في مشهد يعكس حالة التخبط التي تعيشها خارجية الانقلاب، وقف الوزير بدر عبد العاطي أمام طلاب جامعة بني سويف ليعلن عن "اكتشافه" الجديد، مطالبًا الحضور بعدم استخدام مصطلح "سد النهضة" واستبداله بـ "سد الخراب" أو "سد الدمار".
تأتي هذه الدعوة في إطار ما أسماه "دعم الوعي السياسي"، بينما يعتبرها النشطاء محاولة مفضوحة لغسل يد النظام من الجريمة التي شارك فيها بالصمت والتوقيع.
تصريحات عبد العاطي لم تقف عند تغيير المسميات، بل امتدت للحديث عن "طريق مسدود" في المفاوضات، ملوحًا بأن "كافة الوسائل متاحة" للدفاع عن مصالح مصر المائية، وهو تهديد يراه الكثيرون "جعجعة بلا طحن" تأتي بعد فوات الأوان، وبعد أن أصبح السد حقيقة خرسانية تحجز خلفها مليارات الأمتار المكعبة من مياه النيل.
🛑 من جامعة بني سويف بدر عبد العاطي للمصريين: متقولوش عليه سد النهضة ده سد الخراب pic.twitter.com/igZt3dYPow
— omar elfatairy (@OElfatairy) December 16, 2025
وزير "السجاد" يواجه عاصفة من السخرية الشعبية
لم تمر تصريحات عبد العاطي مرور الكرام على منصات التواصل الاجتماعي، حيث استقبلها المصريون بوابل من النقد اللاذع، مستحضرين تاريخ الوزير المثير للجدل.
الناشط مصطفى عثمان شن هجومًا حادًا واصفًا الوزير بـ "حرامي السجاد" -في إشارة لاتهامات سابقة لاحقت عبد العاطي- ومذكرًا إياه بأن من وقع على وثيقة "خراب مصر" في 2015 هو النظام الذي يمثله.
#وزير_الخارجية حرامي السجاد متقولوش عليه #سد_النهضة ده سد الخراب
— mustafa othmen (@mostafatwits) December 17, 2025
انت دارس الكلام ده و عرصك عارف كده و عارف انه مضي في سنة 2015 #مصر المنكوبة بالحثالة #السيسي_خربها #النيل#الاعلام #الاخبار
هذه التعليقات تعكس فجوة الثقة الهائلة بين الشارع ونظام يرون أنه فرط في شريان حياة المصريين مقابل شرعية دولية زائفة، حيث علق البعض ساخرًا بأن الوزير الذي يطالب بتغيير اسم السد هو نفسه جزء من منظومة "المنكوبة بالحثالة" التي أوردت مصر موارد الهلاك.
وزير خارجية النظام المصري
— Ayman Azzam (@AymanazzamAja) December 17, 2025
أثناء لقائه طلبة جامعة جامعة بني سويف:-
متقولوش عليه #سد_النهضة ده
( سد الخراب ) #مصر #أثيوبيا#كاس_العرب_FIFA_قطر_2025
اتفاقية 2015: صك الشرعية لـ "سد الدمار"
تتركز انتقادات المعارضة والنشطاء حول "الخطيئة الأصلية" المتمثلة في توقيع السيسي على اتفاقية المبادئ بالخرطوم عام 2015.
ويرى المغردون مثل حساب @EgyPunZ أن مشكلة مصر ليست في المسمى "نهضة أم خراب"، بل في الشرعية القانونية التي منحها السيسي لإثيوبيا بقراره المنفرد، والتي مكّنت أديس أبابا من الحصول على التمويلات الدولية وتسريع وتيرة البناء دون وضع أي قيود ملزمة تحدد حصة مصر المائية أو سنوات الملء.
السد دا كافي جدا لتعطيش مصر
— Equilibrium (@EgyPunZ) December 16, 2025
مشكلتك السد الحالي وشرعيته التي منحه إياها السيسي في توقيعه على اتفاقية المبادئ بدون تحديد حصة مصر من المياه ولا سنوات الملء ولا اشتراط عدم التصرف الأحادي في ملء السد#سد_النهضة#اثيوبيا#أبي_أحمد #نهر_النيل https://t.co/noBUSiPMPI
وتشير الصحفية رانيا الخطيب إلى أن الفاتورة التي يدفعها المصريون اليوم من "لحمهم الحي" لمعالجة آثار هذا الفشل تقدر بالمليارات، وكان من الأولى أن تُصرف هذه الأموال في تنمية حقيقية لولا التفريط في الحقوق المائية منذ البداية.
