هيمنت أجواء التوتر والانقسام داخل أروقة البرلمان خلال مناقشة مشروع قانون "الإيجار القديم"، حيث وافق المجلس على المواد الجوهرية في القانون الجديد، وسط انسحاب جماعي لنواب المعارضة والمستقلين اعتراضًا على رفض جميع التعديلات التي تقدموا بها لمدّ فترات الإخلاء أو استثناء بعض الحالات الاجتماعية.
مادة حاسمة تشعل الجدل
وأثارت المادة الثانية من مشروع القانون، التي تقضي بإنهاء عقود إيجار الأماكن السكنية بعد سبع سنوات من تطبيق القانون، وغير السكنية بعد خمس سنوات، جدلاً واسعًا في الجلسة العامة.
إذ تقدّم النائبان أحمد الشرقاوي وضياء الدين داود بتعديل يقترح حذف المادة أو على الأقل مد الفترة الانتقالية لعشر سنوات، لكن الأغلبية البرلمانية صوتت بالرفض، وهو ما دفعهما مع عدد من نواب المعارضة والمستقلين إلى الانسحاب من الجلسة احتجاجًا.
التمسك الحكومي بالنص دون تعديل
ورغم الطروحات التي قدمها النواب بشأن حماية المستأجرين القدامى، وخصوصًا المستأجر الأصلي وأسرته، رفضت الحكومة جميع التعديلات المقترحة، وأكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية، أن "الحكومة متمسكة بالنص الحالي للمادة"، مع الإشارة إلى أن "هناك بدائل أخرى سيتم طرحها خلال مناقشة المادة الثامنة من المشروع"، دون إبداء تفاصيل.
ارتفاع القيمة الإيجارية خمسة أضعاف
ولم يتوقف الجدل عند المادة الثانية فقط، بل امتد إلى المادة الخامسة التي وافق عليها المجلس، وتنص على رفع القيمة الإيجارية القانونية إلى خمسة أضعاف القيمة الحالية، وذلك اعتبارًا من تاريخ استحقاق الأجرة التالية لتطبيق القانون، في خطوة تهدف إلى تصحيح ما وصفته الحكومة بـ"تشوهات سوق الإيجارات".
توسيع نطاق التطبيق
كما وافق المجلس على المادة الأولى من القانون، والتي تحدد نطاق تطبيقه، لتشمل الأماكن المؤجرة لغرض السكنى، والأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى، وذلك وفقًا لأحكام قانوني 49 لسنة 1977، و136 لسنة 1981.
معركة قانونية - اجتماعية مفتوحة
ويفتح هذا القانون الباب أمام موجة من التغيرات الجذرية في خريطة العلاقة بين الملاك والمستأجرين، في ظل تحذيرات من تأثيرات اجتماعية واقتصادية عميقة، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع أسعار الإيجارات في السوق العقاري.
المعارضة: القانون يهدد الاستقرار المجتمعي
وفي تصريحات صحفية على هامش الجلسة، قال النائب ضياء الدين داود إن "تمرير هذه المواد دون مراعاة للظروف الاقتصادية الحالية يمثل خنقًا للفئات الضعيفة، وتهديدًا للاستقرار الأسري لملايين المستأجرين"، مشددًا على أن "القانون بهذا الشكل ينحاز فقط لطرف واحد على حساب آخر".
خلفيات الصراع والتطلعات
ويأتي تمرير هذه المواد وسط نقاش ممتد في المجتمع المصري حول "الإيجار القديم"، الذي ظل لعقود من الزمان ملفًا شائكًا تراكمت حوله الأعباء القانونية والاقتصادية والاجتماعية.
ويرى المؤيدون للقانون الجديد أنه يعيد التوازن بين حقوق المالك والمستأجر، بينما يعتبره المعارضون ضربة موجعة للطبقات المتوسطة والفقيرة، ويخشون من أن يؤدي إلى تشريد آلاف الأسر في ظل غياب بدائل سكنية آمنة.