يبدي مفاوضو حماس شكوكًا متزايدة حول إمكانية التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار مع إسرائيل في الجولة الحالية من المحادثات في الدوحة، حسبما علمت "ميدل إيست آي" من مصادر مطلعة على تفاصيل التفاوض.

الخلاف يتركز على نقطتين من أصل أربع قضايا رئيسية: أولاهما حدود انسحاب إسرائيل خلال الهدنة المقترحة لمدة 60 يومًا، وثانيهما آلية توزيع المساعدات.

الولايات المتحدة اقترحت تأجيل البت في هذين الملفين، والتركيز بدلاً من ذلك على قوائم الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم إسرائيل مقابل المحتجزين الإسرائيليين. لكن المفاوضين الفلسطينيين يرون أن هذا الاقتراح فخ يهدف إلى تحميل حماس مسؤولية فشل المحادثات.

بحسب المصادر، تصر إسرائيل على الإبقاء على وجود عسكري في أجزاء واسعة من قطاع غزة خلال فترة الهدنة، بما يشمل معظم محافظة رفح ومنطقة "عازلة" تمتد ثلاثة كيلومترات على الحدود الشرقية والشمالية، ما يمنع مئات آلاف النازحين من العودة إلى منازلهم.

تطالب حماس إسرائيل بالالتزام بخطوط الانسحاب المتفق عليها في هدنة يناير، التي خرقتها إسرائيل في مارس، والتي تبقي القوات الإسرائيلية ضمن ممر فيلادلفي ومع حدود لا تتجاوز 700 متر من الجهة الشرقية والشمالية، ريثما يُبرم اتفاق دائم.

في ملف المساعدات، ترفض حماس استمرار عمل مؤسسة المساعدات الإنسانية في غزة (GHF)، بسبب ارتباطها بسلوكيات قاتلة موثقة، وتخشى أن تحل محل وكالات أممية.

رغم أن إسرائيل اقترحت أن يكون برنامج الأغذية العالمي هو الموزع الرئيسي، إلا أن الواقع يشير إلى استمرار سيطرة مؤسسة غزة الإنسانية على الميدان، مع تقارير وشهادات عن إطلاق نار متكرر على المدنيين أثناء استلام المساعدات.

منذ أواخر مايو، قُتل أكثر من 800 فلسطيني وأُصيب أكثر من 5 آلاف أثناء انتظار المعونات في مواقع التوزيع، وفق مصادر طبية.
 

"مخيم تركيز" في رفح
 

ترتبط قضية الانسحاب العسكري الإسرائيلي بآلية توزيع المساعدات. فإذا بقيت القوات الإسرائيلية في رفح، فإن غزة تفقد جزءًا كبيرًا من أراضيها الزراعية، ما يهدد أمنها الغذائي.

بذلك، يُفتح الطريق لتنفيذ ما تسميه إسرائيل "مدينة إنسانية"، وهي مشروع يقترح نقل جميع سكان غزة إلى مخيم ضخم في أنقاض رفح، مع منع الخروج منه، بحسب ما أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن الأسبوع الماضي.

النقاد يرون أن هذه المدينة أشبه بـ"مخيم تركيز"، وقد تُستخدم لاحتجاز نحو 600 ألف فلسطيني مبدئيًا، وربما لاحقًا جميع سكان غزة، ما يسهّل التهجير الجماعي خارج القطاع.

مصدر مطلع على المفاوضات أوضح أن حماس ترى في استمرار مؤسسة غزة الإنسانية وسيلة إسرائيلية لدفع السكان نحو هذا المخيم، وترفض اتفاقًا يتيح ذلك خلال فترة الهدنة.
 

السلاح والمفاوضات

في القضية الرابعة، تطالب حماس بأن تُفضي الهدنة إلى وقف دائم للحرب، وأن تبدأ المفاوضات من اليوم الأول للهدنة.

لكن نتنياهو وضع شرطًا يعتبره الفلسطينيون مدمّرًا للمفاوضات، إذ يشترط أن تتخلى حماس عن سلاحها وتتنازل عن صلاحياتها العسكرية والسياسية.

كمبدأ، ترفض حماس التخلي عن حق المقاومة المسلحة في ظل استمرار الاحتلال. ومع أنها طرحت سابقًا هدنة طويلة الأمد مقابل انسحاب إسرائيلي، إلا أن القبول بنزع سلاحها يُعد تنازلًا يمنح إسرائيل فرصة لتنفيذ مشروعها في إفراغ غزة من سكانها.

بحسب المصدر، ترى حماس في المقاومة وسيلة للضغط على إسرائيل داخليًا، وإلا فإنها تفقد كل أوراقها.

وأشار المصدر إلى تجربة لبنان، حيث قيدت إسرائيل حزب الله جنوب نهر الليطاني في اتفاق وقف إطلاق النار، ثم طالبت لاحقًا بنزع سلاحه بالكامل. واعتبر أن تكرار ذلك مع غزة يُمهّد لتطهير عرقي شامل.

أضاف أن حماس دخلت محادثات الدوحة بحسن نية وعرضت إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين أحياء، لكن نتنياهو يحاول "نسف الاتفاق بكل طريقة".

الخلاصة أن أي اتفاق لا يضمن انسحابًا فعليًا من رفح، ولا يوقف قتل المدنيين عند نقاط توزيع الطعام، ولا يمنع تهجير الفلسطينيين نحو مخيمات مغلقة، لن يحظى بقبول حماس، ولا يمكن أن يُبنى عليه سلام دائم.
 

https://www.middleeasteye.net/news/gaza-talks-risk-israel-demands-rafah-occupation-and-ghf-continuation