شهدت مختلف المدن المغربية منذ الأسبوع الماضي موجة احتجاجات قادها شباب ينتمون إلى ما يُعرف بـ"جيل زد"، مطالبين بتحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية، وسط توتر أمني خلّف وفيات وإصابات، فيما أعلنت الحكومة استعدادها للحوار وفتح قنوات للتفاعل مع المطالب الشعبية.
احتجاجات تتحول إلى صدامات
انطلقت الدعوات للاحتجاج منذ السبت الماضي عبر حركة شبابية أطلقت على نفسها اسم "جيل زد 212"، حيث طالبت بمحاربة الفساد وتوجيه الموارد إلى تحسين خدمات الصحة والتعليم بدل الاستثمار في مشاريع رياضية مرتبطة باستضافة كأس أفريقيا 2026 وكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
لكن سرعان ما اتخذت المظاهرات طابعًا تصعيديًا، خصوصًا في مدن وجدة والقنيطرة وإنزكان، إذ سجلت أعمال شغب، وبحسب وزارة الداخلية المغربية، ارتفع عدد المصابين حتى يوم الخميس إلى 640 شخصًا، بينهم 589 عنصرًا من قوات الأمن، إضافة إلى أضرار طالت مئات المركبات العامة والخاصة.
المتحدث باسم الوزارة، رشيد الخلفي، أوضح أن نسبة كبيرة من المشاركين في الاحتجاجات كانوا من الأطفال والقاصرين، بل وصلت النسبة في بعض المواقع إلى 100%، مشيرًا إلى أن القوات العمومية اضطرت لاستخدام السلاح الوظيفي في حالات محدودة للدفاع عن النفس، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص.
الحكومة: الحوار هو الحل
في مواجهة تصاعد الغضب، خرج رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش في خطاب متلفز، مؤكدًا أن الحكومة "تتفاعل مع مطالب التعبيرات الشبابية"، وأنها تعلن استعدادها الكامل للحوار والنقاش من داخل المؤسسات والفضاءات العمومية.
وأضاف أخنوش أن السلطات الأمنية تقوم بواجبها الدستوري في حماية الأمن وصون الحقوق والحريات، معبرًا عن أسفه لما خلفته الأحداث من خسائر في الأرواح والممتلكات، ومؤكدًا أن "المقاربة المبنية على الحوار هي السبيل الوحيد لمعالجة مختلف الإشكالات" وتسريع تفعيل السياسات الاجتماعية.
تصعيد جديد: رسالة مباشرة إلى الملك
في المقابل، أعلنت حركة "جيل زد" في بيان شعبي فجر الجمعة، أنها رفعت وثيقة مباشرة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، تطالبه فيها بإقالة حكومة أخنوش لـ"فشلها في حماية القدرة الشرائية وضمان العدالة الاجتماعية".
وطالبت الحركة بعقد جلسة وطنية علنية برئاسة الملك، لمساءلة الحكومة أمام أنظار الشعب، معتبرة أن الهدف هو "إرساء سابقة تاريخية تؤكد أن المغرب دخل مرحلة جديدة من ربط المسؤولية بالمحاسبة".
كما دعت إلى محاسبة الفاسدين عبر مسار قضائي نزيه، وحل الأحزاب المتورطة في الفساد استنادًا إلى الفصل السابع من الدستور، بالإضافة إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين المرتبطين بالاحتجاجات الأخيرة ومعتقلي الرأي والحركات الطلابية.
وأكدت الحركة أنها فقدت الثقة في المؤسسات السياسية التقليدية، من حكومة وبرلمان وأحزاب، واعتبرت أنها تحولت من أدوات للتنمية إلى "عوائق أمام التغيير".
ضغوط اقتصادية متزامنة
بالتوازي مع الحراك الشعبي، واجه المغرب مؤشرات اقتصادية مقلقة. فقد ارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية المغربية إلى أعلى مستوى منذ يونيو الماضي، بعد أن صعدت مبادلة مخاطر الائتمان لخمس سنوات إلى 84 نقطة أساس.
ورغم ذلك، كانت وكالة ستاندرد آند بورز قد رفعت التصنيف الائتماني للمغرب الأسبوع الماضي إلى BBB-/A-3، مشيدة بسلامة السياسات الاقتصادية مع توقعها تقليص عجز الموازنة.