اصطفت مئات الشاحنات الثقيلة في طوابير طويلة على طريق "السخنة – الزعفرانة"، بعدما قررت الجهات المعنية غلق الطريق بشكل مفاجئ، نتيجة تدفق سيول قوية من جبل الجلالة جرفت معها كميات ضخمة من الطين والحجارة، وأغرقت أجزاء واسعة من الطريق الحيوي الواصل بين السويس والبحر الأحمر.
الطريق مغلق.. الشاحنات عالقة.. والركاب يعودون أدراجهم
عند كمين "سوميد"، في الاتجاه المتجه إلى الزعفرانة، تكدست شاحنات النقل الثقيل في طابور يمتد كيلومترات، في انتظار إشارة من قوات تأمين الطريق تسمح بفتح الطريق من جديد.
في الحارة المجاورة، المخصصة للسيارات الملاكي، كان المشهد أقل ازدحامًا، لكن أكثر قلقًا؛ حيث اضطر كثير من السائقين للعودة إلى السويس، خصوصًا من كانوا يصطحبون أطفالًا ونساءً في طريقهم إلى منتجعات جنوب العين السخنة.
وأعلنت إدارة مرور السويس غلق الطريق من الاتجاهين: من جهة السويس عند كمين "سوميد"، ومن جهة الغردقة عند كمين "الزعفرانة"، وذلك بعد أن غمرت المياه المنطقة الواقعة بين منتجع "موفنبيك" و"واحة مينا"، وهي منطقة شديدة الحساسية حيث يمر الطريق الساحلي مباشرة أسفل جبل الجلالة، ولا يفصل المنشآت السياحية عن سفح الجبل سوى هذا الطريق فقط.
السيل جاء ليلًا.. محملًا بالروبة والحجارة
بحسب روايات شهود عيان، فإن الأمطار بدأت في الهطول بغزارة مساء السبت، قبل أن تتحول إلى سيل جارف عند منتصف الليل، يحمل كميات ضخمة من الرواسب الجبلية والطين.
هذا المشهد أعاق حركة الشاحنات التي وجدت صعوبة شديدة في التحرك وسط الطين.
مليارات الجنيهات.. وسؤال قديم يتجدد: أين ذهبت؟
تأتي هذه الواقعة لتعيد إلى الواجهة سؤالًا طالما تكرر: ما جدوى المليارات التي أعلنت الدولة إنفاقها على تطوير الطرق والكباري في مصر؟
فرغم ما تصفه الحكومة بأنه "إنجاز غير مسبوق"، تكشف هذه السيول هشاشة البنية التحتية في أول اختبار طبيعي حقيقي.
وفقًا لتقارير رسمية، أنفقت الدولة أكثر من 500 مليار جنيه في السنوات الأخيرة على مشروعات الطرق، ضمن ما يُعرف بالمشروعات القومية الكبرى، وكان كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة ووزير النقل، أحد أبرز الوجوه الدافعة لهذا المشروع، غير أن مشاهد غرق الطرق، وتكرار الحوادث، ومخاطر السير، دفعت مراقبين لتوجيه اتهامات مباشرة بالتقصير في التخطيط والرقابة، وطرح تساؤلات عن وجود فساد محتمل في تنفيذ تلك المشروعات، خاصة في المناطق الجبلية والساحلية.