قال الباحث المتخصص في الشأن الصهيوني محمد سيف الدولة، إن رصد مراكز الأبحاث الصهيونية تغير مناهج التعليم المصري تجاه تل أبيب، وإشادتهم بتحسن الموقف تجاه اليهود واتفاقية السلام مع إسرائيل في الكتب المدرسية التي تدرس في مصر، إن صح فإنه سيكون شديد الخطورة ويحتاج إلى حملة وطنية واسعة لمواجهته، مطالبا بالتحقق من صحة ما ورد في التقرير.
ودعا سيف الدولة (المفكر القومي) في تصريحات صحفية إلى "حملة وطنية جامعة تماثل حملة الدكتور نعمات فؤاد القديمة في الدفاع عن مياه النيل، أو مثل لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية التي تم تأسيسها في السبعينيات لمقاومة التطبيع، أو مثل حملة الدفاع عن عروبة مصر في مواجهة دعوة توفيق الحكيم في مارس 1978".
وأضاف أن الهدف من ذلك هو بأن تقف مصر على الحياد مثلما وقفت سويسرا على الحياد في الحرب العالمية الثانية أو مثل حملة الدفاع عن سليمان خاطر أو مثل حملة مقاطعة البضائع الأمريكية والأوروبية التي اجتاحت مصر كلها بعد انتفاضة 2000 واستشهاد محمد الدرة.


معهد السلام
وأشارت دراسة أجراها معهد أبحاث "Impact" (مراقبة التسامح والسلام) الصهيوني، إلى تحسن الموقف تجاه اليهود للمصريين، حيث تناولت الدراسة أكثر من 270 كتابا تم نشرها منذ بداية الإصلاح للمناهج المدرسية المصرية وحتى اليوم.
وكشفت الدراسة أن هناك تحسنا ملحوظا فيما يتعلق باليهودية في الكتب المدرسية التي أعيدت كتابتها في مناهج المدارس الابتدائية، وأن هناك عدد غير قليل من المحتويات التي تعزز السلام والتسامح وقبول الآخرين.
وقالت الدراسة أنه تمت إزالة الدوافع المعادية للسامية والعنف ضد "اليهود وإسرائيل" التي كانت موجودة في الكتب الموازية السابقة مثل نسب الأفعال السيئة والصفات السلبية لليهود مثل الغدر والاحتيال والجشع.

 

نماذج للتعديل
وقال روي كياس، المحلل السياسي الصهيوني المتخصص في الشأن المصري، كان هناك مثلا:
-  في كتاب التربية الإسلامية لطلاب الصف الخامس الذي تم استبداله صلة بين حرب "يوم الغفران" – التسمية العبرية لحرب السادس من أكتوبر من عام 1973 - وحروب النبي محمد صلى الله عليه وسلم ضد اليهود، ولكن هذا تم حذفه من المنهج!
- وأضاف "كياس" أن المناهج المدرسية المصرية كانت تصف اليهود بأنهم خائنون بطبيعتهم و"أن اليهود دائما على هذا النحو"، مع نشر آيات قرآنية تتناول غدر اليهود، مشيرا إلى ان هذا أيضا تم حذفه.
- وتابع "كياس": "بدلاً من هذا النوع من المحتوى ، تم تقديم محتوى آخر مثل الاعتراف بالإسلام في التوراة وأمثلة من القرآن تؤكد العيش مع اليهود على أساس السلام والعدالة والتعاون، مع الإشارة على وجه التحديد إلى أن النبي محمدا سعى لتحقيق السلام، والتعايش والعلاقات الرحيمة مع اليهود".
- وأضاف المحلل الإسرائيلي: "أن هناك ايضا مؤشر إيجابي آخر، وهو أن وزارة التربية والتعليم المصرية قد نشرت كتبًا مدرسية جديدة مخصصة للطلاب المنتمين إلى الأقلية المسيحية القبطية حيث يوجد اعتراف بعلاقة اليهود بأرض إسرائيل التاريخية ووجود المعبد الأول الذي بناه الملك سليمان في القدس".

ما بقي بالمناهج
وعما بقي في المناهج ووجد اعتراضا من المعهد الرصدي الصهيوني لفت "كياس" إلى أن الصفوف العليا ، (من السادس إلى الثاني عشر)، لا تزال هناك أفكار معادية للسامية في المناهج الدراسية ، مثل اتهام اليهود بمعاداة السامية في أوروبا، ووصفهم بأنهم مجموعة عرقية. يتعامل مع التمويل ، ويتعامل مع كراهية اليهود للمسلمين فيما يتعلق بمعاملة "إسرائيل"، فمن ناحية هناك إشارة إيجابية لاتفاقية السلام مع التأكيد على مزاياها في الكتب المدرسية ، ومن ناحية أخرى إسرائيل غالبًا ما يشار إلى نفسها على أنها كيان غير شرعي"، وطالب بتنقيح هذه المناهج.
وقال أوفير وينتر، الذي شارك في الدراسة من معهد دراسات الأمن القومي وجامعة تل أبيب: "السلام بين "إسرائيل" ومصر يُدرَّس في الكتب المدرسية بشكل رئيسي في الصفين التاسع والثاني عشر، ويتعلم الطلاب المصريون أن السلام يقوي الاستقرار ويشجع الاقتصاد ويجذب السياحة".
واضاف: "مناحيم بيجين – رئيس وزراء إسرائيل الأسبق - يظهر في أحد الكتب المدرسية في الصورة بجوار السادات ، وجيمي كارتر في حفل توقيع اتفاقية السلام بمنتجع كامب ديفيد، إلى جانب كون "إسرائيل" شريكًا في السلام ، فإنها لا تزال تُقدم كدولة تحتل الأراضي العربية وفلسطين وكذلك القدس، ولا يظهر اسمها على الخرائط في الكتب المدرسية ".
فيما قال نائب مدير معهد الأبحاث إريك أجاسي: "إن إصلاح المناهج الدراسية في مصر شجاع ورائد، فإزالة الدوافع المعادية للسامية وعبارات الكراهية من الكتب، مثل التغييرات الإيجابية في الموقف تجاه إسرائيل في بلد يزيد عدد طلابه عن 20 مليون طالب ، سيكون له إسهام كبير في المجتمع وفي قيادة مصرية أكثر تسامحًا في المستقبل".

