مع اقتراب يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، بات السباق نحو البيت الأبيض مشتعلاً بين المرشحين الرئيسيين: الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس.
يواصل كلا المرشحين جولاتهما الانتخابية، مع تركيز واضح على فئة الشباب، الذين قد يكون لهم الدور الحاسم في تحديد مسار الانتخابات هذه المرة.

تشير آخر استطلاعات الرأي إلى سباق متقارب للغاية بين المرشحين؛ إذ أظهر استطلاع لصحيفة نيويورك تايمز أن كلا المرشحين حصلا على 48% من دعم الناخبين على المستوى الوطني، ما يعكس انقساماً واضحاً غير مسبوق بين الناخبين.
كما جاء استطلاع شبكة "سي أن أن" ليؤكد هذه النتيجة تقريباً، حيث حصل كل من ترامب وهاريس على نسب متساوية تقريباً، في ظاهرة نادرة تشير إلى تقارب وتنافس غير عاديين في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
 

دور الشباب في حسم السباق الانتخابي
مع تزايد نسبة الشباب المؤهلين للتصويت لتصل إلى 41 مليون ناخب، بزيادة قدرها 8 ملايين عن انتخابات 2020، تتزايد أهمية هذه الفئة في حسم نتيجة الانتخابات.
فقد خصص ترامب وهاريس جهداً كبيراً لجذب الشباب، لا سيما في الولايات المتأرجحة التي يمكن أن تحدد الفائز في السباق.
وقد اختار ترامب الظهور في مباريات رياضية شعبية، مثل كرة القدم الأميركية والملاكمة، فضلاً عن استضافته في البودكاست الأكثر شعبية بين الشباب، في حين استثمرت هاريس جهودها في وسائل التواصل الاجتماعي واستقطاب الدعم من مشاهير أمثال تايلور سويفت وبيلي إيليش.

وفي ظل تركيزها على حقوق المرأة، دعت هاريس الشباب للنضال من أجل المستقبل، منتقدة سياسات ترامب في ما يتعلق بحقوق الإجهاض.
وفي تجمع بولاية تكساس، شددت على أن ترامب يسعى إلى "محو نصف قرن من التقدم"، محذرة من عواقب حظر الإجهاض إذا فاز ترامب بالرئاسة.
بالمقابل، شدد ترامب على مسألة الأمن القومي، قائلاً إن الشرق الأوسط "برميل بارود"، ملمحاً إلى ضعف الديمقراطيين في السياسة الخارجية.
 

استطلاعات الرأي تشير لتفوق هاريس بين الشباب
في استطلاع أجرته جامعة هارفارد، أظهرت النتائج أن هاريس تتفوق بفارق 28 نقطة بين الناخبين الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، إذ حصلت على دعم 60% مقابل 32% لصالح ترامب.
وفي الولايات المتأرجحة، التي تُعتبر مفتاح الفوز في السباق الرئاسي، تتقدم هاريس بفارق 9 نقاط، وهي ميزة قد تكون حاسمة إذا حافظت على هذا الدعم حتى يوم الانتخابات.
وأشار الاستطلاع إلى أن 71% من أنصار هاريس يخططون للتصويت، مقابل 59% من أنصار ترامب، مما يعكس حماساً أكبر بين قاعدة الناخبين الشباب لصالح المرشحة الديمقراطية.

وأعرب جون ديلا فولبي، مدير استطلاعات الرأي في معهد السياسة في جامعة هارفارد، عن أن تأثير الأصدقاء والمحيطين قد يلعب دوراً كبيراً في مدى مشاركة الشباب في هذه الانتخابات. وأظهر الاستطلاع أن الناخبين الشباب الذين يعتقدون أن أصدقاءهم سيشاركون في التصويت لديهم دافع أكبر للذهاب إلى صناديق الاقتراع.
 

الإنفاق الانتخابي الضخم ودور الأموال في الحملة
تتسم هذه الانتخابات بإنفاق هائل على الإعلانات وحملات التواصل مع الناخبين، حيث أنفق كلا المرشحين أكثر من نصف مليار دولار خلال الأسابيع الأخيرة.
ورغم تزايد التبرعات لصالح ترامب من شخصيات مثل إيلون ماسك، الذي قدم 44 مليون دولار إضافية، إلا أن حملة هاريس حصلت على دعم كبير أيضاً.
حيث تبرع المؤسس المشارك لـ"فيسبوك" داستن موسكوفيتز بـ25 مليون دولار، ليصل إجمالي مساهماته إلى 38 مليون دولار.

وتهدف حملة هاريس إلى التركيز على قضايا الاقتصاد في إعلاناتها، مثل خفض الضرائب لبعض الفئات ومكافحة التلاعب بالأسعار، فيما يركز ترامب على تعهداته بزيادة نسب التصويت المبكر للجمهوريين، على أمل أن يساهم هذا في حسم الانتخابات لصالحه.
 

إقبال ملحوظ على التصويت المبكر واحتمالية مشاركة قياسية
تشير الإحصاءات إلى إقبال كبير على التصويت المبكر، حيث بلغ عدد من أدلوا بأصواتهم حتى اللحظة أكثر من 34 مليون ناخب، بينما بلغ عدد المسجلين للتصويت المبكر نحو 64.8 مليوناً.
وعلى الرغم من أن هذه النسبة أقل من انتخابات 2020، إلا أن التوقعات تشير إلى احتمالية أن يتجاوز إجمالي المصوتين هذه المرة 162 مليون شخص، مما يعكس اهتماماً شعبياً كبيراً بالانتخابات الرئاسية.
 

الانتقال السلمي للسلطة: مخاوف ومؤشرات مقلقة
أظهر استطلاع جديد أن الثقة في حدوث انتقال سلمي للسلطة بعد الانتخابات منخفضة للغاية، إذ عبّر 20% فقط من العينة المستطلعة عن ثقتهم في حدوث انتقال سلمي للسلطة، في حين عبّر 18% عن اعتقادهم بأن الأمر لن يكون كذلك.
ويرى العديد من المحللين أن هذا الانقسام يشير إلى احتمال نشوب خلافات حادة، خاصة مع التقارب الشديد بين المرشحين واستقطاب الناخبين بشكل غير مسبوق.

ختاما؛ مع بقاء أقل من عشرة أيام على يوم الانتخابات، تستمر المنافسة على البيت الأبيض بالتسارع، وتتخذ أبعاداً غير مسبوقة مع تزايد دور الشباب، وتنامي المخاوف بشأن الانتقال السلمي للسلطة.
ورغم الإنفاق الضخم على الحملة من الطرفين، يبقى من الصعب التنبؤ بالنتيجة النهائية، حيث يقف الناخبون الأميركيون أمام خيارين مختلفين تماماً بشأن مستقبل الولايات المتحدة.