حازم سعيد :
مخالفات فجة وصارخة للإخوان ومن بعدهم السلفيين بالجولة الأولى من الانتخابات المصرية البرلمانية ، هكذا أرادها الإعلام الفضائى الملاكي كصورة من صور تشويه العملية الانتخابية لعلمهم أن التقدم والفوز سيكون من نصيب مرشحى الإسلاميين الذين دخلوا الجولة بتواضع المتوكل على الله ثقة فى نصره وتأييده ، ثم فى إقبال شعب مصر الذى يحب الإسلام بفطرته السوية ويقبل عليه .
وقد قدم لهم هذا الشعب الكريم من قبل باستفتاء التعديلات الدستورية ثم مليونيات التحرير شهادة اعتماد ذلك وتوثيقه .
لذا فقد بدوا الأكثر فزعاً من العملية الانتخابية وأرادوا تأجيلها فى الأيام الفائتة ، ثم هاهم مع سيرها وتقدمها وحضارية المشهد كله يبحثون عن النقط السواداء ليبرزوها وتلوكها ألسنتهم ، وكأن المشهد الحضاري التقدمي الذى لفت أنظار العالم كله حتى كتب عنه روبرت فيسك أن على أوروبا أن تخجل أمام هذا المشهد ، وكتبت صحف أوروبية مشهورة عن حضاريته وروعته ، وارتفعت مؤشرات البورصة المصرية - على الجانب الاقتصادى - حتى حققت أرباحاً خيالية فى اليوم الثاني من أيام الجولة الأولى ، كل هذا التميز والحضارة لم يلفت نظر السادة مقدمي برامج التوك شو ، وإنما الذى لفت نظرهم هو مخالفات مؤيدى الحرية والعدالة والنور .
ولنا مع ذلك ومع الجولة الأولى من الانتخابات وقفات :
أولاً : المشهد الحضاري الرائع الذى بدت عليه مصر فى مشاركة شعبها الإيجابية الهائلة والتى وصلت ببعضهم لأن يبكى وهو يشارك لأول مرة فى حياته مع أن عمره تجاوز الستين سنة ، لأن الأنظمة القمعية والنتائج المعروفة مقدماً كانت تعوقه ، كل ذلك يعطى دروساً بالغة العمق منها : دلالة ما للحرية من قيمة فى حياتنا ، وأنها نعمة عظيمة امتن الله سبحانه بها علينا بثورتنا المباركة ، ثم رسالة للقوى المتآمرة على أمن مصر واستقراره والتى حاولت تعطيل العملية الانتخابية خوفاً من نتائجها ، ثم روعة وعظمة الشعب المصري وحضاريته وأن ثورته التى قام بها لم تكن صدفة ، وإنما الخير والإيجابية اللذان يملآن هذا الشعب كثير كان معطلاً عن الظهور بفعل القوى الاستبدادية المخلوعة ، وها هو ذا الشعب يختار بإرادته وحريته .
ثانياً : النتائج التى أظهرت التفوق النسبي للإخوان وحزبهم الحرية والعدالة ، والتفوق الكبير لمجموع الإخوان والسلفيين كقوى إسلامية فى مواجهة العلمانيين والليبراليين فى المرحلة الأولى له دلالات : منها أنه كان متوقعاً وذلك لإقبال الشعب المصري على الإسلام واختياره له ، وهو مما يثبت إعجاز الله سبحانه وتعالى فى نصره لدينه ورسله ، وأنه مهما فعل الاستعمار والغرب لتغيير هوية هذا الشعب فلن يفلح ، سنوات طويلة تزيد عن المائة سنة وهم يغربون ويشرقون فى مناهج تعليم وإعلام وحكومات وقوى مستبدة عميلة ، ورغم ذلك ، ومع أول اختيار حر للشعب بعد سنين طوال ، فإذا به يختار الحل الإسلامي .
كل ذلك مصداقاً لقول الله تعالى : " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " .
ثم يتبع ذلك ، ما هو واجب على الإسلاميين الالتزام به من خلق التواضع لله سبحانه وتعالى ، وأن النصر من عند الله ، وأنه ليس عن قوة ولا عدد ولا عدة ، إنما الفضل كله لله ، ثم التمتع بالخلق الحسن مع الناس جميعاً بدءاً من المنافسين وانتهاءاً بالأنصار والأعوان ، وأذكر إخواننا جميعاً من الإخوان والسلفيين أن خير الناس أنفعهم للناس .
وأذكرهم أيضاً بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة ، وجبهته تكاد تمس ظهر فرسه لتواضعه لله عز وجل ، حيث طأطأ رأسه ولم يتكبر وقال لمحاربيه من كفار قريش : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " .
