اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" سلطات السيسي بتقويض الحق في التعليم على مدار السنوات الأخيرة من خلال تقليص الإنفاق على القطاع التعليمي، مما أدى إلى تفاقم أزمة التعليم في البلاد.

وفي بيان رسمي صادر عنها، أوضحت المنظمة أن الحكومة قد خفضت الميزانية الوطنية للتعليم بشكل ملحوظ من حيث القيمة الحقيقية وكذلك من حيث النسبة المئوية من الناتج المحلي الإجمالي.

وأكدت المنظمة أن هذا التقليص في الإنفاق قد أسهم بشكل مباشر في تفاقم أزمات التعليم في مصر، بما في ذلك ضعف جودة التعليم، ونقص المعلمين المؤهلين والمدربين، بالإضافة إلى البنية التحتية غير الملائمة للمدارس الحكومية.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن التقاعس الحكومي قد أفضى إلى فشل في ضمان توفير التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي المجاني لجميع الأطفال في مصر، بما في ذلك الأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء، وأكدت المنظمة أن هذا التقاعس يشكل انتهاكًا لالتزامات مصر الدولية في توفير التعليم للجميع.
 

انخفاض الإنفاق على التعليم
   حسب البيان، خصصت الحكومة لقطاع التعليم في ميزانية السنة المالية 2024-2025 مبلغ 295 مليار جنية، وهو ما يعادل 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر الذي يبلغ 17 تريليون جنيه.
وعلى الرغم من أن البرلمان قد وافق على هذه الميزانية، إلا أن المنظمة اعتبرت أنها "أقل بكثير من المتطلبات الدستورية والمعايير الدولية" التي تلتزم بها مصر.

ويُلزم الدستور المصري الدولة بإنفاق ما لا يقل عن 6% من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم، بما في ذلك 4% على التعليم قبل الجامعي.
كما تشير المعايير الدولية إلى أن المخصصات التعليمية يجب أن تتراوح بين 4% و6% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن 15% إلى 20% من الإنفاق العام يجب أن يخصص للتعليم.
 

تدهور الوضع التعليمي
   
تُظهر الأرقام التي قدمتها "هيومن رايتس ووتش" انخفاضًا حادًا في الإنفاق على التعليم في السنوات الأخيرة، حيث انخفض الإنفاق من 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020-2021 إلى 1.7% في الميزانية الحالية لعام 2024-2025، وهو ما يُعد أدنى مستوى في خمس سنوات.

وعند مقارنة هذه الأرقام بحالة التعليم في مصر خلال العام الأول لحكم لعبد الفتاح السيسي، يُلاحظ انخفاضًا كبيرًا في الإنفاق على التعليم، حيث كان يُخصص 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي لهذا القطاع في العام 2014-2015.

وأضافت المنظمة أنه بالرغم من زيادة حجم الإنفاق الحكومي الإجمالي على كافة القطاعات، فإن مخصصات التعليم لا تزال أقل بكثير من متطلبات واحتياجات القطاع.
وتشير البيانات إلى أن مصر تواجه نقصًا حادًا في المدارس، حيث تُعاني من أزمة مزمنة في الفصول الدراسية المكتظة.
وقد أشارت وزارة التربية والتعليم في عام 2024 إلى أن هناك عجزًا في حوالي 250 ألف فصل دراسي.

كما يواجه القطاع نقصًا حادًا في أعداد المعلمين، حيث صرح وزير التربية والتعليم في أكتوبر 2024 بأن العجز في المعلمين يصل إلى أكثر من 665 ألف معلم.
 

تأثير الديون على التعليم
   تتزامن هذه الانتقادات مع تقرير آخر صادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة في يناير 2025، الذي أشار إلى أن الموارد المالية اللازمة للخدمات العامة مثل التعليم والصحة في مصر تتقلص بسبب عبء خدمة الديون المتزايد بسرعة.

ووفقًا للتقرير، تجاوزت مدفوعات فوائد الديون إجمالي الإنفاق الحكومي على التعليم والصحة في السنوات الأخيرة، وهو ما يُظهر التحديات التي تواجه الحكومة في تلبية احتياجات القطاع العام في ظل عبء الديون المتزايد.

وفيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية في المنطقة، كشف التقرير أن مدفوعات الفائدة على الديون في إفريقيا، بما في ذلك مصر، قد ارتفعت بشكل كبير، حيث تجاوزت 27% من الإيرادات الحكومية في عام 2024، مقارنة بـ19% في عام 2019.
 

المستقبل التعليمي
   على الرغم من هذه الأزمات، استمرت الحكومة في اتخاذ خطوات لتطوير النظام التعليمي، حيث وافق مجلس النواب في يناير 2025 على مقترح وزير التعليم بإحلال نظام البكالوريا بديلًا عن شهادة الثانوية العامة.

ومع ذلك لاقى هذا المقترح انتقادات واسعة من قبل المعنيين بالشأن التعليمي، الذين اعتبروا أنه لا يأخذ في الاعتبار تأثير التعديلات الأخيرة على نظام الثانوية العامة التي تم تطبيقها في أغسطس 2024، إلى جانب إضافة مادة التربية الدينية للمجموع، وهو ما قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على عملية التقييم.