 
السعودية أيضا
وعن أهمية تغيير المناهج (البناء الثقافي والمعلوماتي للأجيال) بالنسبة للصهاينة قال رجل الأعمال الصهيوني إريك صوفير إن "..العداء لليهود الذي كان موجودًا في الكتب المدرسية في المملكة العربية السعودية قد تم تقريبًا إزالته تمامًا. وبما أن 50٪ من سكان المملكة العربية السعودية تقل أعمارهم عن 20 عامًا ، فيمكن أن نأمل أن يكون لهذه التغييرات تأثير فوري".
وأضاف، "لم يتضح بعد مدى عمق هذا الهدف من الحكام بأن إسلامهم يجب أن يكون "معتدلاً ومتسامحًا" سوف ينتشر في أذهان 30 مليون مقيم سعودي و 1.8 مليار مسلم في جميع أنحاء العالم".
وقال "معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي في تقريره عن المناهج الدراسية السعودية للعام الدراسي 2022-23، وأنه ظهر تحسينات في كل من الأمور المتعلقة بالمواد المعادية لـ"إسرائيل" وكذلك معاداة السامية ومن ذلك بحسب زعم المعهد "حذف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتهم اليهود بالتآمر ضد الإسلام"؟!
واشار المعهد إلى إزالة ما زعم إنها  "الاتهامات الكاذبة" بأن "إسرائيل" أشعلت النار في المسجد الأقصى عام 1969 ووصف "إسرائيل" بأنها "ديمقراطية مزورة".!!
وحلل المعهد "مجموعة مواد إنسانية كاملة" على مدى السنوات الخمس الماضية بالمناهج السعودية، بإجمالي 301 كتابًا دراسيًا ، بما في ذلك 80 كتابًا دراسيًا للعام الدراسي الحالي 2022-23.
واشار التقرير إلى أنه في عام 2020 ، على سبيل المثال ، وصفت الكتب المدرسية "استخدام الصهيونية للمرأة والمخدرات ووسائل الإعلام لتحقيق أهدافها" ووصفت تأثير الصهيونية على العالم الإسلامي بأنه "حروب ونضالات [...] فضلاً عن ذبح وطرد الفلسطينيين."
ولفت إلى أنه أزيلت "ادعاءات" بأن الهيكل اليهودي في القدس هو "تلفيق له دوافع سياسية".

 

الكيان الصهيوني
واستدرك التقرير إلى أنه رغم ذلك "لا تزال الكتب المدرسية تشير إلى "إسرائيل" على أنها "الكيان الصهيوني" ، وهو مصطلح تستخدمه أيضًا إيران وحزب الله. كما يصف الصهيونية بأنها "حركة استعمارية وعنصرية أوروبية تهدف إلى طرد الفلسطينيين من ديارهم".
ونقلت عن ماركوس شيف "رئيس معهد مراقبة السلام والتسامح" قوله: "تمت الآن إزالة جميع المواد المعادية للسامية التي تم تحديدها مسبقًا في كتب الدراسات الإسلامية السعودية. يأتي هذا بعد الإزالة السابقة لكميات كبيرة من معاداة السامية في مواضيع أخرى على مدى السنوات الأربع الماضية".
وأضاف "شيف" أن "الاتجاه الواضح -فيما سماه- بالاعتدال فيما يتعلق بـ"إسرائيل"، مع عدم الاعتراف بالدولة اليهودية، جدير بالملاحظة للغاية. في حين أن جميع إصلاحات الكتب المدرسية مهمة ، إلا أن الكتب المدرسية في المملكة العربية السعودية لها أهمية خاصة".
وأردف "ترجع شهرة الحكومة السعودية إلى هذا الإزالة المنهجية والمتعددة السنوات لكراهية اليهود والاعتدال في المحتوى على "إسرائيل" في الكتب المدرسية لأكثر من 6 ملايين طفل سعودي، والعديد من الأطفال الآخرين الذين يدرسون الكتب المدرسية خارج المملكة العربية السعودية"، على حد الصحيفة.
ومما قالاه أن كل الدول العربية والإسلامية بنفس الهدف (من الصهاينة) هو محو أصول العلاقات المجتمعية للأجيال المسلمة مع الآخر وقبول روايته ودحض الرواية القرآنية والسنة النبوية بحق اليهود والنصارى والمحاربين منهم والمسالمين.