قرّر رجل الأعمال أحمد عز، شطب أسهم شركته حديد عز، من البورصة المصرية، وشراء أسهم المساهمين المعترضين بأعلى قيمة.

وتعد شركة حديد عز من أكبر 20 شركة مقيدة بالبورصة، برأس مال سوقي قوامه أكثر من 58 مليار جنيه (1.1 مليار دولار). وتستحوذ الشركة على ثاني أعلى وزن نسبي بقطاع الموارد الأساسية بلغ 22.87%.

وعرض عز قيمًا للتسوية مع المساهمين المعترضين، وهي إما أعلى سعر إقفال خلال الشهر الماضي المقدر بـ 118.98 جنيه، أو متوسط أسعار الإقفال خلال الأشهر الثلاثة السابقة، 108.19 جنيه، أو القيمة العادلة للسهم محددة من قبل مستشار مالي مستقل، ووضعت حد أقصى لسعر السهم للشطب 120 جنيهًا للسهم.

يأتي هذا في وقت تواجه شركة حديد عز مشاكل عدة خلال الفترة الماضية، آخرها عُطل بفرن الصهر الثاني بمصنع الشركة بالعين السخنة - شرق العاصمة القاهرة - بسبب عطل جسيم في محول الكهرباء، يستغرق إصلاحه 9 أشهر، وقبلها تحقيق المفوضية الأوروبية في إغراق شركة حديد عز، الاتحاد الأوروبي بالصلب المسطح المدرفل، فضلًا عن ارتفاع واردات البلاد من الصلب المسطح دون قيود استيرادية، وزيادة واردات شركات الدرفلة المنافسة من البيليت، مما ينعكس على زيادة إنتاجها من حديد التسليح، ويؤثر على المنافسة مع "حديد عز".

وفور الإعلان عن قرار الشطب الاختياري، تراجع سعر سهم شركة حديد عز خلال جلستي الأحد والإثنين بنسبة 4.51% ليغلق عند مستوى 107 جنيهات، وخسرت الشركة أكثر من 2.7 مليار جنيه ليصل إلى 58 مليار جنيه (1.1 مليار دولار).

 

"تبحث عن امتيازات"

وعن دلالات تخارج إحدى أكبر شركات الحديد من البورصة، وأسباب قرار الشركة، ونواياها المستقبلية المحتملة للتسجيل في بورصات أخرى عربية أو عالمية، تحدث الكاتب والباحث والمحلل الاقتصادي محمد نصر الحويطي، وقال إن "حديد عز لم تعد ترى امتيازات بالنسبة لها في البورصة المصرية، وأن سوق الأوراق المالية المحلي لا تقدم لها شيئا في الوقت الحالي".

وأضاف: "نعم هي تفكر بحسب ما لدي من معلومات بأن تقيد نفسها في بورصة أبوظبي، ولكن ليس الآن، وليس فور انتهاء عملية الشطب التي ستستغرق نحو 3 شهور".، وفقًا لـ "عربي 21".

وحول تأثير شطب حديد عز نفسها على البورصة، وحجم ما تتركه من فراغ في البورصة المحلية لفت إلى أن "لخروج عز تأثيرًا سلبيًا كبيرًا، وستترك فراغًا، لأنها من كبرى الشركات المصرية ولها قيمة سوقية عالية جدًا، وسوف تقلل من القيمة السوقية أو تخفض رأس المال السوقي للبورصة التي تحتاج إلى بديل يعوض شركة بمكانة عز ورأسمالها ووزنها الكبير بالمؤشر الرئيس للبورصة( إيجي X30)".

وألمح إلى أنه "على مدار سنوات تخارج من البورصة شركات كبيرة مثل أورانج، وفودافون، والبنك الأهلي المتحد، وشركات مثل جلوبال تريكو، وباكين، وكلها شركات تركت فراغًا كونها ذات وزن نسبي عال، ولكن للأسف عز من كبرى الشركات التي تترك فراغًا وبالتالي يجب أن يكون هناك بديل قوي يعوض خروجها".

 

إعادة الهيكلة

من جانبها، قالت خبير أسواق المال، حنان رمسيس، إن رجل الأعمال أحمد عز سبق أن شطب شركته عز الدخيلة من البورصة بعدما بلغ سعر السهم أكثر من 1000 جنيه، وكرّر نفس الأمر بالتقدم بطلب شطب شركته حديد عز من البورصة، مُرجحة أن يكون السبب وراء ذلك رغبته في إعادة هيكلة شركة حديد عز، إما لإعادة طرحها مرة ثانية بتقييم مختلف أو التفاوض مع مستثمرين عرب للاستحواذ على حصة بالشركة، نظير مقابل ضخم وتحقيق أرباح من فارق التكلفة من الشطب وبيع حصة لمستثمرين جدد.

وفي أكتوبر عام 2023، أقرّت البورصة الموافقة على الشطب النهائي لقيد أسهم شركة العز الدخيلة للصلب -الإسكندرية، بعدما اشترى أحمد عز أسهم المعترضين بسعر 1250 جنيهًا للسهم.

وقالت رمسيس إن الشطب الاختياري لأسهم شركة حديد عز، سيؤثر سلبًا على البورصة؛ لأنه سيخفض عدد الشركات القيادية المقيدة، خاصة بقطاع الموارد الأساسية، مما سينعكس على تراجع عدد المستثمرين الأجانب بالبورصة، مُستندة إلى ما حدث بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عقب شطب أسهم شركة جلوبال تليكوم القابضة. وأضحت أن عدد الشركات الكبرى المقيدة بالقطاع تراجع ولم تبق سوى الشركة المصرية للاتصالات وحدها، وفقًا لـ "CNN".

