نشرت ميدل إيست مونيتور مقالاً يُسلّط الضوء على دور مصر في ضوء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، وعلى مدى تأثير معاهدة السلام مع إسرائيل، التي أُبرمت في كامب ديفيد عام 1979، في هذا السياق.
يرى العديد من المراقبين العرب ومؤيدي القضية الفلسطينية حول العالم أن المعاهدة منحت القاهرة نفوذاً أكبر في القضية الفلسطينية، لكن الواقع يكشف غير ذلك.
تنص المادة الأولى في بند الضفة الغربية وغزة على ضرورة تطبيق ترتيبات انتقالية لمدة لا تتجاوز خمس سنوات للوصول إلى حكم ذاتي كامل.
كان ينبغي أن يتمتع الفلسطينيون بالحكم الذاتي منذ عام 1984، لكن هذا لم يحدث، ما يعني أن أحد أهم بنود الاتفاق أُهمل بالكامل.
يشير منتقدو القاهرة إلى ما يتعلق بسيادة مصر على سيناء. ورغم الاحتفال السنوي بيوم "تحرير سيناء" في 25 أبريل، تظل السيادة المصرية على المنطقة منقوصة، إذ تمنع المعاهدة نشر قوات عسكرية مصرية بحرية في مناطق محددة.
قيود السيادة المصرية على سيناء
قسّمت المعاهدة سيناء إلى ثلاث مناطق:
المنطقة "أ" قرب قناة السويس، يُسمح فيها لمصر بنشر فرقة مشاة آلية واحدة فقط، وهي غير كافية لحماية القناة.
المنطقة "ب" في وسط سيناء، يُسمح فيها بأربعة كتائب حرس حدود بأسلحة خفيفة، لا يتجاوز عدد عناصرها 5 ألف جندي.
المنطقة "ج" قرب غزة (رفح المصرية)، تُعد منزوعة السلاح بالكامل، ويُسمح فيها فقط بوجود شرطة مدنية مسلحة بأسلحة خفيفة. تشمل هذه المنطقة مواقع حساسة مثل طابا وشرم الشيخ ومضائق تيران، التي تتطلب دفاعاً أقوى بكثير.
يُضاف إلى ذلك وجود قوات المراقبة متعددة الجنسيات (MFO)، المكوّنة من نحو 1200 عنصر، ثلثهم من الولايات المتحدة. تتولى هذه القوات مراقبة تنفيذ المعاهدة دون تدخل في الانتهاكات، وترفع تقاريرها فقط لمصر وإسرائيل، وليس لديها تفويض من الأمم المتحدة، ما يجعل شرعيتها موضع تساؤل قانوني.
تداعيات المعاهدة على القضية الفلسطينية
أعلنت إسرائيل نيتها توسيع عدوانها على غزة والسيطرة عليها بالكامل، ما يعني عملياً إعادة احتلال ممر فيلادلفيا الحدودي بين مصر وغزة.
هذا التصرف يُعد انتهاكاً مباشراً للمعاهدة، التي تنص على نزع السلاح في هذا الممر.
ورغم احتجاجات مصر المتكررة على وجود القوات الإسرائيلية هناك منذ يناير 2024، لم تُحرّك واشنطن أو أي جهة دولية ساكناً، فيما تجاهلت إسرائيل تلك التحذيرات.
في فبراير، أبلغت القاهرة واشنطن أن أي محاولة لترحيل الفلسطينيين إلى أراضيها تهدد المعاهدة، لكن إسرائيل تجاهلت ذلك أيضاً.
ورغم تراجع إدارة ترامب عن خطة التهجير، يُعيد نتنياهو التفكير فيها، ما يزيد من التوتر.
غزة ومعاهدة كامب ديفيد
أخلّت إسرائيل بالمعاهدة منذ البداية حين لم تضمن للفلسطينيين الحكم الذاتي.
أما الآن، في ظل احتلال ممر فيلادلفيا، فإن انتهاكها أصبح علنياً.
لكن مصر لم تتخذ أي خطوة جادة للرد، بسبب غياب رقابة أممية، وتبعية اقتصادية كبيرة لحلفاء إسرائيل.
تكبّد الفلسطينيون ثمناً باهظاً لهذه المعاهدة، إذ استُبعدوا من المفاوضات، وفقدوا الدعم العربي الرسمي بقيادة مصر، ما أضعف موقفهم في مفاوضات لاحقة مثل أوسلو.
لذا، يرى كثير من العرب والفلسطينيين أن معاهدة كامب ديفيد كانت وما تزال أساس كل ما حلّ بهم من كوارث خلال العقود الماضية.
https://www.middleeastmonitor.com/20250508-camp-david-peace-treaty-is-the-mother-of-all-evils/