تصاعد الجدل السياسي والدبلوماسي حول خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع في قطاع غزة، والتي تثير مخاوف واسعة من فرض شروط هزيمة على المقاومة الفلسطينية، خاصة حركة حماس. ورغم الترويج الإعلامي للخطة كخارطة طريق للسلام، إلا أن خبراء ومحللين سياسيين يرون أنها تشكل تكرارًا لأوهام سابقة وتفتقر لآليات تنفيذ واقعية، وتنذر بإعادة حلقة من الأزمات المتجددة في المنطقة.
 

أوهام خطة ترامب.. بين الورق والواقع
كشفت خطة ترامب التي تضمنت خطوات مثل نزع سلاح حماس، تشكيل إدارة مدنية مؤقتة للقطاع، تبادل الأسرى، وإعادة إعمار غزة، عن فجوات عميقة بين المحتوى النظري والواقع الميداني. فقد ألغت الخطة الإشارة إلى حل الدولتين، وفرضت غموضًا كبيرًا حول آليات التنفيذ وانسحاب القوات الإسرائيلية، مما قوبل برفض فلسطيني شامل ومخاوف من تجاوز حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. يشير محللون إلى أن الخطة تحقق أهداف إسرائيل الأمنية على حساب تطلعات الفلسطينيين، وتستخدم كأداة لفرض استسلام يضع المقاومة تحت ضغط الشروط القاسية.
 

ردود المقاومة الفلسطينية: رفض وتحدٍ
أبدت حركة حماس تحفظا شديدا على الخطة الأمريكية وإدراكًا واضحًا لطبيعة شروطها التي تعتبرها إعلان هزيمة للقضية الفلسطينية. وتطالب حماس بأن يتم تضمين آليات ضمان عدم استئناف العمليات العسكرية، وضمان سلامة قادتها، فضلاً عن ضرورة التنسيق مع فصائل فلسطينية أخرى لتوحيد الموقف تجاه هذه المبادرة. وتتزامن تحفظات حماس مع مطالب السلطة الفلسطينية بقبول الخطة لتجنب تدهور الأوضاع الإنسانية، ما يعكس الصراعات الداخلية على الساحة الفلسطينية.
 

آراء الخبراء: خطة دعم إسرائيل التنموي والتجهيل السياسي
فقال د.عصام عبدالشافي " إلى المتساقطين على طريق الحرية والكرامة إلى الداعين للخضوع والخنوع ما الذي يمكن أن يحدث في #غزة بعد ما حدث فيها؟ ما الذي يمكن أن يقوم به #ترامب وعصابته لفتح أبواب الجحيم؟ هذا على أساس أن ما حدث في العامين الماضيين كان من أبواب النعيم؟".

 

الحقوقي بهي الدين حسن " خطة ترامب ليست نتيجة فقط مؤامرة شيطانية بل ترجمة لتطور علاقات القوي علي الأرض منذ ١٩٤٨،حين كان المعروض كيانا فلسطينيا أكبر ولم يكن قد سقط ملايين الضحايا والضفة غزة والجولان. للأسف لم يكن للحكام العرب خطط بديلة سوي التهديد الإعلامي واستعباد شعوبهم واضعاف تدريب جيوشهم حتي لا تنقلب."

 

الأميرال التركي جهاد يايجي صاحب نظرية الوطن الأزرق التركيه" حول خطة ترامب ' . عند مراجعتي لبنود الاتفاق وجدت أنها من أول بند حتى آخره هي تتهم الفلسطينيين وتلزمهم في حين لا تلزم إسرائيل بشيء".

 

منصف المرزوقي: خطة ترامب هي عودة للاستعمار من بوابة غزة وتصفية لحلم إقامة الدولة الفلسطينية.

 

وتهكم الكاتب والمحلل السياسي نظام المهداوي " سلّم سلاحك… وسلّم #غزة إلى #بلير و #ترامب! أهذه هي "خطة السلام" التي يباركها رؤساء العرب والعالم؟ فكيف يكون الاستسلام إذن؟".

 

الكاتب الصحفي عبدالباري عطوان " لهذه الأسباب نطالب المقاومة بقيادة "القسام" رفض مشروع ترامب دون تردد.. وقطاع غزة لن يتحول الى "ماخور" بقيادة إبستين جديد.. عار على قادة عرب الموافقة عليه والترويج له.. لا دولة ولا عقوبات على إسرائيل بل استسلام كامل ومذل والمقاومة لن تتوقف".

 

الكاتب الصحفي علاء الأسواني " بعد ان سرقنا ارضكم وهدمنا بيوتكم وقتلناكم وذبحنا أطفالكم واحرقناهم احياء وجوعناكم حتى الموت .. نريد منكم الان ان تعلنوا استسلامكم وتسلموا لنا أسلحتكم حتى نطمئن لسلامة جنودنا وهم يذبحونكم " خطة ترامب للسلام "

 

الكاتب الصحفي مأمون فندي " كفّوا عن الخوض في خطة ترامب، فالمعركة في غزة؛ وهناك يعرض الله المرآة الكبرى للعالم ليرى وجهه الإنسانية القبيح منعكسًا في المرآة بحجم العالم كله".

 

د. مراد علي " واهمٌ من يتخيل أنه يمكن تحقيق السلام في وجود إسرائيل. واهمٌ من يعوّل على ترامب الذي اعترف بالقدس عاصمة للاحتلال أن يحقق السلام. واهمٌ من يعتقد أننا يمكننا أن نضع أيدينا في يد نتنياهو وبن غفير الذي قتلوا ما يقرب من مائة ألف من أهلنا. واهمٌ من يظن أن المسلمين والعرب سيتنازلون عن فلسطين والقدس والأقصى. واهمٌ من يريد إرساء سلامٍ على أشلاء أهل غزة."

 

وزير الشؤون البرلمانية الأسبق محمد محسوب : " بدلا من الاستفادة من زخم الاعتراف بدولة فلسطين، الذي قادته دول اوربية رئيسية، وتضامن الشعوب لكسر الحصار، والضغط على ترامب للجم المعتدي والإقرار بالحقوق الفلسطينية، نصفق لرؤية غامضة بلا شرعية،لا تتضمن سوى ترميم صورة الاحتلال وتكافئه ولا تمنح الضحايا سوى وعد مشكوك فيه بوقف الإبادة!"

 

الآفاق المستقبلية: هل ثمة أمل للتنفيذ؟
ورغم الإشادة الرسمية من بعض الدول العربية والغربية، يطرح المراقبون تساؤلات حول جدوى هذه الخطة في ظل استمرار التوترات الداخلية، وعدم توفر الإرادة السياسية لدى الأطراف الإسرائيلية والفلسطينية. وحذر خبراء من أن تنفيذ هذه الخطة دون ضمانات سياسية واضحة قد يؤدي إلى استمرار المواجهة الهادئة، وتأجيل الحل الجذري الذي يستند إلى الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني.

الخلاصة أن خطة ترامب للسلام في غزة تبدو كمنتج دعاية سياسية تفتقر إلى الإرادة الحقيقية لحل الصراع، وتفرض شروطًا قاسية على المقاومة الفلسطينية، تمثل خطوة جديدة في مسلسل التهميش والفرض من الخارج. ومن دون معالجة حقيقية لجذور القضية وتوفير ضمانات لحقوق الفلسطينيين، ستظل أي مبادرة مجرد وهم يكرس استمرار الأزمة، ويضعف من فرص السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.