شهادات علمية وانتقادات
نور الدين شدد على أن "المياه في السودان لم تتجاوز 20 سنتيمتراً، بينما في مصر غمرت المنازل والأراضي"، متسائلاً عن سبب عدم تشغيل مفيض توشكى مبكراً لتصريف المياه. وأضاف أن فيضان 1988 استمر 7 سنوات، ومع ذلك نجحت مصر في السيطرة عليه آنذاك، بخلاف الوضع الحالي.
الأهالي بين التشريد والمطالبة بالبدائل
مواطنون كُثُر أكدوا عبر فيديوهات استغاثة أنهم لا يملكون بيوتاً بديلة غير تلك التي غمرتها المياه، وطالبوا الدولة بسرعة توفير مساكن مؤقتة أو دعم مالي يعينهم على تجاوز الكارثة.