قال مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن حادث حريق سنترال رمسيس يوضح حقيقة التوجهات التي تهدف إلى تفكيك المرافق الحيوية، وفتح الباب أمام أطراف أجنبية للمشاركة في إدارتها أو السيطرة عليها.

وأكد الزاهد، في تصريحات له، أن النقاش حول الحادث تباين بين تفسيرات تربطه بالإهمال والفساد، وأخرى تشير إلى شبهة تواطؤ لصالح شركات ومصالح خارجية ضمن محاولات أوسع لتصفية ما تبقى من ملكية الدولة العامة، سواء في قطاع الاتصالات أو غيره.

وبين: “لسنا في معرض ترجيح تفسير على آخر، لكننا نرى في كل الاحتمالات وجهًا لكارثة واحدة: تجريف عناصر القوة وهدر الموارد لصالح أجندات لا تخدم مصلحة الشعب”.

وعبر رئيس الحزب على موقف التحالف الشعبي الاشتراكي عن رفضه لخصخصة أو إشراك أي أطراف أجنبية في إدارة المرافق العامة مثل الكهرباء والمياه والاتصالات، “سواء لأغراض استثمارية احتكارية أو استخباراتية أو أمنية”.

وأوضح: “ندافع عن سيطرة الدولة على هذه المرافق، لكن ذلك لا يعني القبول بسياسات تسعير مجحفة أو خدمات متدنية أو تقييد للحريات تحت غطاء الأمن والسيادة”.

وأضاف الزاهد أن انحياز الحزب للقطاع العام لا ينفصل عن مطالبته برقابة شعبية حقيقية على هذه المؤسسات، بما يشمل إشراك المستهلكين في تسعير الخدمات وتحديد مواصفاتها، وتأمين حقوق العاملين وضمان حرياتهم النقابية، وتفعيل الهيئات التمثيلية المنتخبة لتكون شريكًا في الحوكمة، مستطردا: “دون رقابة مجتمعية فإن المؤسسات العامة قد تنحرف عن دورها التنموي”.

واستعاد الزاهد في تصريحاته واحدة من أبرز الحوادث التي ترتبط بمسألة اختراق السيادة الاتصالية، حين تم اعتراض طائرة مصرية كانت تقل القيادي الفلسطيني أبو العباس عام 1985 بعد اختطافه لسفينة “أكيلي لاورو”، مؤكدًا أن الحادث كشف عن اختراق أمني واسع يُرجّح أنه تم من خلال شركات اتصالات أجنبية عاملة في مصر آنذاك.

وأشار إلى أنه كانت هناك معلومات متداولة تفيد بتقدم مهندسين مصريين بمذكرة إلى وزير النقل والاتصالات الأسبق سليمان متولي، حذّرت من اختراق أمريكي لشبكة الاتصالات ساعد على التنصت على مكالمات مسؤولين مصريين، بما فيهم رئيس الجمهورية.. لافتا إلى صحيفة “الأهالي” أثارت آنذاك هذا الموضوع تحت عنوان رئيسي، ما تسبب في ضجة أمنية وإعلامية كبرى.

وأضاف الزاهد أن هذه الواقعة تعكس أهمية الدفاع عن استقلال القرار الوطني في إدارة شبكات الاتصالات، لافتًا إلى أن التذرع بتطوير الخدمات أو سرعة الأعطال لا يجب أن يكون مبررًا لتمكين شركات أجنبية من الاطلاع على بيانات الشبكة المصرية والمستخدمين، مؤكدًا أن حماية الأمن القومي لا تتأتى إلا بوجود سياسات عامة شفافة، تدمج المواطن والخبير الوطني في الرقابة والإشراف، لا بإغلاق النقاش العام أو تخوين المعترضين.

وأدى الحريق الذي اندلع في أحد الطوابق الحيوية بسنترال رمسيس إلى كشف عمق الخلل الذي يعانيه قطاع الاتصالات في مصر وخاصة على مستوى البنية التحتية الرقمية التي ظهرت هشاشتها بشكل واضح بعد أن توقفت خدمات الإنترنت والاتصالات في عدد كبير من المحافظات وتأثرت بها المؤسسات المالية والمصرفية وتوقفت جزئيا منظومة الدفع الإلكتروني بما يشمل أجهزة الصراف الآلي وخدمات المحافظ الرقمية

الحريق الذي أصاب منشأة مسؤولة عن تمرير ما يقرب من 40 بالمئة من حركة البيانات المحلية والدولية سلط الضوء على واقع خطير تعانيه البلاد يتمثل في مركزية البنية الرقمية واعتمادها الكامل على شركة واحدة تتحكم بشكل شبه مطلق في البنية التحتية للإنترنت وشبكات الاتصالات الثابتة والدولية