توفي صباح السبت الموافق 18 فبراير 2017، الشيخ المجاهد عمر عبدالرحمن، في محبسه بالمجمع الإصلاحي في بوتنر بالولايات المتحدة الأمريكية، عن عمر يناهز 79عامًا، وترجع وفاته لأسباب طبيعية منها، معاناته الصحية مع أمراض عدة، منها، السكري والقلب، سرطان البنكرياس، والروماتيزم والصداع المزمن، والضغط وعدم القدرة على الحركة إلا على كرسي متحرك.
من هو عمر عبد الرحمن :
ولد في 3 مايو 1938، بمدينة الجمالية بالدقهلية، فقد البصر بعد عشرة أشهر من ولادته، تخرج من بكلية أصول الدين بالقاهرة 1965، تم تعيينه في وزارة الأوقاف إماماً لمسجد في إحدى قرى الفيوم، ثم حصل على شهادة الماجستير، وعمل معيداً بالكلية مع استمراره بالخطابة متطوعاً.
اوقف عن العمل في الكلية عام 1969، وإعتقل في 13 أكتوبر 1970 بعد وفاة جمال عبد الناصر، بعد الإفراج عنه، وعلى رغم التضييق الشديد الذي تعرض له بعد خروجه من السجن إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة طلب العلم، فتمكن من الحصول على الدكتوراه، وكان موضوعها؛ "موقف القرآن من خصومه كما تصوره سورة التوبة"، وحصل على "رسالة العالمية" بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.
عين في كلية البنات وأصول الدين جامعة أسيوط عام 1973، ومكث بالكلية أربع سنوات حتى 1977، ثم أعير إلى كلية البنات بالرياض حتى سنة 1980، ثم عاد إلى مصر.
وعقب عودته أصبح أحد أبرز المحاضرين في الندوات الدينية التي كان يقيمها شباب الجماعات الإسلامية في جامعات بني سويف والمنيا وأسيوط، وصار وجهًا معروفًا بمعارضته الشديدة لنظام الرئيس السابق أنور السادات، ومن هنا أصبح زعيمًا ومفتيًا للجماعة الإسلامية.
في سبتمبر 1981 تم اعتقاله ضمن قرارات التحفظ، فتمكن من الهرب، حتى تم القبض عليه في أكتوبر 1981وتمت محاكمته في قضية اغتيال السادات أمام المحكمة العسكرية ومحكمة أمن الدولة العليا، وحصل على البراءة في القضيتين وخرج من المعتقل في 2 أكتوبر 1984.
إتهامه بالتورط في تفجيرات نيويورك :
سافر إلى الولايات المتحدة ليقيم في ولاية نيوجرسي، وأعتقل هناك بتهمة التورط في تفجيرات نيويورك عام 1993، وأعلن تاييده لمبادرة وقف العنف التي اعلنتها الجماعة بمصر عام 1997.
ووجهت له عدة تهم منها، التحريض علي العنف وارتكاب جرائم ضد الحكومة الأمريكية، منها التحريض علي تفجير مركز التجارة العالمي، والدليل الوحيد هي معلومات مخبر مصري من جهاز أمن الدولة، حيث لعبت وقتها الحكومة المصرية دوراً في إثبات التهم عليه، ورفضت تسلمه رغم عرض واشنطن ذلك عليها أكثر من مرة، وصرحت دولة قطر في وقتها أنها مستعدة لاستضافته.
ومن غرائب هذه القضية - بحسب شهود عيان، أنه كان من بين الأشرطة السمعية التي قدمتها المباحث الفيدرالية للمحكمة على أنها من أدلة الإدانة، شريط تم تقُديمه للمحكمة بطريق الخطأ، وهو يحوي مكالمة هاتفية بين ضابط من المباحث الفيدرالية وبين العميل المصري المدعو (عماد سالم)، وفيه يشرح الضابط لذلك العميل كيف يمكنه الإيقاع بالدكتور وتوريطه في القضية، وأن عليه أن يحاول استدراجه للحصول منه على أقوال يمكن أن تعد جرائم يعاقب عليها القانون، واعتبر دفاع الدكتور عمر وأتباعه أن هذا الشريط وحده كان كافيًا لنسف كل التهم الموجهة للدكتور عمر عبد الرحمن، على أساس أن القانون الأمريكي يمنع استدراج شخص لإيقاعه في خطأ يحاسب عليه القانون، لكن القاضي لم يأخذ بهذا الدفاع.
