نفذت أجهزة محافظة القاهرة عملية هدم مدفن عبد الرحيم باشا صبري، ناظر الزراعة في العهد الملكي، وجدّ الملك فاروق، ووالد الملكة نازلي، وأحد أحفاد القائد التاريخي سليمان باشا الفرنساوي، مؤسس الجيش المصري الحديث، في خطوة جديدة ضمن حملة موسعة تهدف إلى إزالة عدد من المقابر والمباني التراثية في العاصمة القاهرة.
ويُقدّر عمر المدفن بنحو 106 أعوام، وكان يقع في منطقة مقابر الإمام الشافعي جنوب القاهرة، المعروفة بكونها مدفنًا لعدد من كبار رجالات الدولة ومشاهير العائلات المصرية منذ أكثر من قرن.
هذا الهدم يأتي في سياق موجة إزالة واسعة لمقابر أثرية وتراثية، وامتدت لمناطق متعددة منها الإمام الشافعي، والسيدة نفيسة، وباب النصر، وسط تنديد واسع من الأثريين والباحثين والمهتمين بالتراث الجنائزي المصري، الذين عبّروا عن غضبهم من فقدان مواقع تاريخية ذات قيمة لا تُقدّر بثمن.
وبحسب روايات شهود محليين وحُرّاس مقابر تحدّثوا بشرط عدم ذكر أسمائهم، فقد بدأت عمليات الإزالة لمدافن تاريخية وقباب ومساجد مثل مسجد وقبة محمود باشا الفلكي في إبريل الماضي، وسط تكتم أمني وحظر صارم على التصوير أو الدخول للمنطقة، حيث قال أحد الباحثين إن «أعمال الهدم تتم غالبًا بعد منتصف الليل، ويتعرض الحراس للتهديد في حال تحدثوا مع الصحفيين».
وأكد صاحب إحدى المقابر المتضررة أن ما يحدث هذا العام يمثل أوسع موجة هدم منذ العام الماضي، وشمل منازل ومقاهي وورشًا مجاورة أيضًا، مما يعمّق أثر هذه العمليات على البيئة العمرانية والاجتماعية والتراثية للمنطقة.
وفي لائحة الإزالات المعلنة، وردت أسماء مقابر تاريخية بارزة، منها:
- حوش عبد الرحيم باشا صبري (مدفن جد الملك فاروق)
- حوش البدراوي باشا
- حوش شرارة باشا
- مقبرة أحمد باشا تيمور
- مقبرة علي بك الكبير (مسجلة ضمن قوائم الآثار)
- مقبرة سازبل قادن، زوجة عباس حلمي الأول
- مقبرة خليل أغا
- مقبرة عتقاء خليل أغا
- حوش عثمان رفقي ناظر الحربية
- حوش السلحدار باشا
في غضون ذلك، تواصلت عمليات الهدم في مقابر باب النصر، إحدى أقدم الجبانات الأهلية في القاهرة، الواقعة بمواجهة شارع المعز لدين الله الفاطمي، حيث تم إزالة ما يزيد عن 120 مترًا من الجبانة الواقعة بمحاذاة سور القاهرة، وهو ما يخالف وعود المحافظة السابقة بعدم التوسع في الإزالة بعد إقامة جراج سيارات العام الماضي.
وقال محمود جمال، أحد ورثة مقبرة في باب النصر، إنه طُلب منه نقل رفات أسرته إلى مقابر بديلة في منطقة جنيفة بطريق السويس، فيما تم تخصيص الروبيكي لأهالي الإمام الشافعي والسيدة نفيسة وسيدي جلال، وهو ما وصفه سكان الجمالية والعطوف بأنه "تشريد للرفات وتشويه للتراث".
من جانبها، أكدت الباحثة في التراث سالي سليمان، أن جبانة باب النصر تمثل الطبقة التاريخية العميقة للقاهرة، حيث تأسست في القرن العاشر، وكانت دائمًا مقبرة المدينة القديمة بكل مكوناتها، من الأهالي والمهاجرين والمتمصرين من الجاليات الشامية والتركية والأجنبية.
وأضافت: «الجبانة مقصد مهم للسياحة التراثية، ويأتيها زوار وباحثون في التصوف والخط العربي وتاريخ العائلات، فقد خسرنا من قبل مقبرة ابن خلدون في توسعة شارع البنهاوي، فهل نخسر الآن ما تبقى من تاريخنا الحي؟».
وبينما تواصل الجرافات عملها، يتواصل الغضب الشعبي والثقافي على منصات التواصل الاجتماعي، مع تحذيرات من أن ما يجري ليس مجرد "إزالات"، بل "محو لذاكرة المدينة وتراثها".
شاهد:
https://x.com/7adasBelfe3l/status/1946645208059515053
https://x.com/EslamSalheen/status/1943762527386542492