وكذلك شكر الله عز وجل ، لأن قيد النعمة الشكر ، وقيد الشكر العمل ، كما قال سبحانه : " اعملوا آل دوود شكراً " .
وما أعظم قول الشاعر - حين نوجه هذا الثناء لله سبحانه - :
أوليتـني نعماً أبـوح بشكرها.. .. .وكفيتني كُلَّ الأمـور بأسرها
فلأشكرنك ما حييتُ وإن أمُتْ.. .. ..فلتشكرنك أعظُمي في قبرها
ثالثاً : نجاح الإخوان وحزبهم الحرية والعدالة فى الحفاظ على قوام التحالف لضمان الوفاء بما قطعوه على أنفسهم من عهد بالمشاركة لا المغالبة ، يؤكد عمق نظر الإخوان فى القوى الوطنية المعتدلة من أمثال الدكتور وحيد عبد المجيد وغيره ممن هم على قوائمنا ، كل ذلك يؤكد كفاءة قيادة الإخوان والحرية والعدالة ، وهو مما يدعم توثيق ركن الثقة فى كفاءة القيادة داخل نفوس الإخوان عملياً بعد أن تم توكيده نظرياً .
رابعاً : استمر تربص الفضائيات الخاصة بالإخوان تأكيداً لما ذكرته بالمقالة السابقة ، وحاولوا إبراز أن الإخوان يخالفون ، وادعوا كذباً على الإخوان بعض المخالفات التى أثبتت الأحداث سريعاً كذبها ، خاصة جريدة المصرى اليوم الكذابة ، ورغم ثبوت الكذب إلا أن أحداً لم يعتذر أو حتى يتراجع ، بل هو طريق محددة خطواته سلفاً أنهم سيلصقون بالإخوان ما ليس فيهم .
وألحقوا بهم السلفيين على استحياء لأنهم يهاجمون القوة الأكبر خاصة ، والإسلاميين على وجه العموم ، ولله الحمد فلم يفت ذلك لا فى عضد الإخوان ولا فى عضد مؤيديهم ولن يفت ، ذلك لأن الله سبحانه قال فى محكم آياته : " فأما الزبد فيذهب جفاءاً ، وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض " ، ولله العزة ولرسوله ولكتابه وللمؤمنين .
خامساً : بعض المخالفات الصغيرة للدعاية أمام اللجان الانتخابية والتى حاولت الفضائيات تهويلها أحب تناولها من مجموعة وجهات :
- إحداها : أنها مخالفات صغيرة جداً لا تكاد تذكر ، والإعلام هو الذى يضخمها لمصلحة الهجوم على القوى الفاعلة الإخوان والسلفيين ، لدرجة أن مذيعة بإحدى فضائيات الفلول تطارد منتقبة لكونها تكلم سيدات بالطريق لأكثر من نصف كيلو وتستنطق الناس لإدانة المنتقبة ولا تفلح ، حتى أن المذيع الذى هو فل من الفلول يرتدى عباءة الأخلاق زوراً ، يستحى ولا يملك إلا أن يحرج المذيعة بأنه سلوك عادى أن تكلم الناس فى الطريق ، مع أنه كان يتمنى أن توفق المذيعة إلى إدانة المنتقبة .
- وثانيتها : أنها فى حقيقتها مخالفات كان لها ما يبررها أيام العهد البائد حيث كان التضييق فى مراحل الدعاية الانتخابية يضطرك اضطراراً لمحاولة تأكيد الدعاية وخطفها فى كل المراحل مع عدم الالتزام باحترام القانون لأن خصمك الذى وضعه كان ينتهكه ليل نهار ، فكنت بدعايتك أمام اللجان كالمضطر فى هذا الباب .
أما وقد انتهى هذا الكلام ، فإن على الإخوان وعلى السلفيين مراجعة موقفهم من الدعاية أمام اللجان ، واحترام القانون الذى ينهى الدعاية ويحرمها قبل 48 ساعة من التصويت ، وهذا مدعاة لأن يصدق عملنا قولنا ، ويعطينا المصداقية والشفافية واحترام المبادئ أمام الناس جميعاً .
- وثالثتها : أن القوى العلمانية والليبرالية المنافسة جميعها وقعت فى ذات المخالفات ، فلم تسلط عليها الأضواء ، بل ربما لم يرد لها ذكر بالأصل ، فى ابتعاد من الفضائيات عن منهج الحيدة والعدل .