ومن غرائب هذه القضية أيضًا أن هيئة المحلفين قد برأت د. عمر من قضية محاولة تفجير (مركز التجارة العالمي)، ومن كل التهم المنسوبة إليه، باستثناء تهمتي التحريض على اغتيال الرئيس مبارك أثناء زيارة كانت مقررة وقت ذاك إلى نيويورك إلا أنها لم تتم، والتحريض على قتال الجيش الأمريكي، والشكوك تحيط من كل جانب باعتبار الأقوال المنسوبة للدكتور تحريضًا بالمعنى القانوني.
حياته داخل السجن بأمريكا :
مكث الدكتور عمر عبد الرحمن 23 عاماً بسجون الأمريكان بغرفة انفرادية، لا يسمح له فيها الحديث مع أحد من البشر، سوى مكالمة كل 15 يوم لمدة دقائق للحديث مع أهل بيته في شئون الأسرة وحسب، بحيث لا يسمح له فيها التطرق إلى أي أحاديث جانبية.
أضرب الشيخ خلال تلك السنوات مرات عديدة عن الطعام للحصول على أقل حقوقه كإنسان، منها اضراب الشيخ عن الطعام لمدة 120 يوماً لمطالبته بدخول راديو فقط .
يقول الشيخ واصفاً حاله بسجون الأمريكان: "وكأنني فريسةً وقعت بأيديهم، للتنكيل بكل ما هو إسلامي متمثلاً في شخصي".
وأضاف كانوا يفتشونني ويجعلوني أخلع ملابسي كما ولدتني أمي وأنا الشيخ الضرير ثم ينظرون في عورتي من القبل والدبر، وكانوا يجعلوني لمدد تصل أحياناً للعام الكامل لا أكلم أحد، ولولا تلاوة القرآن، لمسنى الكثير من الأمراض النفسية والعقلية.
وسمح لزوجته بالحديث معه، بينما رفضت السلطات الأمريكية السماح لأي شخص آخر التحدث معه، وفي إحدى المرات حاول أحد أولاده الحصول على الهاتف من والدته والحديث معه، لكن المكالمة لم تستمر، وهو ما فسره نجله بأن هناك بصمة صوت لوالدته ولا يسمح لغيرها بالحديث معه.
حالته الصحية قبل الوفاة :
قال خالد الشريف ـ المستشار الإعلامى لحزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية، "عمر عبد الرحمن تدهورت حالته الصحية خلال الأيام الماضية بعد إصابته بنزلة معوية حادة، مما دفع أسرته وهيئة الدفاع عنه بالمطالبة بترحيله للمستشفى للعلاج، وإطلاق سراحه بموجب عفو صحى".
وأوضح خالد نجل عمر عبد الرحمن، إن المخابرات الأمريكية تواصلت مع الأسرة الجمعة الماضية، بشأن إعادته للقاهرة نظراً لحالته الصحية المتأخرة جدًا، مضيفًا أنه قبل عشرة أيام تلقت الأسرة مكالمة وحيدة من الشيخ عمر منذ تولي الرئيس دونالد ترمب الرئاسة، وقال خلالها إن السلطات منعت عنه الأدوية وجهاز راديو كان بحوزته.
وقالت أسماء عمر عبد الرحمن، أبى مريض جدا وف حالة سيئة، وبيقول يتلحقونى المكالمة الجاية يامتلحقونيش، حسبنا الله ونعم الوكيل فيك ياأمريكا".
وكانت أسرة الراحل عمر عبد الرحمن قد أصدرت بيانا، قبيل وفاته بساعات، ناشدت فيه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لسرعة نقل الشيخ الضرير إلى قطر، نظرا لتدهور صحته وليقضي ما بقى من حياته في الدوحة.