وتوقعت انخفاض عدد الشركات المقيدة في قطاع الموارد الأساسية، المقيدة به أسهم حديد عز، بعد الشطب الاختياري للشركة، وذلك بالتزامن مع إجراءات تصفية شركة الحديد والصلب المصرية.

"سوء إدارة.. وهرب من توزيع الأرباح"

وضرب المحلل الاقتصادي هاشم الفحماوي، مثلاً بشركة "داماك" إحدى أكبر شركات العقار الإماراتية والمسجلة في سوق دبي، موضحًا أنها "كانت تسجل أرباحًا قوية وإيرادات قوية وتوزع أرباحًا سنوية على المساهمين فيها بشكل دوري، لكنها تساءلت: لماذا أقوم بتوزيع هذا الكم من الأرباح في البورصة؟".

وحول التأثير السلبي لشطب حديد عز نفسها، على البورصة، يقول الفحماوي: "سوق المال المصري ليس قائمًا على حديد عز، وحدها، فهناك أكثر من 200 شركة بالبورصة المحلية؛ لذلك لن يكون لشطبها تأثير كبير، وإن كان هناك تأثير فيتلخص في العامل النفسي لا أكثر".

وتوقع أن "تتخذ شركات كبرى أخرى ذات النهج، وتنسحب شركات مصرية من البورصة كما فعلت حديد عز"، ملمحًا إلى أن "مشكلة تراجع قيمة الجنيه بشكل مستمر تؤثر بلا شك بالسلب على إيرادات الشركات وأرباحها، وعند توزيع الأرباح السنوية كذلك".

وأكد أن "هذه إحدى أسباب انسحاب حديد عز، بأن الجنيه قيمته في انخفاض مستمر مقابل العملات الأجنبية، والشركة تحقق إيرادات تنخفض مع ارتفاع سعر الدولار الذي سجل أكثر من 50 جنيهًا في معدل قياسي، وربما يصل أكثر من ذلك، ولذا عند توزيع الأرباح على المساهمين تخسر الشركة، ولذا فضلت حديد عز، اتخاذ قرار الشطب الذي لا أستبعد أن تتخذه شركات أخرى".

وبشأن الجهة المحتملة التي قد تتوجه إليها حديد عز بأسهمها، وهل هي بورصات دول الخليج أو أوروبا وأمريكا، يتوقع أن "تحصل إحدى شركات عز على رخصة في الإمارات، فمن الممكن لها أن تطرح اكتتابًا جديدًا بالسوق الإماراتي أو أن تفتح فرعًا للشركة في أبوظبي والشركة الأم تبقى في مصر".

 

أهمية الشركة وحجمها بالسوق

تأسست حديد عز، عام 1959، باسم "عز للتجارة الخارجية" كمستورد لحديد التسليح، لتصبح في سبعينيات القرن الماضي، أكبر مستورد وموزع للصلب بمصر، ليؤسس أحمد عز عام 1994، مصنع "حديد عز"، بمدينة السادات بدلتا النيل، ليتوسع بالعام التالي بمدينة العاشر من رمضان، ليؤسس مصنعه الأكبر بالسويس شرق القاهرة عام 1998، ثم بالإسكندرية عام 2000.

تنتج الشركة، جميع أنواع حديد التسليح، ولفائف أسلاك الصلب، ومسطحات الصلب، والشبك الحديدي الجاهز، وتصف نفسها بأنها أحد أسرع منتجي الصلب نموًا، فيما تبلغ الطاقات الإنتاجية لمصانعها بمدن الإسكندرية والسويس والسادات والعاشر من رمضان، 7 ملايين طن سنويًا.

وفي العام 1999، طرحت "حديد عز" أسهمها المالية للاكتتاب العام، ثم استحوذت على أول حصة حاكمة لها في شركة "العز الدخيلة للصلب – الإسكندرية" بطاقة إنتاجية 2.1 مليون طن سنويًا، فيما تمكنت عام 2006 من توحيد هيكل المجموعة.

وفي طريقها للتوسع، وفي يناير 2022، اشترت "العز الدخيلة للصلب"، 18% من شركة "حديد المصريين" من رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، لتحصل في سبتمبر 2023، "حديد عز" على حصة حكومة السيسي في "العز الدخيلة للصلب"، والبالغة نحو 31%.

ويتوزع هيكل ملكية "حديد عز" بواقع 61.46% لأحمد عز، و6.74 بالمئة لـ"The Bank of New York Mellon"، والنسبة المتبقية أسهم تداول حر، بالبورصة المصرية.

وتعدت مبيعات "حديد عز" 100 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الجاري، فيما سجلت أرباحًا بقيمة 2.3 مليار جنيه، مقابل خسائر بلغت 810 ملايين جنيه خلال نفس الفترة من 2023.

لكن الشركة وبحسب إفصاح مرسل للبورصة تكبدت خسائر فروق عملة بقيمة 1.33 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الحالي.

وتواجه الشركة عدة أزمات منها تحقيق المفوضية الأوروبية في شكوى رابطة الصلب الأوروبية، بشأن فرض رسوم إغراق على واردات الاتحاد الأوروبي من الصلب المسطح المدرفل من مصر والهند واليابان وفيتنام، فيما تعد حديد عز المصدر المصري الوحيد له.

وفي 27 نوفمبر الماضي، تعطل فرن الصهر الثاني بمصنع الشركة بالعين السخنة، ما تسبب في تراجع أسهم الشركة بالبورصة المصرية بنسبة 9.33%، وتحقيق خسارة سوقية بلغت 5.8 مليار جنيه.