سد النهضة خراب علينا يعني كل سيناريو بيعملوه بيتكلف مليارات وبدل ما نزود حصة الماية بالأتفاق مبقناش ناخد حقنا وكمان بنصرف عشان نعالج جهل اثيوبيا ولازم تدفع تمن اللي عملته ده في يوم من الايام https://t.co/Cqrhs4qb8S
— Rania Elkhateeb (@ElkhateebRania) December 15, 2025
عموما الحكومة المصرية لا تضع السياسيات ولكن فقط تنفذها فقط ثم تحاول تبرير تلك السياسات التى لا تعرف عنها شئ
— M.Shaaban (@shaaban77) December 17, 2025
مثال على ذلك موضوع اللاجئين من كل الدول الفاشلة و موضوع سد الخراب ( النهضة سابقا ) https://t.co/Ovca0QqGne
إثيوبيا تحتفل بالنصر والنظام المصري يستجدي الحلول
بينما ينشغل النظام المصري في معارك كلامية وتغيير مسميات، تعيش إثيوبيا نشوة الانتصار الاستراتيجي.
المسؤولون الإثيوبيون يتحدثون بوضوح عن السد كمشروع جيوسياسي أعاد تشكيل موازين القوى، معتبرين إنجازه "انتصارًا في معركة العدو".
وفي المقابل، يسخر النشطاء مثل محسن الخيري من حالة الإنكار التي يعيشها النظام المصري، مؤكدين أن إثيوبيا "انتهت من السد وافتتحته" بينما لا يزال المسؤولون في القاهرة يرددون شعارات "الكذب المتواصل".
ههههههه ههههههه ههههههه ههههه إثيوبيا انتهت من السد وتم الافتتاح والكذابين مواصلين كذب
— محسن الخيري (@alkirimohsen) December 16, 2025
التساؤلات التي يطرحها موقع "صدى مصر" وغيره تضع الحكومة في الزاوية: من المتسبب الحقيقي في وصولنا إلى هذه النقطة؟ وهل يكفي تغيير اسم السد لتعويض العطش القادم؟
بدر عبدالعاطي كان بيقول إن سد النهضة مش سد الخراب.. دلوقتي كل الوزراء والحكومة بتطالب إثيوبيا بحقوق مصر في المياه الإقليمية!!
— صدى مصر (@sadamisr25) December 17, 2025
برأيك.. من المتسبب في استكمال بناء #سد_النهضة دون مراعاة لحقوق الشعب المصري في المياه؟! pic.twitter.com/zJQwtOZlUf
الخيار العسكري واللجوء لمجلس الأمن: هل فات الأوان؟
رغم التلويح بـ "كافة الوسائل" والتسريبات الصحفية عن "خيارات خشنة"، إلا أن الخبراء العسكريين والدبلوماسيين المقربين من النظام، مثل اللواء سمير فرج واللواء عادل العمدة، لا يزالون يضعون الخيار العسكري في خانة "الحل الأخير" وغير المفضل، متمسكين بأسطوانة "ضبط النفس" واللجوء لمجلس الأمن.
هذا التردد يعيد للأذهان تحذيرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2020 حين قال صراحة "سيفجرون السد"، وهو السيناريو الذي يبدو أن القاهرة عجزت عن استثماره في حينه.
اليوم، وبعد 13 عامًا من المفاوضات العبثية، يجد النظام نفسه يستجدي المجتمع الدولي عبر خطابات الشجب والإدانة لمجلس الأمن، مؤكدًا أن السد يمثل "خطرًا وجوديًا"، في اعتراف ضمني بفشل ذريع لكل المسارات الدبلوماسية التي راهن عليها السيسي وحكومته، تاركين الشعب المصري يواجه مصيرًا مجهولًا أمام "سد الخراب" الذي ساهموا في بنائه بتوقيعهم.

