أصدر عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا جديدًا يضيف قرضًا أوروبيًا جديدًا إلى سلسلة القروض المتتالية التي حصلت عليها الدولة خلال العقد الأخير، حيث تمت الموافقة على قرض بقيمة 35 مليون يورو لإنشاء خط جديد للسكك الحديدية يربط بين الروبيكي والعاشر من رمضان وبلبيس، في وقت تتصاعد فيه المخاوف الشعبية والاقتصادية من حجم الديون الخارجية المتفاقمة.

 

تفاصيل القرار

القرار الجمهوري الذي حمل رقم 128 لسنة 2025، نُشر رسميًا بعد موافقة مجلس الوزراء واستنادًا إلى المادة 151 من الدستور، وينص على التصديق على اتفاقية القرض المُبرمة بين حكومة جمهورية مصر العربية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، لإنشاء خط سكك حديدية جديد يُفترض أن يدعم البنية التحتية والنقل الصناعي بين المدن الثلاث.

 

التحفظ بشرط التصديق

القرار تضمّن بندًا يشير إلى الموافقة "مع التحفظ بشرط التصديق"، وهي صيغة قانونية تعني أن الاتفاقية لن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد استكمال إجراءات التصديق الداخلية، مما يمنح البرلمان والحكومة مجالاً لإتمام المراجعة الفنية والمالية النهائية قبل التنفيذ.

 

المشروع.. والجدل الدائم

خط السكك الحديدية الجديد يقع في نطاق شرق القاهرة، حيث تسعى الدولة لتحسين شبكات الربط اللوجستي لمناطق صناعية مثل مدينة الروبيكي لصناعة الجلود والعاشر من رمضان، وهي من أبرز المناطق الصناعية في البلاد. غير أن هذا المشروع يأتي في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وزيادة الديون الخارجية التي تجاوزت 165 مليار دولار بنهاية 2024، بحسب تقديرات غير رسمية.

ورغم الإشادة الحكومية المتكررة بمثل هذه المشاريع على اعتبارها "استثمارًا في البنية التحتية"، يرى خبراء أن التوسع في الاقتراض الخارجي حتى لمشاريع تنموية قد يحمل مخاطرة كبيرة في ظل غياب مردود اقتصادي سريع وحقيقي على الدولة والمواطن.

 

مصر و"ديون ميتر".. عدّاد لا يتوقف

القرار يأتي بالتزامن مع حملة شعبية ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #السيسي_ديون_ميتر، حيث يعبّر مصريون عن استيائهم مما يصفونه بـ"الإفراط في الاستدانة" دون نتائج ملموسة على تحسين المعيشة أو خلق فرص عمل.

 

البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.. الشريك القديم الجديد

البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يُعد من أبرز المقرضين لمصر في مجال البنية التحتية والنقل والطاقة، وسبق أن موّل مشاريع مثل تطوير مترو الأنفاق، وخطوط الكهرباء، إلا أن القروض التي يمنحها تُشترط غالبًا بإصلاحات هيكلية قد تمس الدعم الاجتماعي أو السياسات العامة.

ويرى بعض المحللين الاقتصاديين أن المشروع في حد ذاته "ليس مشكلة"، ولكن طريقة تمويله، في ظل شح موارد الدولة، هي التي تثير القلق. وقال الدكتور شريف العريان، أستاذ التمويل والاستثمار: "نحن لسنا ضد تطوير البنية التحتية، ولكن القروض أصبحت الوسيلة الأساسية وليس الأخيرة، وهذا خطر على المدى المتوسط والبعيد."

وأضاف: "يجب الربط بين أي قرض وبين خطة سداد واضحة، ومعايير صارمة لقياس العائد على الاستثمار."