أقدمت أجهزة الأمن الوطني فجر أمس الأربعاء على اعتقال الكاتب والروائي هاني صبحي من منزله في منطقة المرج بالقاهرة، على خلفية منشورين على صفحته بموقع “فيسبوك”، أحدهما ديني والآخر ساخر من تصريحات إعلامية مؤيدة لـ"إسرائيل"، بحسب ما أفادت أسرته وعدد من المنظمات الحقوقية.
وكتب صبحي قبل توقيفه بلحظات منشورًا مقتضبًا على صفحته الشخصية قال فيه: “بيقبضوا عليا في قسم المرج”.
لكن المنشور حُذف لاحقًا، كما أُغلق هاتفه، وانقطعت كل سبل التواصل معه منذ ذلك الحين، بحسب شهادة زوجته ميري نعيم التي أكدت أن زوجها مختفٍ قسريًا حتى الآن.
تفاصيل عملية القبض
روت زوجة الكاتب تفاصيل ما جرى في تصريحات صحفية، قائلة إن ثلاثة أشخاص بملابس مدنية طرقوا باب شقتهم في الثانية فجرًا، وطلبوا مقابلته بدعوى “أنهم يحتاجونه لخمس دقائق فقط تحت البيت”.
وأضافت: “سألهم هاني حضرتك محتاج إيه؟ قالوا له خمس دقايق بس، ونزل معاهم... ومن وقتها اختفى وهاتفه اتقفل”.
وتابعت قائلة إن القوة الأمنية “كانت تراقبه”، إذ تم توقيفه بعد عودته إلى المنزل بساعة واحدة فقط، مضيفة أنهم طلبوا هاتفه المحمول عند الباب قبل أن يصطحبوه معهم، وحين حاولت الاعتراض، طُلب منها “عدم إحداث ضوضاء حتى لا يستيقظ الأطفال”.
وبحسب ميري، قضت يومها في رحلة بحث طويلة بين أقسام الشرطة والنيابات، “ذهبت إلى قسم المرج وبقيت هناك 3 ساعات حتى تم ترحيل المحتجزين ولم يكن بينهم، ثم توجهت إلى نيابة مصر الجديدة ولم أجده أيضًا”.
وختمت قائلة: “كل اللي عايزينه نعرف هو فين ويطمنونا عليه... معملش حاجة”.
منشوران سببا الاعتقال
وبحسب مصادر حقوقية، فإن سبب توقيف صبحي يعود إلى منشورين فقط على صفحته في “فيسبوك”.
الأول تناول فيه قصة العجل الذهبي في الديانات السماوية، معتبرًا إياها قصة دينية تاريخية لا علاقة لها بالسياسة أو الواقع المعاصر.
https://www.facebook.com/hany.sobhy.792801/posts/122147627450644977?ref=embed_post
أما الثاني، فكان تعليقًا ساخرًا على تصريحات الإعلامية داليا زيادة التي أثارت موجة استنكار حين أشادت بما وصفته “صمود الشعب الإسرائيلي”، متجاهلة ـ وفقًا لمنتقديها ـ معاناة الشعب الفلسطيني تحت القصف والاحتلال.
https://www.facebook.com/hany.sobhy.792801/posts/122147640758644977?ref=embed_post
تنديد حقوقي واسع
من جانبها، قالت منظمة مركز الشهاب لحقوق الإنسان إنها تابعت بقلق بالغ واقعة القبض على الكاتب هاني صبحي، معتبرة أن التوقيف “يمثل انتهاكًا صريحًا لحق المواطنين في حرية التعبير المكفول بالدستور المصري والمواثيق الدولية”.
وطالب المركز في بيان له بـ “الإفراج الفوري عن صبحي، ووقف سياسة الملاحقات الأمنية على خلفية التعبير السلمي عن الرأي عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
كما أشارت المنظمة إلى أن الواقعة “تعكس استمرار تغوّل الأجهزة الأمنية في تقييد الفضاء الإلكتروني، وتحويل وسائل التواصل إلى فخٍ لمعاقبة المعارضين والكتّاب والمثقفين”.
خلفية عن الكاتب
ويُعد هاني صبحي من الأصوات الأدبية المصرية الشابة التي جمعت بين الأدب والهمّ الإنساني.
صدر له في أواخر عام 2024 كتاب “روح الروح”، وهي مجموعة قصصية تلامس مأساة الفلسطينيين في حرب الإبادة الأخيرة على غزة، حيث تساءل في أحد نصوصه: “من الذي لا يحب فلسطين، وهل في فلسطين شيء لا يُعشق؟”
كما أصدر رواية “على قهوة في شبرا” عام 2020، التي تناولت نبض الحي الشعبي العريق من زاوية اجتماعية وإنسانية.
ويؤكد مقربون من صبحي أنه “لم يكن ناشطًا سياسيًا بالمعنى التقليدي”، وأنه “كان يعبّر عن آرائه في قضايا فكرية وإنسانية بهدوء وأدب”.

