بقلم : صادق أمين

أيهما أجدى للحركات الثورية عصا موسى أم الاصطفاف الثوري ؟

للوهلة الأولى سيقع الاختيار على العصا، إذ يمكن لمن يمتلكها أن يلقيها فتلقف الانقلاب و تبهت سحرته، ولكن غياب الاصطفاف الثوري سينشأ عنه العراك على العصا بين الحركات الثورية، والنتيجة شق الصف الوطني و الوقيعة بين أطيافه و شل حركة الثورة من تحقيق أهدافها.

و لقد كان هذا ما هدف إليه المجلس العسكري أثناء الفترة الانتقاليه و تبعه الانقلاب، بغرض تشويه الحركات الثورية و الفتُّ في عضدهم و تخذيل من وراءهم؛ فيثبطون الهمم و يجلبون الهم و الغم و يثيرون الإحن و الخلافات و يؤسسون لمعارك كلامية تؤجج فيها النزاعات التي تغير النفوس و توغر الصدور؛ كي تراوح مكانها دون خطوة واحدة إلى الأمام، و سيكون عملها وفق المنطق الكيدي دون سواه.

من أجل ذلك كان وجوب الاصطفاف الثوري و التواصل الجاد بين شركاء الثورة و دعوتهم على اختلاف توجهاتهم و انتماءاتهم للمشاركة في إدارة الحراك العام هو واجب الوقت و عصب النصر و الحافظ و الداعم للزخم الثوري؛ لأن كل من يسعى لاسقاط الانقلاب من أي فصيل أو تيار هو جزء من كل، و ليس لأي فصيل أن يحتكر المشهد الثوري.

و هذا ما شهد به الواقع القريب على أرض غزة الأبية؛ فعلق أحدهم بقوله : ( مما يشد عضد المقاومة ما تشهده المعركة الدائرة الآن في غزة من تنسيق للعمل المقاوم بين مختلف قوى المقاومة، لم تعد تعمل الفصائل منفصلة بقيادات مستقلة، أو على الأقل هذا ما يظهر لنا من خلال أدائها العسكري، الفصائل تتعاون الآن، وتوزع الأدوار فيما بينها وذلك تبعا لقدرات كل فصيل.

واضح أن حماس تتمتع بأدوار قتالية مختلفة عن تلك التي تقوم بها الجهاد الإسلامي أو ألوية الناصر صلاح الدين، تتكامل الأدوار ليكون هناك سيمفونية عسكرية فلسطينية متناغمة تماما ومؤثرة في صفوف العدو، و هذا تطور كبير في الساحة الفلسطينية لأن الفصائل سابقا كانت تتسابق لإعلان مسؤوليتها عن أعمال عسكرية لم يقم بها أي فصيل، وكانت تدعي عمليات عسكرية وهمية ضد الاحتلال، وقضت في انتفاضة عام 1987 على الجيش الإسرائيلي عدة مرات من خلال بيانات كاذبة لا أصل لها. العقلية الفصائلية الجديدة مختلفة تماما، وتحقق للمقاومة صدقية عالية جدا).

إذاً الاصطفاف الثوري هو الصعوبة التي تواجهنا، و إن عالم التاريخ توينبي يقول :

( إن الصعوبات هي تحدٍ خلّاق؛ لأنه يستحث الرد عليه ).

و يعلق المفكر مالك ابن نبي _ رحمه الله _ بقوله : إن الصعوبات علامات تشير إلى مشكلاتنا، و هذه الفائدة لن تكتمل ما لم نجعل من هذه العلامات دليلاً أيضاً على  أمراضنا الاجتماعية التي لا مناص من مواجهتها ، و ينبغي أن نسلك إزاءها مسلك الطبيب أمام الأمراض إذ يحدد مكان المرض أو مصدره و من ثم وضع العلاج المناسب.

خلاصة القول، اصطفافكم أجدي لكم و ستفعلون به الأعاجيب أكثر من عصا موسى التي تشق صفكم باختلافكم على من يملكها بله أن يضرب بعضكم بعضاً.
و لٓكٓم يشعر المرء بقوة الحركة الثورية التي ما خبت نيرانها مع كل موجة ثورية رائعة، غير أن عبء المسؤولية يقع على كل أطياف الثورة التي يجب أن تهدف أول ما تهدف إلى تعبئة القوى كلها و تهيئتها للعمل يداً واحدة قبل و أثناء و بعد اليوم الموعود.