كشف تقرير الكونجرس الأمريكي بشأن ممارسات وكالة الاستخبارات المركزية "سي.آي.أيه"، خلال استجواب بعض المشتبه بهم في هجمات 11 سبتمبر 2011، عن تفاصيل "مقززة" لعمليات تعذيب مورست ضدّهم.
واستعرض التقرير تفاصيل التعذيب التي خضع لها المعتقلون، من إيهامهم بالغرق إلى تركهم لأيام في ظلام دامس إلى وضعهم في مواجهة الحائط أو وضعهم في مياه مثلجة إلى حرمانهم من النوم لاكثر من 180 ساعة متواصلة.
وبحسب التقرير، تم تهديد معتقل واحد بواسطة مقدح كهربائي، في حين أخضع 5 معتقلين، على الأقل، بالقوة لعمليات "ضخّ لالسوائل عن طريق الشرج"، وفي إحدى الحالات تم إدخال الطعام "الحمص" إلى جسم المعتقل عن طريق الشرج.
وكشف التقرير أن الرئيس السابق جورج بوش لم يعلم بأمر تقنيات التعذيب، التي اعتمدتها "سي.آي.أيه" في استجواب موقوفين في قضايا إرهابية، إلا في أبريل 2006 أي بعد أربع سنوات من بدئها.
وأكد التقرير، الذي وضعته لجنة شؤون الاستخبارات في المجلس والواقع في 40 صفحة، أن بوش "أبدى انزعاجه " لدى اطلاعه على "صورة معتقل معلقاً إلى السقف بسلاسل ومرتدياً حفاضاً وأجبر على التغوط على نفسه".
وبحسب الوثيقة، فإن وكالة الاستخبارات المركزية لم تبلغ بوش إلا في 8 أبريل 2006 بأمر هذا البرنامج السري، الذي طبقته الوكالة على 119 مشبوهاً بالإرهاب اعتقلتهم في "مواقع سوداء".
ويقصد بالمواقع السوداء السجون السرية التي أقامتها الوكالة في دول أخرى لم يتم تحديدها، ولكنها تشمل على ما يبدو تايلاند وأفغانستان ورومانيا وبولندا وليتوانيا.
وأفاد التقرير، الذي استند إلى أرشيف "سي.آي.إيه" أن بعض الموقوفين، الذين خضعوا لهذه الاستجوابات ومن بينهم أبو زبيدة وعبد الرحيم الناشري، اخضعوا لها اعتباراً من العام 2002، وكانوا على وشك نقلهم إلى معتقل غوانتانامو، حين تبلغ بوش بكيفية استنطاقهم.
وأورد أنه في 8 أبريل 2006، شرح مدير الوكالة في حينه، بورتر غوس، لبوش في البيت الأبيض التقنيات السبع المعتمدة في الاستجواب المشدد، وأظهر له صورة واحدة على الأقل لمعتقل أخضع لهذه التقنيات.
أبرز عشرين خلاصة
1- استخدام "سي.آي.أيه" تقنيات "معزّزة" خلال الاستجواب، لم يكن وسيلة فعالة للحصول على معلومات أو تعاون من قبل المعتقلين.
2- تبرير الوكالة استخدام تقنيات "معززة" خلال الاستجواب يستند إلى تأكيدات غير دقيقة بالنسبة لفاعليتها.
3- التحقيقات مع المعتقلين كانت قاسية وأسوأ مما أقرت به الوكالة للكونغرس.
4- ظروف اعتقال المحتجزين كانت أقسى مما أقرت به الوكالة للكونغرس.
5- زودت الوكالة وزارة العدل بشكل مكرر بمعلومات غير دقيقة، بعد إجبار الموقوفين على الكلام لتوقيف التعذيب، الأمر الذي عرقل تحليلاً قانونياً صحيحاً لبرنامج الاعتقال والاستجواب الذي كانت تطبقه.
6- أعاقت الوكالة بشكل مكثف إشراف الكونغرس على برنامجها.
7- عرقلت الوكالة عملية اتخاذ القرار في البيت الأبيض ومراقبته للأمور.
8- تطبيق الوكالة للبرنامج وإدارته أدى إلى تعقيد، وفي بعض الأحيان تهديد، مهمات تتعلق بالأمن القومي تقوم بها وكالات أخرى.
9- عرقلت الوكالة مراقبة مكتب المفتش العام فيها لأعمالها.
