في خطوة جديدة من شأنها زيادة التوتر بين أنقرة وتل أبيب، أعلنت الحكومة التركية رسميًا حظر دخول السفن المرتبطة والمتجهة إلى إسرائيل إلى الموانئ التركية، وذلك بعد سلسلة من الإجراءات التصعيدية شملت حظر التجارة وتجميد العلاقات منذ اندلاع الحرب على غزة.
القرار اعتبره مراقبون تصعيدًا نوعيًا سيؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي بشكل مباشر، ويعيد رسم خارطة العلاقات الإقليمية في ظل استمرار العدوان على الفلسطينيين.
خبير اقتصادي: القرار سيضرب إسرائيل في نقطة حساسة
قال الخبير الاقتصادي التركي أوموت أوزدمير إن الموانئ التركية كانت تمثل شريانًا مهمًا للتجارة الإسرائيلية في شرق المتوسط، سواء للتصدير أو الترانزيت، وإن حظرها يعني تكاليف إضافية على النقل وزيادة زمن الشحن.
وأضاف: "تركيا تدرك أن الضغط الاقتصادي بات أقوى من التصريحات الدبلوماسية، خصوصًا أن إسرائيل تمر بأزمة مالية خانقة بسبب الحرب المستمرة، ما يجعل هذه الخطوة مؤلمة للغاية."
محلل سياسي: تركيا تمارس سياسة العقوبات الذكية
المحلل السياسي التركي إسماعيل كوبان أوغلو يرى أن القرار لا يقتصر على كونه عقوبة اقتصادية فحسب، بل هو رسالة سياسية موجهة لحلفاء تل أبيب.
وقال: "تركيا توظف قوتها الجيوسياسية لتأكيد رفضها للعدوان على غزة، وهذه الاستراتيجية تجعلها في موقع القيادة بين الدول الداعمة للفلسطينيين. الأمر لن يقتصر على التجارة، بل قد يتطور لملفات أمنية لاحقًا."
خبير في الشؤون الإسرائيلية: تل أبيب في مأزق
من جانبه، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية عاموس هاريل إن القرار التركي سيخلق أزمة لوجستية حقيقية لإسرائيل، خصوصًا أن جزءًا كبيرًا من وارداتها واحتياجاتها الصناعية كان يمر عبر الموانئ التركية.
وأوضح: "إسرائيل مضطرة الآن للبحث عن بدائل مكلفة عبر اليونان أو قبرص، وهو ما سيزيد الأعباء المالية ويضغط على قطاعي الطاقة والصناعة، في وقت تعاني فيه الدولة من التزامات عسكرية ضخمة."
موقف المقاومة الفلسطينية وترحيبها بالقرار
رحبت فصائل المقاومة الفلسطينية بقرار أنقرة، واعتبرته خطوة جريئة تعكس موقفًا عمليًا نصرة لغزة. وقال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم في تصريح صحفي: "هذا القرار يعبر عن رفض حقيقي لجرائم الاحتلال ويعطي رسالة واضحة بأن التطبيع مع إسرائيل لم يعد مقبولًا في ظل استمرار المجازر ضد أهلنا في غزة. نحن نقدر الموقف التركي ونأمل أن تحذو بقية الدول العربية والإسلامية حذوه."
كما شددت حركة الجهاد الإسلامي في بيان لها على أن هذه الإجراءات الاقتصادية تشكل ضغطًا حقيقيًا على الاحتلال، داعيةً جميع الدول التي ما زالت تحتفظ بعلاقات مع تل أبيب إلى إعادة النظر في مواقفها.
وأكدت الفصائل أن هذه الخطوة التركية يجب أن تكون بداية لتشكيل جبهة اقتصادية وإعلامية ضد الاحتلال، بالتوازي مع الدعم الإغاثي والإنساني للشعب الفلسطيني المحاصر.
تحليل الموقف العام
يرى مراقبون أن القرار التركي يفتح بابًا أمام المزيد من التصعيد الدبلوماسي والاقتصادي ضد إسرائيل، خصوصًا إذا تبعته خطوات مشابهة من دول أخرى في المنطقة.
وفي الوقت ذاته، يشكل القرار إحراجًا كبيرًا لبعض الحكومات العربية التي ما زالت متمسكة باتفاقيات التطبيع مع تل أبيب رغم المجازر المستمرة في غزة.
في ظل هذا التصعيد، يبقى السؤال: هل تجرؤ دول أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة تضيق الخناق على إسرائيل اقتصاديًا؟ أم ستبقى تركيا وحيدة في مواجهة الاحتلال؟