بقلم : محمد منصور

قديماً استمات عنترة في الدفاع عن حريته، مهما كانت فاتورتها الباهظة، حتى إذا سنحت له الفرصة لانتزاعها من صناديد قومه، لم يدعها لم يدعها في يدهم طرفة عين، وذلك ساعتئذ غارت بعض أحياء العرب على قومٍ من بني عبس؛ فأصابوا منهم، وحمي الوطيس، وضاقت السبل بقومه.

كل ذلك و عنترة يراقب المعركة عن بعد؛ و قد اتخذ قرارا بألا يدفع عن قومه؛ نقمة عليهم لما سلبوه نسبه و أهانوا كرامته.. و تساقط الرجال و أوشكت الهزيمة و لاح العار؛ مما اضطر أبوه أن يقول له : كُر يا عنترة، فقال عنترة : العبد لا يحسن الكر، إنما يحسن الحلاب والصر.. فقال أبوه : كر وأنت حر... فكر، وأبلى يومئذ بلاء حسناً ؛ فادّعاه أبوه بعد ذلك وأَلحق به نسبه، وقد بلغ الأمر بهذا الفارس الذي نال حريته بشجاعته، أنه دوّخ أعداء عبس في حرب داحس والغبراء.

فما بال قومي يستنيمون للظلم وعبودية البيادة العسكرية، التي تسحقهم يوماً بعد يوم؛ حتى باتوا مسلوبي الإرادة، معطلي القرار، ليس لهم من الأمر شيء، وما علموا ـ والكلام للكواكبي رحمه الله ـ " أن الاستبداد يد الله الخفية؛ يصفع بها رقاب الآبقين من جنة عبوديته الى جهنم عبودية المستبدين؛ الذين يشاركون الله في عظمته، ويعادونه جهاراً، وقد ورد في الخبر ( الظالم سيف الله ينتقم به ثم يُنَتَقم منه )، وكما جاء في أثر آخر ( من أعان ظالما على ظلمه سلطه الله عليه ).

و صدق من قال :
فــــــــــلا تـــرضَ بمنقصةٍ و ذلٍّ       وتقنع بالقليل من الحطامِ
فعيشك تحت ظل العز يوما     ولا تــــحت المذلة الف عامِ

و هاكم ذكرى 25 يناير على الأبواب ، فيا أيها الشعب كُر و أنت حر.