أقام محامو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارة الداخلية، طالبوا فيها بوقف استخدام مصابيح السيارات شديدة الإضاءة من نوع "زينون" و"ليد" و"ليزر"، لما تسببه من مخاطر بالغة تصل حدّ العمى المؤقت وتشوش الرؤية، والتي تُعد أحد أسباب الحوادث التي لا تجد طريقها إلى محاضر التحقيق أو الإحصاءات الرسمية.
دعوى تطالب بتطبيق القانون المنسي
جاءت الدعوى، التي حملت رقم 71759 لسنة 79 ق، نيابة عن أحد سائقي سيارات الأجرة، لتسلّط الضوء على تقاعس وزارة الداخلية عن تطبيق المادة 72 مكرر من قانون المرور، التي تنص بوضوح على سحب رخصة القيادة لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة أشهر في حال استخدام الإضاءة الباهرة، وهي الإضاءة التي تؤدي إلى إزعاج أو تشويش أو تعمية مؤقتة على بقية السائقين.
وعرّفت الدعوى هذه المصابيح "الباهرة" بأنها تلك التي تصدر ضوءًا عالي الشدة يتسبب في فقدان الرؤية المؤقتة، سواء للمركبات القادمة في الاتجاه المعاكس، أو عبر انعكاسها في مرايا المركبات الأمامية، ما يحوّل الطريق إلى ساحة خطر دائم، خاصة في الليل.
فوضى في سوق الكشافات.. وغياب للرقابة
وأكدت الدعوى أن غياب الرقابة الحكومية على سوق الكشافات أدى إلى انتشار لمبات الزينون والليد والليزر، حيث باتت تُعرض في الأسواق على أنها "مواصفات أوروبية" و"إضاءة نهارية" و"كشافات قوية للمسافات الطويلة"، بينما هي في حقيقتها مخالفة للقانون وتهدد سلامة المواطنين على الطرق.
وقال المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، خالد الجمال، إن حوادث الطرق الناتجة عن استخدام هذه المصابيح لا يتم توثيقها رسميًا، نظرًا لغياب عنصر الدقة في تحديد أسباب الحادث بالمحاضر. وأضاف: "ما يمكن الجزم به أن هذه اللمبات تمثل مخالفة واضحة لقانون المرور، وأن استخدامها المفرط تسبب في حوادث عديدة لا تصل إلى المحاكم أو الإعلام".
مطالبات بتعديل إجراءات الترخيص والفحص الفني
طالبت الدعوى بإلزام وزارة الداخلية باتخاذ خطوات فورية، أبرزها:
تفعيل العقوبات المنصوص عليها في قانون المرور ضد مستخدمي المصابيح الباهرة.
تحديد المواصفات القياسية لمصابيح الإضاءة المسموح بها قانونًا.
منع استيراد أو تداول الكشافات المخالفة.
إدراج فحص الإضاءة الأمامية ضمن شروط ترخيص السيارة السنوي.
وحذّرت من أن استمرار الوضع الحالي لا يعني فقط تهديدًا مباشرًا لحياة السائقين والركاب، بل يعكس خللاً تشريعيًا وتنفيذيًا في ضمان سلامة الطريق بوصفه حقًا عامًا.
أبحاث دولية تؤكد المخاطر
لم تكتف الدعوى بالاستناد إلى النصوص القانونية المحلية فقط، بل دعّمت موقفها بنتائج أبحاث علمية نُشرت في المملكة المتحدة عام 2022، كشفت أن:
89% من السائقين في بريطانيا يرون أن المصابيح الأمامية لبعض السيارات مبهرة بشكل مفرط.
64% أبلغوا عن تعرضهم لحوادث أو شبه حوادث نتيجة تشويش بصري بسبب تلك المصابيح.
العين البشرية لا تتكيف سريعًا مع شدة الإضاءة العالية، ما يؤدي إلى فقدان تركيز لحظي قد يكلف الحياة.
غياب الحصر الرسمي للحوادث يفاقم المشكلة
في ظل غياب قاعدة بيانات تربط بين استخدام الإضاءة الباهرة والحوادث المرورية في مصر، تتزايد المخاوف من أن تظل هذه الكارثة المستترة طي الإهمال، رغم ما تسببه من كوارث يومية.
فمن الطرق السريعة إلى شوارع المدن المزدحمة، أصبحت ظاهرة الكشافات الشديدة مألوفة لدرجة التطبيع معها، وسط عجز واضح من الجهات المعنية عن ضبطها أو الحد من خطورتها.