سادساً : بعض المخالفات الموثقة التى ارتكبها البعض من مؤيدى النور بالإسكندرية وكفر الشيخ ودمياط بخداع عوام الناس وأمييهم بأن رمز مرشح الحرية والعدالة هو الفانوس ( وهو رمز مرشح النور ) ، وحتى وصل الأمر بمسئول المكتب الإدارى بدمياط إلى أن يستغيث بأجلاء الدعوة السلفية من أمثال الدكتور محمد عبد المقصود ، ليهدوا الشباب ويردوهم إلى سواء السبيل ، لى معها ثلاثة كلمات :
- الأولى : هى كذب صريح يحتاج لمراجعة ثوابت الدعوة الإسلامية وثوابت الشريعة من تحريم الكذب ، ومن أن الغاية لا تبرر الوسيلة ، ومن أنه لا يجوز للوصول للمقاصد الشرعية الرشيدة أن أسلك لها هذه المسالك الملتوية الضالة ، لهذا على علمائنا بالدعوة السلفية مراجعة هذا الأمر والوقوف أمامه والتصدى له بكل الحزم حتى لا يلوث الثوب الأبيض الناصع لهذه الدعوة المباركة .
- الثانية : هى تصرف فردي ، وأنا على يقين أنها لا تمثل التيار الغالب من أبناء الدعوة السلفية ، وإلا فقد رصد بعض معارفى مخالفة مثلها لأحد مؤيدى الحرية والعدالة بأحد الدوائر بالقاهرة ، وهى فردية لا تلوث ثوب الإخوان ولا الحرية والعدالة ، وكذلك فإن ما قام به بعض شباب السلفيين هو مخالفة فردية لا تلوث ثوب السلفيين ولا حزب النور .
وكذلك لا يلوث ذلك العلاقة الوطيدة بين الجماعتين والحزبين ، وإلا فإن المشهد الفريد الذى تم تداوله على اليوتيوب حين التقت مسيرتان للحرية والعدالة مع النور وعلت الهتافات " إيد واحدة " لهو أصدق تعبير عن هذه العلاقة الوطيدة والأخوة الإيمانية بينهما ، وأترك لكم فى نهاية المقال رابط لهذا المشهد ، وما التحالف الذى جرى بين التيارين بمدينة نصر وكذلك ببورسعيد إلا مصداق وتوثيق لهذا التحالف الذى يثبت عمق الأخوة ، ولا يهزه بعض التصريحات المتعجلة للمتحدث باسم النور ، وأتمنى منه أن يتريث قليلاً فى تصريحاته وبياناته خاصة المتعلقة بالإخوان أو بالحرية والعدالة ، لأن زمن الفتنة والتصريحات الموغرة للصدور قد انتهى ، فلا ينبغى أن نكون نحن سبباً فيه .
- الثالثة : ما قام به الفلول - أدعى ذلك مطمئناً لصحة الدعوى - من تأجير عربات باسم الحرية والعدالة تسير فى الشوارع للدعاية ، أو عربات باسم حزب النور تسير فى الشوارع تقوم بدعاية مضادة ضد الحرية والعدالة هو مما لا يمكن أبداً للإخوان أو للسلفيين القيام به ، وهى محاولات خسيسة للفلول للوقيعة بين التيارين ، كلاهما أكبر منها وأعقل وأرشد ، ولله الحمد والمنة .
سابعاً وأخيراً : يجب على كل من يرفل بنعمة الحرية ونعمة هذه الانتخابات والعرس الديمقراطي الرائع الذى نعيشه أن يتذكر شهداء ثورتنا المجيدة ويجلهم ويكبرهم ، وكذلك كل من سبقهم – مناضلاً – على طريق هذه الحرية ، واعتقل وضحى بوقته وحريته وماله ، وما أعظم اقتراحاً ورد ذكره بمداخلة بإحدى الفضائيات أحببت هنا أن أوثقه وأعضده ، وهو أن يتم عمل متحف – دائم - بمدخل مجلس الشعب يسجل فيه أسماء وسير كل شهداء الثورة ، وكل من اعتقل من قبل واضطهد وانتهك قبل الثورة من أمثال الشاطر وجميع الإخوان والسنانيرى وسليمان خاطر وعبد الوهاب المسيرى وخالد سعيد و ..... على مدار عشرات السنين – رحم الله الجميع حياً وميتاً - ليهبوا من دمائهم وأعمارهم الحرية لهذا البلد – ذلك كله بفضل الله وقوته .
وهو تخليد رائع لذكراهم ووفاءاً لهم واعترافاً بفضلهم وسبقهم ، ولله الفضل من قبل ومن بعد ، ويومئذٍ يفرح المؤمنون ....
----------
[email protected]
رابط لماذا يحدث إذا قابلت مسيرة للحرية والعدالة مسيرة للنور :
http://www.youtube.com/watch?v=qvCR13x-SM4
رجل يبكي لأنه يدلى بصوته بعد سنين القهر والاستبداد :
http://www.youtube.com/watch?v=bXMrYzEg-kk

