تتصاعد حدة الغضب بين أولياء الأمور في محافظة الجيزة وعدد من المحافظات الأخرى، بعد شكاوى متكررة من إجبار طلاب الثانوية العامة على الالتحاق بنظام البكالوريا الدولية، رغم أنه من المفترض أن يكون اختياريًا، في خطوة يرى الأهالي أنها تأتي لخدمة مصالح مالية وشركات تعليمية معينة على حساب الطلاب وأسرهم.
 

شكاوى الأهالي: النظام فُرض علينا بالقوة
يقول أولياء الأمور إن إدارات تعليمية في الجيزة وعدة محافظات بدأت منذ مطلع العام الدراسي الحالي في إلزام بعض المدارس الحكومية بتطبيق نظام البكالوريا، بحجة تطوير التعليم ومواكبة النظم العالمية، لكن الواقع كشف عن جانب آخر من القضية، إذ يشكو الأهالي من التكاليف الباهظة التي تفرضها تلك المدارس، فضلاً عن إجبار الطلاب على شراء كتب خارجية ومصادر تعليمية مرتبطة بالشركات التي تروّج لهذا النظام.

منى عبد الرحمن، ولي أمر طالبة في الصف الأول الثانوي بالجيزة، قالت لنا: "أخبرونا أن نظام البكالوريا اختياري، لكننا فوجئنا بأن المدرسة لا تسمح بتسجيل الطلاب إلا إذا التحقوا بهذا النظام. التكلفة لا تقل عن 25 ألف جنيه سنويًا، غير الدروس الخصوصية. كيف نتحمل هذا العبء؟"

أما خالد يوسف، ولي أمر آخر، فيؤكد أن بعض الإدارات التعليمية هددت بعدم قبول تحويل الطلاب لمدارس أخرى إذا رفضوا البكالوريا، مضيفًا: "هذه سياسة إجبارية صريحة، ولا علاقة لها بتطوير التعليم، بل هدفها جني الأرباح من جيوب الأسر".

وقالت علا: "اما #البكالوريا واما مدارس نائية.. ياليلة طين وصلنا للحضيض مع هذا النظام الفاجر، بس أحسن. عيشوا بقى، ولادكم هيروحوا الواحات، ابجوا روحوا صيفوا عندهم. خليكوا ساكتين. مبروك مبروك مبروك مبروك يا ناسنا وأهالينا. أما أنا كما أنا."
https://t.co/koRwmMMVyb

وأضاف محمد جابر: "معاناة أولياء الأمور.. المدارس تجبر الأسر على اختيار البكالوريا لأبنائهم على حساب الثانوية العامة.. وتؤكد: توجيهات من الوزارة بتسجيل الطلاب على النظام الجديد.. والوزارة: البكالوريا اختيارية ومجانية بنص القانون."
https://t.co/CSacqsod48

وأشار عماد: "الله يخرب بيت المسؤولين، ضيعونا قبل كده وح يضيعونا تاني. الإمارات والسعودية تاني وتالت عالميًا في الذكاء الاصطناعي، وإحنا بنرجّع البكالوريا والكتاتيب، وبنرجّع الشعراوي، ونرجع لورا 500 سنة. بس مصر هتبقى قد الدنيا. الله يلعن أبو الكذب ع الكذابين. منكم لله، قتلتوا فينا كل أمل في بكرة."
https://t.co/E1ZZRMt1lf

وقال طارق رمضان: "الأستاذ سعيد عطية، وكيل وزارة التربية والتعليم بالجيزة، حضرتك عايز تجامل الوزير، تقوم تفرض على أولياء الأمور: إما توقّع على قبولك نظام البكالوريا، أو تاخد ملف ابنك أو بنتك وتمشي وتروح تدور على مدرسة تقبلهم. يعني حضرتك: إما الوزير، وإما ضياع مستقبل العيال. إيه الجبروت ده وكدهون."
https://t.co/traek667005
 

الأزمة لا تقتصر على الجيزة: شكاوى من القاهرة والإسكندرية
لم تتوقف الأزمة عند الجيزة، بل امتدت إلى محافظات أخرى، أبرزها القاهرة والإسكندرية، حيث أطلق أولياء الأمور هناك شكاوى مماثلة.

