تتواصل فصول الأزمة داخل شركة "الشرقية للدخان"، بعدما تفاجأ ستة من عمال الشركة بإغلاق ملفاتهم التأمينية في مكتب التأمينات الاجتماعية بمدينة السادس من أكتوبر، دون سابق إخطار، أو حتى توقيعهم على الاستمارات القانونية اللازمة لإنهاء علاقتهم الوظيفية، في إجراء وصفه أحد أعضاء مجلس النواب بـ"التزوير"، وأثار انتقادات حقوقية ونقابية حادة.
الخطوة جاءت بعد نحو شهرين من قرار إداري غير معلن بمنع هؤلاء العمال من دخول الشركة، وسط تصاعد الخلافات بين العاملين واتحاد العاملين المساهمين من جهة، وإدارة الشركة من جهة أخرى، بسبب رفض العمال الموافقة على صفقة بيع أسهم الاتحاد لمشترٍ فرد بسعر أقل من القيمة السوقية.
إقصاء إداري بلا إخطار أو استمارات قانونية
يقول اثنان من العمال المتضررين، إنهم فوجئوا منذ أسبوع بإغلاق ملفاتهم التأمينية، رغم عدم إخطارهم رسميًا بإنهاء خدماتهم، أو توقيعهم على استمارة 6 الخاصة بإنهاء الاشتراك التأميني، وهو ما اعتبروه إجراءً تعسفيًا.
وتؤكد الإجراءات القانونية، بحسب ما أوضحه المحامي ياسر سعد، أن غلق الملف التأميني لا يتم إلا بإخطار رسمي من صاحب العمل إلى التأمينات خلال أسبوع من تاريخ إنهاء الخدمة، أو بناءً على طلب العامل نفسه بتوقيع الاستمارة 6، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة.
وأوضح سعد أن قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 ينص على ضرورة اللجوء إلى لجنة فض المنازعات قبل اللجوء إلى القضاء، مما يفرض على العمال المرور بمسار شائك وبطيء للحصول على حقوقهم.
البرلمان يتحرّك: "تزوير" في أوراق رسمية؟
النائب إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أكد أنه تقدّم بطلب إحاطة عاجل لرئيس الحكومة ووزيري العمل وقطاع الأعمال، إضافة إلى رئيس هيئة التأمينات الاجتماعية، بشأن الواقعة التي اعتبرها "تزويرًا في الأوراق الرسمية" إذا ثبت غلق ملفات التأمينات دون استمارات موقعة.
كما أشار منصور إلى أن بعض أعضاء الجمعية العمومية لاتحاد العاملين المساهمين تقدموا بشكاوى رسمية يتهمون فيها الإدارة بممارسة ضغوط وتهديدات بالفصل، لدفعهم للموافقة على الصفقة محل النزاع في الجمعية القادمة.
وكان منصور قد تقدم بطلب إحاطة مماثل في مايو الماضي، لم يُناقش حتى الآن، ما يزيد من تساؤلات العمال حول جدية الجهات الرقابية في التعامل مع الأزمة.
صفقة مثيرة للجدل واتهامات بالضغط والتلاعب
الأزمة تعود جذورها إلى فبراير الماضي، عندما رفض عمال الشركة خلال الجمعية العمومية غير العادية لاتحاد العاملين المساهمين بيع جميع أسهم الاتحاد لمستثمر بسعر أقل من القيمة العادلة، وهو ما تسبب في غضب الإدارة، بحسب روايات عمالية.
يمتلك الاتحاد نحو 5.2% من أسهم الشركة (ما يعادل أكثر من 156 مليون سهم)، وهي نسبة حرجة في الهيكل المالي للمؤسسة التي تستحوذ عليها شركة "جلوبال" الإماراتية بنسبة 30%، تليها الشركة القابضة للصناعات الكيماوية بـنحو 20.95%.
في أعقاب التصويت بالرفض، خضع بعض العمال لتحقيقات إدارية بتهمة "إتلاف ممتلكات الشركة"، في خطوة اعتبرها مراقبون إجراءً تأديبيًا مقنّعًا، قبل أن تعود الإدارة وتساومهم على حفظ التحقيقات مقابل الكف عن مخاطبة هيئة الرقابة المالية بشأن صفقة البيع.
إغلاق التأمينات عقاب جماعي؟
في أبريل، أُعيد التصويت على الصفقة نفسها، فرفضها العمال مجددًا، وهو ما قابله مجلس الإدارة بإجراءات عقابية غير معلنة. إذ تم حرمان 19 عاملاً من الحوافز لمدة 6 أشهر، ومنع ستة آخرين، ومن دخول مقر الشركة، وصولًا إلى غلق ملفاتهم التأمينية دون مسوغات قانونية.
وبحسب ما نقله اثنان من العمال فإن مكتب العمل أبلغهم بعد شكواهم أن الشركة رفضت توضيح أسباب منعهم، وأبلغته بأنها ستفعل ذلك "أمام المحكمة"، في إشارة إلى نية الإدارة التصعيد بدلاً من احتواء الأزمة.