أعادت شركة الفيوم للغاز، توصيل الغاز الطبيعي إلى شركة سيراميكا إينوفا (الفراعنة سابقًا) بمنطقة كوم أوشيم الصناعية في الفيوم بعد اتفاق لجدولة ديونها التي تقترب من مليار جنيه، فيما يزال مئات العمال بلا رواتب للشهر الثاني على التوالي، وسط حالة من الغضب والاحتقان.
وكانت شركة الفيوم للغاز أوقفت ضخ الغاز إلى "إينوفا" لمدة ستة أيام بسبب تراكم المديونيات، ما أجبر الشركة على إغلاق مصانعها وإبلاغ العمال بإجازة مفتوحة لحين عودة الغاز.
وبعد اجتماع بين مالك الشركة محمد فوزي وقيادات بالشركة الوطنية للطاقة بالقاهرة، تم الاتفاق على سداد جزء عاجل من الديون، مع جدولة الباقي في إطار خطة زمنية. وبالفعل، أُعيد توصيل الغاز مساء أمس الإثنين، فيما لم تُصرف الرواتب المتأخرة حتى اللحظة، ما ينذر بأزمة جديدة قد تنفجر قريبًا.
ديون ثقيلة وتجاهل للأجور
وفق مصدر قريب من الإدارة، تبلغ ديون الشركة لصالح شركة الغاز حوالي 980 مليون جنيه، بينما تصل مديونيتها لشركة الكهرباء إلى أكثر من 100 مليون جنيه. وقد دفعت الشركة مؤخرًا نصف مليون جنيه فقط للكهرباء، بعدما هددت الأخيرة بقطع التيار.
لكن في المقابل، ما زالت أجور العمال معلقة، حيث لم يحصلوا على رواتب شهري مايو ويونيو، رغم وعود الإدارة بصرفها على شرائح قبل نهاية يونيو، ثم بدء صرف راتب يونيو مطلع يوليو. ويبلغ إجمالي الرواتب المطلوبة شهريًا نحو 12 مليون جنيه، وفق ما صرح به أحد العمال، متسائلًا: "إزاي الشركة بتدفع عشرات الملايين للغاز والكهربا ومش لاقية تدفع مرتبات الناس اللي بتأكل أولادها؟".
غضب يتصاعد واستعداد لإضراب جديد
أبدى العديد من العمال، ومنهم عاملون في أقسام الإنتاج والسلامة والصيانة، غضبًا شديدًا من عدم صرف الرواتب، وهددوا بالعودة إلى الإضراب حال استدعائهم للعمل قبل استلام مستحقاتهم المالية. وقد بدأ بالفعل استدعاء بعض العمال لتشغيل الأفران، لكن دون إشعار واضح لباقي الأقسام بموعد العودة للعمل.
نساء وذوو إعاقة في مرمى الأزمات
لا تقتصر الأزمة على الرواتب فقط، بل تشمل أيضًا الإجازات الإجبارية التي فرضتها الإدارة خلال الأشهر الماضية، حيث منحت إينوفا مئات العمال، بينهم 57 امرأة و130 من ذوي الإعاقة، إجازات قسرية من يناير حتى مارس، مقابل صرف الراتب الأساسي فقط، الذي لا يتجاوز ثلث ما كانوا يتقاضونه. كما فصلت عددًا ممن رفضوا هذه القرارات.
وفي مايو الماضي، أرسلت الإدارة إنذارات بالفصل لـ45 عاملًا من الذين كانوا ضمن الإجازات القسرية، متهمةً إياهم بعدم العودة للعمل رغم عدم إرسال أي استدعاء رسمي، بحسب ما أكده عدد من العمال المنذَرين بالفصل.
تراكمات متواصلة وسجل احتجاجي طويل
يُذكر أن عمال "سيراميكا إينوفا" لديهم سجل طويل من الاحتجاجات العمالية يعود إلى عام 2009، وارتفعت وتيرتها بعد ثورة يناير، نتيجة ظروف عمل متدهورة وأجور غير عادلة. ففي يناير الماضي، دخل العمال في إضراب للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور البالغ 6 آلاف جنيه، في حين أن متوسط الرواتب لا يتجاوز 4 آلاف جنيه، إلى جانب مطالب بإعادة تشغيل أوتوبيسات نقل العمال بعد أن أوقفت الشركة 75% منها، مما حمّلهم أعباء إضافية.
وبعد صرف جزء من راتب ديسمبر المتأخر، أنهى العمال الإضراب في 29 يناير، لتفاجئ الإدارة 57 عاملة بقرار إجازة إجبارية في اليوم التالي، لمدة تصل إلى 6 أشهر، مع تقاضي الراتب الأساسي فقط.
خلفية عن الشركة
تأسست "مجموعة الفراعنة لإنتاج السيراميك والبورسلين والأدوات الصحية" في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، على يد رجل الأعمال محمد فوزي، بمشاركة شركاء أجانب قبل أن يستحوذ على ملكيتها بالكامل لاحقًا. وتعد "سيراميكا إينوفا" واحدة من الشركات البارزة في صناعة السيراميك بمصر، لكنها دخلت خلال السنوات الأخيرة في دوامة من الأزمات المالية والإدارية، انعكست بشكل مباشر على أوضاع العمال، الذين يدفعون الثمن الأكبر دائمًا.