في القاهرة، يؤكد أولياء أمور في مناطق مصر الجديدة ومدينة نصر أن بعض المدارس الرسمية المتميزة بدأت تطبيق نظام البكالوريا الإجباري على طلاب الصف الأول الثانوي، مع فرض مصروفات إضافية تصل إلى 30 ألف جنيه، بالإضافة إلى اشتراط شراء كتب أجنبية بأسعار مرتفعة.

وفي الإسكندرية، تحدث محمد السعيد، ولي أمر من منطقة سموحة، قائلاً: "توجهت إلى المدرسة بنيّة إلحاق ابني بالنظام العادي، لكنهم قالوا لي: (لا يوجد إلا البكالوريا). طلبوا مصاريف خيالية بحجة التطوير، رغم أن المدرسة نفسها لا يوجد بها معامل مجهزة أو بنية تحتية للنظام الجديد".

هذه الحالات تكشف أن التوسع في البكالوريا يجري بشكل غير معلن، وبطريقة تجبر أولياء الأمور على القبول بالأمر الواقع، مما زاد من حدة الغضب الشعبي ضد وزارة التربية والتعليم.
 

لماذا يُفرض النظام رغم أنه اختياري؟
يرى مراقبون أن هناك مصالح مالية وراء التوسع في تطبيق البكالوريا، خاصة أن هذا النظام يتطلب كتبًا ومناهج معتمدة من شركات خاصة، بالإضافة إلى رسوم باهظة، وهو ما يفتح الباب أمام ما يصفه الأهالي بـ"بيزنس التعليم" الذي يستفيد منه عدد من المستثمرين والمتنفذين في قطاع التعليم الخاص.

أحمد عبد الله، خبير في شؤون التعليم، قال إن فرض هذا النظام على طلاب الثانوية الحكومية يُعد خرقًا لمبدأ تكافؤ الفرص، مضيفًا:
"لا يمكن إلزام الطلاب بنظام باهظ التكاليف في دولة ما زال غالبية سكانها من الطبقة المتوسطة والفقيرة. هذا الأمر يحوّل التعليم من خدمة عامة إلى سلعة تجارية".
 

آراء الخبراء: قرارات ارتجالية ومصالح خفية
الخبراء التربويون عبّروا عن غضبهم من هذه السياسة، معتبرين أن الهدف منها ليس تطوير التعليم كما تدّعي الوزارة، بل تحقيق أرباح لصالح شركات الكتب والدورات التدريبية.

يقول الدكتور محمود السيد، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس:
"تطبيق البكالوريا يتطلب بيئة تعليمية متكاملة ومعلمين مدربين ومناهج متطورة، وهو ما لا يتوفر في معظم مدارسنا. فرضه بهذا الشكل يخلق فجوة طبقية ويزيد من عزوف الطلاب عن التعليم الحكومي".

في حين وصفت الدكتورة إيمان عبد الغني، الخبيرة التربوية، هذا القرار بأنه "إلزامي في الظاهر، اختياري في الشعارات"، مضيفة:
"الوزارة تروج للفكرة على أنها تحديث للتعليم، لكننا أمام منظومة تستغل الأسر لتحقيق أرباح غير مبررة. يجب أن يكون أي نظام جديد خاضعًا للدراسة والتجريب قبل التعميم".
 

مطالبات بالشفافية وتخفيف الأعباء
في ظل استمرار الأزمة، يطالب الأهالي والخبراء بضرورة عودة الوزارة إلى مبدأ الاختيار الحقيقي، وعدم تحميل الأسر أعباء مالية إضافية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. كما دعوا إلى تقييم جدوى النظام قبل فرضه، والتأكد من أنه يخدم مصلحة الطلاب لا جيوب المستثمرين.

https://tajrep54.blogspot.com/2025/08/blog-post_81.html