بقلم - احمد المحمدي المغاوري

"لا ينسب إلى ساكت قول لكن السكوت في معرض الحاجة بيان " قاعدة فقهيه تعني: أن السكوت فيما يلزم التكلم به هو إقرار وبيان،وذلك كما إذا رأيت أحدا يتصرف في شيء.تصرف المالك بلا إذن منك، وسكتَ أنتَ بلا عذر،فذلك يُعد إقرارا منك بأنك غيرُ مالكٍ له.فكيف بالساكت عن الظلم البين ولم يدفعه ولو بالقول فهو كما يقولون شيطان اخرس، أراد السلامة لنفسه وماله وجاهه وشهرته!! فلماذا إذاً تصدر؟. يقولون"من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه" ففي وقت السلامة تصدر مشايخ لنصح الناس والتفت حولهم الجموع. وكم صدَّعُونا بأحاديث الثبات والجهاد فبكوا وأبكوا،ولما حانت ساعة الاختبار التزموا الصمت الرخيص،ووقفوا في المنطقة الرمادية ليسلموا عند اشتعال المعركة بين الحق والباطل,وكانوا يصرخون بالحديث عن جابر" سيدُ الشهداءِ حمزةُ بنُ عبدِ المطلبِ، ورجلٌ قامَ إلى إمامٍ جائرٍ فأمرَهُ ونهاهُ، فقتَلَهُ"حديث حسن.

فتمايزت الصفوف وانكشفت العورات حين خابت الذمم وزلت وضلت القدم  غابت الضمائر.فسكت هؤلاء وتولوا وهم معرضون.قال تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ(3) سورة الصف.في موقف للحسن بن الفضل "عندما دخل على بعض الخلفاء وعنده كثير من أهل العلم أحب الحسن أن يتكلم فزجره الخليفة وقال له "يا صبى: تتكلم في هذا المقام؟ فقال يا أمير المؤمنين إن كنتُ صبيا فلست بأصغر من هدهد سليمان ولا أنت بأكبر من سليمان عليه السلام حين قال" أحطت بما تحط به.ثم قال ألم تر أن الله قد فَهَمَ الحُكم لسليمان ولو كان الأمر بالكبر لكان داود أولى!؟

- لقد تجلى الشباب بمواقفهم العملية ضد الانقلاب الفاشي.ومهما صغروا، وصغر قول القائل.فشأنه بما يقول ،وبمواقفه التي تطابق فعلة. لكن حين يسكت الكبار ولا يعرف لهم خبر.فلا تقل عنهم كبار.أمثال من ضيعوا الدين والأزهر بتاريخه وآثاره، بلعاعة من الدنيا من شيوخ الانقلاب وإن شئت قل عنهم باباوات الانقلاب من أزهريين وبرهاميين،فالأزهر والسلف منهم براء.

لقد حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم ‫فقال عنهم "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مُنَافِقٌ عَلِيمُ اللِّسَانِ يُجَادِلُ بِالْقُرْآنِ" وكأن الزمان يعيد نفسه،وها هو واحد منهم عليم اللسان.قام ليحرض على قتل الثوار وبفتوى باطله ويتهمهم بالخوارج ويجب قتلهم ،ويقول للعسكر"اضرب في المليان" فرائحتهم نتنه. إن هؤلاء الذين البسوا الانقلابيين ملابس الرسل متألهين على الله. هم دعاة إلى أبواب جهنم ،قال الله عنهم"ومن الناس من يعجبك قولة في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام" فلم يكتفوا بالسكوت وبالخنوع بل ساندوا الباطل وبكل جرأة على حساب كلمة الحق فتجرءوا على الله "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " وفعلهم هذا ليس بغريب فلقد تربوا في أحضان اللامبارك.ولكن سكوت مشايخ السلف مثل حسان ويعقوب وأبو إسحاق الحويني وغيرهم على ما يجري في مصر بعد الانقلاب لهو فتنة لمن فُتن بهم .وكثيرا ما دعا أحدهم بأن لا يجعله الله جسر يعبر به الناس إلى الجنة ثم يكب به في النار.