وقالت: "لقد قامت إدارة السجن بالولايات المتحدة الأمريكية الليلة الماضية بالاتصال بزوجة الدكتور عمر عبد الرحمن، عائشة عبد الرحمن، وأخبرتها بأن حالة الشيخ عمر عبد الرحمن حرجة جدا، ولا يقوى على الحديث، وأنهم يرغبون في نقله سريعا إلى دولة قطر أو إلى مصر، وأن على إحدى الدولتين أن تقوم بمخاطبة السفارة الأمريكية لنقله سريعا".
أبرز مؤلفاته:
موقف القرآن من خصومه كما تصوره سورة التوبة. (وهي رسالة الدكتوراه)، كلمة حق، تفسير سورة النجم.
وله مجموعه من المقالات منها: قولوا للظالم لا، الشريعة الإسلامية شريعة كاملة، وصية إلى أمة الإسلام، نظرات في سورة غافر.
وكذلك له مجموعه من التسجيلات الصوتيه منها: القرآن الكريم كاملا، صحيح البخاري، تفسير سورة غافر، الدعوة والعقيدة في سورة الكهف، الدين الإسلامي دين شامل - مجموعة من المحاضرات الدعوية في أوروبا وأمريكا (اللقاء مع الاذاعة العربية).
دعم حقوقي ورئاسي:
تلقى الشيخ عمر عبد الرحمن دعمًا حقوقيًا عالميًا، نظرًا لمعاناته من العديد من الأمراض، إلى جانب كونه ضريرًا قبل أن يتم عامه الأول، أبرزها سرطان البنكرياس والسكري، والروماتيزم والصداع المزمن، وأمراض القلب والضغط وعدم القدرة على الحركة إلا على كرسي متحرك، وعلى الرغم من ذلك، فإن السجون الأمريكية لم تكن ترحمه جسمانيًا أو فيما يتعلق بالتواصل بأسرته، إذ لم يكن متاحًا له طيلة فترة سجنه التي انتهت بوفاته إلا مكالمة هاتفية واحدة كل 15 يومًا، وبالتأكيد كانت تلك المكالمة مراقبة بشتى الطرق.
أبرز النشطاء الحقوقيين الذين دافعوا عنه، المحامية إلين ستيوارت، التي تم سجنها بتهمة مساعدته في إيصال الرسائل لأهله.
في أعقاب وصول الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم، أعلن أنه سيبذل قصارى جهده للإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن، إلا أنه فشل عقب أن أعلنت هيلاري كلينتون - وزير خارجية أمريكا وقتها، أن هذا شأن داخلي غير مسموح لأحد بالتدخل فيه.
ماجاء في وصيته واصفاً ما تعرض له من انتهاكات:
1- يمنعون عني المترجم والقارئ والراديو والمسجل .. فلا أسمع أخبارا من الداخل أو الخارج.
2- يحاصرونني في السجن الانفرادي فيمنع أحد يتكلم العربية أن يأتي إلي فأظل طول اليوم والشهر والسنة لا أكلم أحدا ولا يكلمني أحد .. ولولا تلاوة القرآن لمسني كثير من الأمراض النفسية والعقلية.
3- يسلطون علي كاميرا ليلاً ونهاراً، مما يعني انكشاف عورتي عند الغسل وعند انقضاء الحاجة.
4- يفتشونني تفتيشاً ذاتياً،فأخلع ملابسي كما ولدتني أمي وأنا الشيخ الضرير ثم ينظرون في عورتي من القبل والدبر، وهذا يسىء إلي، ويجعلني أود أن تنشق الأرض ولايفعلون معي ذلك.
5- يمنعونني من صلاة الجمعة والجماعة والأعياد وأي اتصال بالمسلمين .. كل ذلك يحرمونني منه ، ويقدمون المبررات الكاذبة ويختلقون المعاذير الباطلة.
6- يهملون في شؤوني الشخصية كالحلق وقص الأظافر بالشهور ، كذلك يحملونني غسل ملابسي الداخلية حيث أنا الذي أمر الصابون عليها وأنا أدعكها وأنا أنشرها وإني لأجد صعوبة في مثل هذا.
7- أشم روائح غريبة وكريهة تنبعث دوما من الطابق فوقي، مع خبط وقرع وضوضاء وطرق، كصوت القنابل، يستمر للساعات ليل نهار.
8- إنهم لا محالة يقتلونني لا سيما وأنا بمعزل عن العالم كله.
قالوا عنه عقب وفاته :