أبرزت الحرب الأخيرة في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران هشاشة أمن الطاقة في مصر، بعد أن أوقفت إسرائيل تصدير الغاز الطبيعي إليها طوال فترة الحرب، ما ألحق أضراراً اقتصادية كبيرة بالقاهرة، وفق تقرير نشره موقع رويترز.

أعادت إسرائيل تشغيل خط أنابيب الغاز الذي يربطها بمصر في 23 يونيو عقب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسط فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن هذه الأزمة كشفت هشاشة الوضع المصري وتراجع آمال أن تصبح منطقة شرق المتوسط مركزاً رئيسياً لتصدير الغاز.

في العقدين الماضيين، غيّرت اكتشافات الغاز البحرية الكبيرة قرب سواحل مصر وإسرائيل وقبرص مشهد الطاقة الإقليمي، وجذبت شركات دولية كبرى. وكان لمصر نصيب كبير من هذا الازدهار، لا سيما بعد اكتشاف حقل ظهر عام 2015، أكبر حقل غاز في شرق المتوسط، وتطويره بسرعة بحلول 2017، ما وفّر لها مصدراً مهماً للطاقة والدخل من صادرات الغاز المسال، التي بلغت 7 ملايين طن عام 2022، أي نحو 2% من الإمدادات العالمية.

لكن هذا النمو تعرض لانتكاسة حادة مطلع العقد الحالي، حيث انخفض إنتاج الغاز المصري من أكثر من 6 مليارات قدم مكعب يومياً عام 2021 إلى 3.5 مليارات بحلول أبريل 2025. ويتوقع محللون أن يتراوح متوسط الإنتاج هذا العام بين 4.4 و4.6 مليارات قدم مكعب يومياً، مع صعوبة تحقيق زيادات في ظل ضعف نتائج أعمال الاستكشاف البحري في السنوات الأخيرة.

المشكلة تعمقت بفعل النمو السكاني السريع، حيث ارتفع عدد السكان من 100 مليون عام 2015 إلى 115 مليوناً في 2023، ما أدى إلى عجز في الإنتاج المحلي. بدأت مصر منذ 2020 في استيراد الغاز من إسرائيل، التي ارتفع إنتاجها بأكثر من 70% خلال العقد الماضي ليبلغ 2.5 مليار قدم مكعب يومياً، يُصدّر نصفها تقريباً إلى مصر والأردن.

التراجع في إنتاج مصر دفعها إلى استيراد الغاز المسال مجدداً منذ 2024، لأول مرة منذ 2018. ويتوقع أن تستورد القاهرة ما يصل إلى 160 شحنة غاز مسال خلال عامي 2025 و2026 بأسعار أعلى بكثير من تكلفة الإنتاج المحلي أو الاستيراد من إسرائيل، التي بلغت أقصى طاقتها في تصدير الغاز.

توقفت صادرات الغاز الإسرائيلية لمصر في 13 يونيو عندما أغلقت إسرائيل اثنين من حقولها البحرية، ليفياثان وكاريش، بعد ساعات من بدء موجة غارات جوية مفاجئة ضد إيران. استوردت مصر أكثر من 0.9 مليار قدم مكعب يومياً من إسرائيل في الأشهر الأربعة الأولى من 2025، وهو ما يعادل نحو 17% من استهلاكها الإجمالي، وفق بيانات مبادرة البيانات المشتركة (JODI).

هذا الانقطاع وقع في وقت كانت فيه مصر تستعد لأعلى ذروة استهلاك صيفي، مما شكل تهديداً حقيقياً على اقتصادها. ونتيجة لذلك، اضطرت شركات الأسمدة إلى وقف عملياتها ضمن خطة طوارئ حكومية، في حين لجأت محطات الكهرباء إلى حرق الوقود الثقيل والديزل بأقصى طاقة ممكنة لتجنب انهيار الشبكة، في بلد شهد انقطاعات كهربائية متكررة في السنوات الأخيرة.

تشير تقديرات إلى أن كل أسبوع من توقف واردات الغاز من إسرائيل كان يستدعي استيراد شحنتين إضافيتين من الغاز المسال أو اللجوء إلى بدائل وقود باهظة الثمن.

رغم أن إسرائيل استأنفت تصدير الغاز لمصر في 25 يونيو، إلا أن هذا لا يحل المشكلة الجذرية. تستمر شركات الطاقة الكبرى مثل بي بي، شل، شيفرون وإكسون موبيل في البحث عن اكتشافات جديدة، قد تساعد إن تحققت في تعويض التراجع الطبيعي للإنتاج.

ومن المحتمل أن تزيد صادرات إسرائيل لمصر مع توسع حقل ليفياثان في 2026 من 12 إلى 14 مليار متر مكعب سنوياً، غير أن تأخر توسعة البنية التحتية لخطوط الأنابيب قد يحدّ من تلك الزيادة.

وفي الوقت الذي يواجه فيه قطاع الغاز المصري مستقبلاً قاتماً، تعاني البلاد أيضاً من نمو اقتصادي بطيء وخسائر كبيرة في عائدات قناة السويس بعد تحويل الكثير من السفن مسارها بعيداً عن البحر الأحمر، بسبب هجمات الحوثيين المدعومين من إيران منذ 2023.

ويشير تراجع الصناعة المصرية إلى انحسار طموحات شرق المتوسط لأن يصبح مركزاً عالمياً لتصدير الغاز المسال في المستقبل القريب.
 

https://www.reuters.com/markets/commodities/mideast-war-highlights-egypts-energy-weak-spot-2025-06-30/