وفي ذلك يقول أ.عبد العزيز الكحيل .لقد تلطّخت صورة الدعوة السلفية باختيار ما يسمّيه بعضهم " حزب الزور" لمعسكر الانقلاب وانغماسه في التأصيل الباطل للباطل في مسعى تطغى عليه الأحقاد والحسد، فكان ذلك وصمة عار على جبين تيار طالما تباهى بالاستناد إلى الشرع في كلّ صغيرة وكبيرة وحركة وسكنه،فدلّ موقف الطائفة البرهامية على قسوة في القلوب وإغلاق في الأذهان وسطحية في التفكير وجهل مهول بالسياسة والتوازنات الداخلية والخارجية ، لكنّ رموزا ذات وزن كبير في الساحة السلفية أدانت الحزب والبرهامية بشدّة وناصرت الإخوان وانحازت  إلى الشرعية فبرّأت الدين والدعوة والذمة .ا.ه

- إن فضائح  البرهاميين التي توالت علينا مثل البلكيمي والعنتيل وغيرهم  ليست هي أول الغيث، ولن تكون آخره، بل إنها لا تمثل شيئا إذا ما قورنت بالخطيئة الكبرى وتلك الكبيرة التي اقترفتها  ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم يوم انقلاب 3 يوليو 2013 بجلوسهم مع الخائن ،وموقفهم الخائن للأمة تجاه المذابح التي أعقبت ذلك التاريخ المشئوم .
- ولا ننسى أن هناك من السلفية الصادقين سطروا لأنفسهم صحائف من نور أمثال د.محمد عبد المقصود والمشايخ سعيد عبد العظيم ونشأت على. فلا زالوا صادعين بالحق، وها هو شيخهم والذي يوصف بالأب الروحي للتيار السلفي المصري الشيخ  عبد الرحمن عبد الخالق.يوجهه رسالة لياسر برهامي وحزب الزور الغير سلفي بعد يوم من 3يوليو،يقول فيها"لقد خنتم الأمانة ونقضتم العهد وتوليتم كبر إسقاط رئيس،بايعتموه ورضيت به أكثرية الأمة المصرية،وظاهرتم أعداء الأمة ومزقتم الدستور الذي كنت أنت يا "برهامي" حاضرة والذي ارتضاه جمهور الأمة المصرية.ويوجه الشيخ حديثة لحزب النور قائلا "أما انتم فليس لكم شبه في التاريخ إلا بالثوار الخوارج الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه ولم يراعوا عهدة ولا حرمته،واتبعوا قول ابن سبأ فيه". ثم حذر فقال لهم"إن الدم الذي سيسفك والحرمات التي ستهتك بنقضكم عهدكم وخيانتكم لأمانتكم ستكون في رقبتك، فإنك"برهامي"الذي توليت كبر هذا الأمر.وختم الشيخ رسالته  مشبهاً "برهامي"بقول الشاعر"وكنتُ من جند إبليس فارتقى بيَّ الشر حتى صار إبليس من جندي" ا.ه

- الحق لن يضيع ولن تسقط مصر إن شاء الله طالما في مصر كبار.لا يخشون إلا الله، لم يرضوا لأنفسهم الضيم ولا الدنية ولا السكوت الأخرس،يصدعون بكلمة الحق جهارا نهارا مهما كلفهم.

فها هو فضيلة العلامة القرضاوي يصدع بكلمة الحق ويدافع عن حق الشعوب في الحرية وينافح عنهم ضد من يريدون قتل الربيع العربي.فما أن حدث انقلاب 3يوليو2013 وقف فضيلته ضد الانقلابيين وتحمل ولا زال  يتحمل ولاقى ما لاقاه من أذى وافتراءً عليه،فلم يقبل موقف الأزهر حيث لم يكن للقائمين علية أي موقف يذكر من المجازر الوحشية التي ارتكبها العسكر في رابعة وما زالت تلك الأيادي الآثمة ملوثه بدماء المصريين منذ3يوليو وحتى الآن، ولم يصدر الأزهر بيانًا عن جبهة العلماء، ولم تُكتب فتوى بل ركنوا إلى الخائن فقدم فضيلته استقالته من هيئة علماء الأزهر ومن مجمع البحوث لسكوتها على بشاعة الضيم وممالأة الظالم والوقوف معه،حيث أصبح الأزهر يحيا في براثن الذل،ويكاد يموت راكعا أمام الفرعون.فاستقال فضيلته اعتزازا بمقام الأزهر وتاريخه وليجابه فضيلته الصغار منه.