10- نسقت الوكالة تسريب معلومات مصنفة سرية إلى وسائل الإعلام، وضمنها معلومات غير دقيقة تتعلق بفعالية التقنيات المشددة خلال الاستجواب.
11 - لم تكن الوكالة مستعدة عندما باشرت برنامج الاعتقال والاستجواب، أكثر من ستة أشهر بعد السماح لها باحتجاز أشخاص.
12 - تم تطبيق برنامج الاعتقال والاستجواب بشكل سيء، كما أن إدارته كانت مرتبكة وخصوصاً خلال 2002 ومطلع 2003.
13- ساهم خبيران نفسيان في وضع تقنيات الاستجواب المشددة للوكالة، ولعبا دوراً محورياً في تطبيقها وإدارة البرنامج وتقييمه.. في 2005، أوكلت "سي.آي.أيه" بشكل عام إلى آخرين العمليات المتعلقة بالبرنامج.
14- خضع المعتقلون لدى الوكالة لتقنيات استجواب قسرية، لم تسمح بها وزارة العدل أو مدراء الوكالة.
15- لم تحص الوكالة بشكل تام أو محدد المحتجزين لديها، وأبقت في السجون أشخاصاً لا تنطبق عليهم المعايير. تأكيدات الوكالة بخصوص إعداد المعتقلين وأولئك الذين خضعوا لتقنيات الاستجواب المشددة كانت غير دقيقة.
16- لم تنجح الوكالة في إجراء تقييم صحيح لفاعلية تقنيات الاستجواب المشددة.
17- لم تحاسب الوكالة موظفيها المسؤولين عن انتهاكات خطيرة ومهمة، والقيام بأنشطة غير مناسبة إلا نادراً.
18- تجاهلت الوكالة انتقادات داخلية عدة واعتراضات بخصوص تطبيق وإدارة برنامجها للاعتقال والاستجواب.
19- برنامج الوكالة لم يكن قابلاً للاستمرار وانتهى فعلياً العام 2006 بعد تقارير صحافية وانخفاض وتيرة التعاون من قبل بعض البلدان، وهموم قانونية.
20- ساهم برنامج الوكالة في تلطيخ سمعة الولايات المتحدة في العالم، وأسفر عن كلفة إضافية مهمة مالية وغير مالية.
وكانت لجنة الاستخبارات بالمجلس صوتت أبريل (نيسان) الماضي لصالح رفع غطاء السرية عن التقرير، ولكن عملية مراجعة التقرير بواسطة البيت الأبيض استغرقت أشهر.
وكان البيت الأبيض يؤيد نشر التقرير بينما كانت دوائر الاستخبارات وبعض نواب الكونجرس يعارضون هذه الخطوة خوفاً من أن يشكل التقرير ذريعة لاستهداف المصالح الأمريكية.
العفو الدولية تطالب بمعاقبة المسؤولين
وطالبت منظمة العفو الدولية بمعاقبة المسؤولين في وكالة الاستخبارات كما طالبت المنظمة بتعويض ضحايا "الاستجواب الوحشي في الحرب على الإرهاب".
وقالت المنظمة إن اتفاقية الأمم المتحدة تنص على أنه لا يمكن تبرير التعذيب تحت أي ظرف.
الأمم المتحدة تطالب بالملاحقة
وطالب المقرر الخاص للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب بن ايمرسون بملاحقة قانونية للمسؤولين الأمريكيين الذين أمروا بارتكاب جرائم ضد المعتقلين، منها التعذيب في إدارة بوش وكذلك مسؤولي المخابرات المركزية الأمريكية ومسؤولين آخرين بالحكومة اقترفوا عمليات تعذيب مثل محاكاة الغرق.
وأكد ايمرسون في بيان صدر في جنيف "فيما يتعلق بالقانون الدولي فإن الولايات المتحدة ملزمة قانوناً بإحالة أولئك الأشخاص إلى نظام العدالة"، مضيفاً أن "القانون الدولي يمنع منح الحصانة للمسؤولين الضالعين في أعمال تعذيب".
رفع مستوى التأهب
وكان وزير الدفاع الأمريكي المستقيل تشاك هاغل وصل في زيارة غير معلنة إلى العراق يوم أمس الثلاثاء، حيث أمر كبار قادة الجيش في أنحاء العالم بإعلان حالة التأهب العالية قبل النشر التقرير، لافتاً إلى أنه لم يتم الإبلاغ عن تهديد محدد.
وكالات

