محمد يونس سالم :
في هذه الأحداث الكثيرة والمتسارعة لا بد لنا أن ينبض القلب وينشط لصد الهجوم المستمر عليه من المحن والابتلاءات - لابد للقلب أن يحيا بالقرآن ويستنشق القرآن لكى يواجه كل هذه الهموم والآلام - عن عبد الله بن عمرو قيل : يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أفضلُ ؟ قال : كلُّ مَخمومِ القلبِ صَدوقُ اللِّسانِ . قالوا : صَدوقُ اللِّسانِ نعرِفُه ، فما مَخمومُ القلبِ ؟ قال : هو التَّقيُّ النَّقيُّ لا إثمَ فيه ولا بَغيَ ، ولا غِلَّ ، ولا حسَدَ ... (الرغيب والترهيب للمنذرى حديث صحيح ) .اللهم اجعلنا من هذا الصنف .
يقول ابن عطاء الله السكندري (ربما وردت عليك الأنوار، فوجدت القلب محشوا بصور الآثار، فارتحلت من حيث نزلت.. فرغ قلبك من الأغيار، تملؤه بالمعارف والأسرار) وقلت : وربما وردت عليك فيوضات الله وبركاته ولكن القلب مازال عليه الران . مازال عليه الغبار . مازال عليه الغيوم السوداء . مازال بداخله هموم ومتاعب الدنيا فقط . مازالت الدنيا مستحوذة عليه . مازال يلهث ويجرى ويهرول لها ( الدنيا ) . بهذا كله لا يستطيع القلب استقبال هذه الفيوضات والبركات والأنوار فلا بد أن يطهر القلب أولا و لابد من طمأنينة يستكين إليها القلب ويهدأ ويصدع ويخشع لها ولذلك إذا جاءت الطمأنينة جاء بعدها الاستقبال وجاء بعد الاستقبال الأذكار تجد قلبك يذكره هو وحده عز وجل فقد اتسع المكان ورحب وأنار وأي إنارة هي إنها إنارة ربانية تأتى بالفيوضات والبركات والأنوار ويقول الله عز وجل :- (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28) - ويقول بن عطاء الله السكندري (قوم تسبق أنوارهم أذكارهم، وقوم تسبق أذكارهم أنوارهم، وقوم تتساوى أذكارهم وأنوارهم، وقوم لا أذكار ولا أنوار نعوذ بالله من ذلك، ذاكر ذكر ليستنير قلبه فكان ذاكرا، وذاكر استنار قلبه فكان ذاكرا والذي استوت أذكاره وأنواره فبذكره يهتدي وبنوره يقتدي..أكرمك ثلاث كرامات، جعلك ذاكرا له، و لولا فضله لم تكن أهلا لجريان ذكره عليك، و جعلك مذكورا به إذ حقق نسبته لديك، و جعلك مذكورا عنده ليتم نعمته عليك ) الله الله اللهم اجعل قلوبنا ذاكره لك وحدك لا شريك لك – لك الحمد ولك الشكر ياربنا ياذا العطايا والمنن .
آيات تغذى الروح وتجعلها تنطلق :- قال الله تعالى ( رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194( فاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195(آل عمران .
مناجاه على طريق الدعوة :- يقول أ. مصطفى مشهور فى مناجاة على طرق الدعوة (فمن غير الله يلجأ إليه ليبثه شكواه وآلامه وما يعتمل في نفسه؟ من غير الله يفزع إليه في مراحل الطريق الموحشة القاسية ؟ من غير الله يلجأ إليه ليؤمن روعه ويذهب خوفه؟ من غير الله يدعوه ليفرج كربه وهمه ويذهب حزنه ؟ من غير الله يؤنس وحدته في ظلام زنزانته المغلقة ؟من غير الله يسأله أن يخفف ألم السياط وصنوف التعذيب الواقعة على جسده ؟ من غير الله يلوذ به عندما يشتد به الحال من كيد الظالمين وبطشهم ؟ من غير الله ينزل عليه السكينة ويملأ قلبه طمأنينة وسط هذا لجو من الظلم و الظلام ؟ من غير الله يحفظه من الفتن ومن نزغات الشيطان ووساوس النفس ؟ من غير الله يحفظه ويعصمه من الانحراف عن طريق الدعوة وعن الصراط المستقيم ؟ كيف لا يلجأ إلى الله وهو لا يستطيع أن يخطو خطوة على طريق الدعوة إلا بأمر من الله وعونه؟ كيف لا يلجأ إلى الله دائماً وهو إذا وكله الله إلى نفسه طرفة عين ضل أو زل ؟ .
وللحديث بقية .....