في خطوة أثارت جدلًا واسعًا وسخرية لاذعة على منصات التواصل الاجتماعي، وجّه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، دعوة لطلاب اليابان للقدوم والدراسة في مصر، وذلك على هامش قمة TICAD 9 في طوكيو.

ورغم الطابع الدبلوماسي الرسمي للدعوة، إلا أنها تحولت سريعًا إلى مادة خصبة للانتقاد الشعبي، حيث رأى كثيرون أن المسؤولين المصريين تجاهلوا واقع التعليم المتردي داخل بلادهم، قبل أن يطرحوا مصر كوجهة تعليمية لأحد أقوى وأرقى الأنظمة التعليمية في العالم.
 

دعوة "خارج الواقع"
تحدث مدبولي أمام مسؤولين يابانيين عن أهمية التبادل الطلابي، مشيدًا بوجود مدارس مصرية-يابانية في الداخل، ثم أطلق عبارته المثيرة: "ندعو الطلاب اليابانيين للقدوم إلى مصر والدراسة في جامعاتها ومدارسها."

وزير التعليم عزز هذا الخطاب بتوقيع مذكرات تفاهم مع الجانب الياباني لتدريب معلمين وتعزيز التعليم الفني. ورغم أن هذه الإجراءات قد تبدو بروتوكولية على الورق، إلا أن وقعها على الرأي العام كان مختلفًا تمامًا. إذ تساءل المصريون: كيف يمكن لوزير التعليم أن يعرض مصر كمقصد تعليمي، في وقت يتزاحم فيه أكثر من 70 طالبًا داخل فصل واحد، وتنهار مدارس بلا صيانة، ويبحث أولياء الأمور عن دروس خصوصية بسبب انهيار مستوى التدريس الرسمي؟
 

موجة السخرية الشعبية
سرعان ما اجتاحت مواقع التواصل تعليقات ساخرة حول ما اعتبره كثيرون "دعابة سمجة"، بل و"انفصال تام عن الواقع". بعض أبرز أشكال التهكم كانت على النحو التالي:

    التعليم المصري في أسوأ حالاته: أحد المعلقين كتب على  Reddit:"في التعليم في مصر هو واحد من أوسخ وأنجس الحاجات والله." وهو وصف يعكس حجم الغضب الشعبي من حالة المنظومة التعليمية.
    فقدان الثقة في القيادة التعليمية: آخرون قالوا بوضوح: "لو أنا وزير التعليم هتنحى وأسيبها لحد فاهم في التعليم ."وهو تصريح يترجم نظرة عامة بأن من يتولى إدارة الملف التعليمي بعيد تمامًا عن الإصلاح.
    سخرية من المقارنة مع اليابان: بعض المغردين علقوا بأن اليابان تملك أحد أفضل أنظمة التعليم عالميًا، "فكيف يترك طلابها طوكيو ليلتحقوا بمدرسة في قرية مصرية بلا مقاعد ولا حمامات نظيفة؟"

تحولت تصريحات مصطفى مدبولي ووزير التعليم إلى مادة للسخرية الشعبية العارمة، لأنها كشفت عن انفصال بين الخطاب الرسمي والواقع المعيش. فبينما يحلم أولياء الأمور بتعليم محترم لأبنائهم، وبينما يبحث الشباب عن منحة في جامعة أجنبية تفتح لهم أبواب المستقبل، يظهر رئيس الوزراء ووزيره ليعرضا مصر كوجهة تعليمية على اليابان!

هذه الدعوة لم تضع مصر على خريطة الطلاب اليابانيين، لكنها بالتأكيد وضعت الحكومة في مرمى التهكم الشعبي، وأعادت فتح ملف فشل السياسات التعليمية وغياب الرؤية الحقيقية للإصلاح. 

وكتب مدحت علام " بعد عدة سنوات إن شاء الله أولادنا وأحفادنا هيستهزأوا بينا وهيسألوا السؤال ده: هوّا انتوا ازاي كنت سايبين العِبْط دول يحكموكم!؟؟؟ لأن احنا حاليا مستغربين من كمية العبط اللي هما فيه والغريب ان احنا مستغربين وساكتين!".
https://x.com/MedhatSharief1/status/1958110469157458225

وعلق كهربائي تويتر " ترتيب جامعات اليابان منها من هو من ضمن 50 ومن ضمن 100 أما جامعة مصر من ضمن 1000 عالميا . وعلى رأي المثل : هو الكلام عليه جمرك".
https://x.com/styhex2007/status/1958143826175852827

وأشار تليسكوب تويتر " هو المفروض فعلا الطلاب اليابانيين يجوا مصر عشان يدرسوا، عارف حيدرسوا ايه يا سكرتير العصابة!! حيدرسوا البلطجة والسرقة والانحلال ونشر المخدرا".
https://x.com/tlskwb_t/status/1958174468699836817

واستطرد عدلي " بلاش ارجوكم اعقلوا بلاش فضايح".
https://x.com/AdlyMousa148776/status/1958339447101292739

وسخرت سحر " أيون طبعاً أكيد اومال بصوت الفنانة آمال زايد فاليابان التى صنفت من أفضل عشر دول على مستوى العالم في التعليم الجامعي تحتاج خبرة والدعم التربوى والفنى التعليمى الذى اخرج مصر من كل التصنيفات العالمية فى التعليم".
https://x.com/saharSalah99/status/1958175447956504737

وتهكم عبدالرحمن " والمناسبة ايه أن شاء الله ؟؟؟ التعليم عندنا احسن حاجه مثلاً ولى التعليم يواكب التطور في السوق ده الواحد بى يتخرج مش عارف يشتغل".
https://x.com/Abdhalrhma71471/status/1958148149995831458
 

مفارقة صارخة: دعوة اليابانيين والطلاب المصريين يعانون
بدلًا من مواجهة التحديات الفعلية ، من نقص المعلمين، وارتفاع كثافة الفصول، وتراجع ترتيب الجامعات المصرية عالميًا ، اختار مدبولي ووزيره أن يقدموا صورة وردية للخارج. هذه المفارقة لم تمر مرور الكرام.

الطلاب المصريون أنفسهم، الذين يعانون من محدودية الفرص الدراسية في الخارج ومن ضعف جودة التعليم المحلي، رأوا في تصريحات رئيس الوزراء ووزيره نوعًا من السخرية من معاناتهم اليومية.
وكأن المسؤولين يسعون لتجميل وجه النظام التعليمي أمام اليابان، في حين أن المصري العادي يدرك تمامًا أن ابنه يجلس على "دكة مكسورة" داخل فصل مكتظ، بلا معامل حقيقية أو مناهج عصرية.