- وها هو فضيلة الشيخ حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر وقف صبيحة انقلاب السيسي وخرج ليُعلن على الملأ معارضته وتخليه عن منصبه، ليصطف وراء الشرفاء الذين رأيناهم في ميدان رابعة صادعين بالحق مدافعين عنه، رافضين للانقلاب،أمثال الدكاترة الجحافل.البر وجمال عبد الستار والبلتاجي وصلاح سلطان وجمال عبد الهادي،فتاريخ الأزهر حافل بثلة أوفياء، لدينهم ووطنهم، وكان منهم الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر والذي اشتهر بعلمه وغيرته الحارة علي الدين.

فكان أول من رد علي كتاب"أصول الحكم لــ علي عبد الرازق "وأول من رد علي كتاب"الشعر الجاهلي لــ طه حسين"وقال في ذلك "نَاضَلْتُ عَنْ حَقٍّ يُحَاوِلُ ذَو هَوًى تَصْوِيرَهُ لِلنَّاسِ شَيْئًا مُنْكَرَا"، ففي 16 سبتمبر 1952 اختاره رجال الثورة ليكون شيخا للأزهر، وها هو يستفتي في الحكم علي جماعة الإخوان المسلمين بأنها جماعة من الخوارج كما يقال عنهم اليوم!! فقال من علي منبر الأزهر صادحاً" لقد عشت خادما لديني لا مُستَخدِما له, ويكفي العبد الفقير كسرة خبز وشربة ماء وما أكثر الفضاء في ملكوت الله ،واني اشهد الله أن الإخوان دعوة ربانية عَرَفَتْهم ميادين البذل والعطاء والجهاد والتضحية ، فلم يخونوا ولم يغدروا بما علمت عنهم،وها أنا ذا اليوم أعلن استقالتي من كل منصب يحول بيني وبين إرضاء ربي" ولزم بيته يؤلف الكتب حتى وافته المنية في 3 من فبراير سنة 1958م ولم يترك من حطام الدنيا شيئا يُذكر رحم الله العلامة:محمد الخضر حُسين. أولئك آبائي فجئني بمثلهم.إذا جمعتنا يا جرير المجامع .

- إن العجب ليس في مشايخ العسكر من علمانيين وسلفي حزب الزور الذين أناخوا مطاياهم للعسكر من شيوخ حادُّوا الله ورسوله، أمثال الهلالي ومظهر وجمعه والمدعو بالطيب والبرهامي والرسلاني ومخيون وبكار ناصبوا رافضي الانقلاب العداء والكيل بالأكاذيب والزور والبهتان.لكن العجب في الذين سكتوا ووقفوا مترددين مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء بعد أن ملئوا الدنيا صياحا ونواحا على أمور خلافية.الذين سماهم الشيخ العلامة محمد الغزالي بفقهاء علم الفروع. يقول عنهم يرحمه الله "وقد تأملت في أحوال الناس الذين يعملون في الحقل الإسلامي ويتحمسون لنصرة دينهم ولكنهم يحملون في دمائهم جراثيم الفوضى القديمة والجهالة المدمرة , فأدركت أن هؤلاء يتحركون في مواضعهم وأنهم يوم يستطيعون نقل أقدامهم فسيتجهون إلى الوراء, لا إلى الأمام وسيضيفون إلى هزائمنا الشائنة هزائم قد تكون أنكى وأخزى" ا.ه
- لقد انتفع كل طاغية وكل جبار عنيد من المشايخ النطيحة والمرجفة.لتبرير أعماله الإجرامية ضد شعبه، ولم تنتفع منهم أمتهم بشيء حيث سقط في بئر الخيانة ولن يرتقوا بعدها ابدأ، لأن المجتمعات النقية ستلفظهم كما يلفظ الجسد الخبث الذي بداخلة لأن ضرره أكثر من نفعه.

ولن تخسر الدعوة بسكوتهم المشاخخ ولكن الخسران الحقيقي هو أن يخسر المرء نفسه ويخسر احترامه لها ولمبادئه ويصغر بعد كبر في أعين الناس، والأخطر من ذلك  أن يخسر آخرته.قال تعالى" ۗ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" الزمر15.وعودا اكرر كما بدأت على مسامع  القوم لعلهم يرجعون "لا ينسب إلى ساكت قول لكن السكوت في معرض الحاجة بيان " فدعوا الأسافل وانضموا إلى جحافل القوم "لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى" وإلا نقول لكم "سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" ولتنعموا بالسكوت الرخيص.
فلعمرٍي إن القوة لا تصنع حقا ولكن الحق يصنع قوة والحق منتصر لا محالة.

مكملين