أثارت أنباء الاعتداء على وزير التموين الأسبق الدكتور باسم عودة داخل سجن بدر 3 صدمة واسعة بين الناشطين الحقوقيين وأوساط الرأي العام.
فقد كشفت مصادر حقوقية أن عودة تعرض للضرب المبرح والإهانة اللفظية على يد العقيد أحمد فكري، أحد ضباط الأمن الوطني، وذلك لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام الذي بدأه احتجاجاً على سوء المعاملة وظروف الاحتجاز القاسية.

يأتي إضراب عودة، الذي شغل منصب وزير التموين في حكومة الدكتور هشام قنديل إبان فترة الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي، في ظل سلسلة طويلة من شكاوى المعتقلين داخل مجمع سجون بدر.

إضراب عودة عن الطعام لم يكن حالة فردية، بل انضم إلى موجة احتجاجية متنامية يقودها معتقلون سياسيون للتنديد بالعزل الانفرادي، الحرمان من الزيارة، الإضاءة المستمرة داخل الزنازين، والتجويع عبر حصص غذائية متدنية لا تكفي للحياة.
 

تفاصيل الاعتداء
وفقاً للمصادر، فإن العقيد أحمد فكري دخل إلى الزنزانة ومعه عناصر أمنية، واعتدى بالضرب على الوزير الأسبق، موجهاً له الشتائم، في محاولة لكسر عزيمته ودفعه إلى إنهاء إضرابه.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل وجه فكري تهديدات علنية لبقية المعتقلين قائلاً إنه سيجعل سجن بدر "أسوأ من العقرب"، في إشارة إلى سجن العقرب الذي لطالما كان رمزاً للقمع والعزلة القاسية.

هذا السلوك يعكس – بحسب مراقبين – سياسة ممنهجة لإخضاع المعتقلين وكسر إرادتهم، وليس مجرد تصرف فردي من ضابط بعينه.
 

أوضاع سجن بدر
منظمات حقوقية محلية ودولية أكدت أن مجمع سجون بدر يشهد انتهاكات جسيمة، تشمل الحرمان من الرعاية الطبية، والعزل لفترات طويلة، فضلاً عن حالات وفاة بين السجناء نتيجة الإهمال الطبي.
وكان "المركز المصري للإعلام" قد نشر تقارير سابقة عن وفاة عدد من المعتقلين داخل المجمع خلال العام الماضي، نتيجة ما وصفه بسياسة "الموت البطيء".

إضافة إلى ذلك، يعاني السجناء من كاميرات مراقبة تعمل 24 ساعة داخل الزنازين، وأجهزة إنارة لا تُطفأ، ما يحرمهم من النوم الطبيعي، وهو ما يعتبره خبراء نفسيون نوعاً من التعذيب الأبيض.
 

ردود الفعل الحقوقية
الحادثة الأخيرة أثارت إدانات واسعة من منظمات حقوقية، حيث اعتبرت منظمة "نحن نسجل" أن الاعتداء على باسم عودة يمثل دليلاً جديداً على فشل الحكومة المصرية في الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
كما شددت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا على أن ما يتعرض له المعتقلون في بدر هو "جرائم ممنهجة ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية".

وطالبت منظمات عدة بفتح تحقيق عاجل ومستقل في الانتهاكات، والسماح بزيارة وفود حقوقية دولية للسجون المصرية، وهو ما ترفضه السلطات بشكل متكرر.
 

دلالات سياسية
يرى محللون أن الاعتداء على شخصية بحجم باسم عودة يحمل رسالة سياسية مزدوجة: الأولى إلى المعتقلين بأن أي مقاومة أو احتجاج لن يُسمح لها بالنجاح، والثانية إلى الرأي العام بأن النظام ماضٍ في سياسة القمع بلا تراجع.
كما يربط البعض بين التصعيد في السجون والضغوط الاقتصادية والسياسية التي تواجهها السلطة، حيث يُستخدم التضييق الأمني كأداة لإسكات أي معارضة محتملة.

كما أن حادثة الاعتداء على الدكتور باسم عودة ليست مجرد انتهاك فردي داخل سجن بدر، بل هي حلقة في سلسلة متصاعدة من الانتهاكات التي تعكس منهجية رسمية تقوم على كسر المعتقلين السياسيين وإخضاعهم للترهيب الجسدي والنفسي.
وبينما تواصل الحكومة إنكارها لهذه الانتهاكات، تتزايد الأصوات المطالبة بضغط دولي حقيقي لإنقاذ آلاف السجناء من مصير مشابه، في وقت تبدو فيه العدالة بعيدة المنال داخل مصر.