في فضيحة مدوية تكشف حجم الإهمال المتعمد لحكومة الانقلاب في حماية أطفال مصر، أقامت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة والجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دعوى قضائية ضد وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف بصفته، لتنفيذ التزاماته الدستورية والقانونية في حماية الأطفال داخل المؤسسات التعليمية.

 

لكن الدعوى ليست مجرد إجراء قانوني، بل هي شهادة وفاة لمنظومة تعليمية فاشلة يقودها وزير لا يستحق منصبه، ولا يملك أدنى كفاءة لحماية أبناء الشعب من المجرمين الذين يتسللون إلى المدارس تحت عينه وبعلمه.

 

فضيحة التحرش: من الإسكندرية إلى القاهرة.. الجريمة تتكرر

 

خلال أسابيع قليلة، تكشفت جرائم تحرش واعتداءات جنسية في مدارس "رسمية" و"دولية" على حد سواء، مما يؤكد أن الخطر لا يفرق بين غني وفقير. في مدرسة الإسكندرية للغات، اعتدى جنايني المدرسة على 4 تلاميذ بمرحلة رياض الأطفال أوائل ديسمبر الجاري.

 

والأدهى أن هذه الجريمة لم تكن الأولى، بل جاءت بعد أسبوعين فقط من فضيحة مدرسة "سيدز الدولية" بالقاهرة، حيث تعرض 5 تلاميذ على الأقل للاعتداء الجنسي والتحرش، ووجهت النيابة تهمة الخطف المقترن بهتك العرض للمتهمين.

 

هذه الحوادث ليست "أحداثاً فردية معزولة" كما تحاول وزارة التعليم تصويرها، بل هي نتيجة طبيعية لسياسة متعمدة من الإهمال والتستر. فالتحقيقات تنتقل بين النيابة العامة والنيابة العسكرية، والأحكام الصادرة تبقى حبراً على ورق، بينما يعود المجرمون لممارسة جرائمهم في مدارس أخرى.

 

المؤسستان الحقوقيتان أكدتا أن تكرار الوقائع يؤكد وجود خلل واضح في تطبيق منظومة الحماية الواجبة داخل البيئات التعليمية، لكن الوزير المزور يتجاهل هذه الشهادات ويُصر على سياسة التعتيم.

 

قانون على الورق.. فشل على الأرض: المادة 10 شاهد زور

 

تطالب الدعوى القضائية بتفعيل المادة 10 من اللائحة التنفيذية لقانون الطفل رقم 12 لسنة 2008، التي تُلزم الجهات المعنية بوضع سياسات مكتوبة لحماية الأطفال من كافة أشكال العنف والاستغلال، وتحديد آليات توظيف وتدريب العاملين، ووضع آليات واضحة للإبلاغ والتدخل. لكن هذه المادة موجودة على الورق منذ 17 عاماً ولم تُطبق يوماً، مما يجعلها شاهد زور على فشل الوزير وإدارته.

 

الجمعيات الزراعية والتعليمية تتحصل على نسب ضئيلة من الموارد، بينما تُنفق المليارات على أجهزة الأمن والقمع. الوزير عبد اللطيف، الذي يُفترض أنه مسؤول عن تطوير التعليم، لم يقدم خطة واحدة فعالة لحماية الأطفال. بدلاً من ذلك، يُصدر قرارات باهتة لا تُنفذ، ويُقيم حملات إعلامية فارغة لتحسين صورة النظام.

 

الدعوى القضائية تؤكد أن دور الجهات الإدارية لا يقتصر على إصدار القرارات، بل يمتد إلى الرقابة الفعلية والمتابعة، لكن الوزير المزور لا يعرف معنى الرقابة، ولا يملك شجاعة محاسبة المقصرين.

 

وزير التعليم المزور: من يحمي المجرمين؟

 

السؤال الأخلاقي والقانوني الذي يطرحه هذا القانون: كيف يستمر وزير التعليم في منصبه بعد كل هذه الجرائم؟ فالرجل لم يُقدّم استقالته، ولم يُقيل مسؤولاً واحداً، ولم يُغلق مدرسة واحدة متهمة بالإهمال. بل على العكس، يُصر على سياسة التستر والتبرير، ويُحمّل المعلمين والإداريين المسؤولية بينما يتنصل هو من أي مسؤولية.

 

المؤسستان الحقوقيتان دعتا إلى التعاون مع الوزارة لوضع آلية وطنية موحدة للتبليغ والمتابعة والتدخل السريع، لكن هذه الدعوى ليست سوى مناورة قانونية لإجبار وزير فاشل على القيام بواجبه. فالوزير المزور، الذي يفتقر لأي خبرة تربوية حقيقية، يُدير القطاع بعقلية الأمن والقمع، لا بعقلية التربية والحماية. والنتيجة هي أن الأطفال يُعتدى عليهم في المدارس التي يفترض أن تكون ملاذاً آمناً، والمجرمون يُحمون بسياسة الصمت الرسمي.

 

في النهاية، هذه الدعوى القضائية ليست مجرد طعن إداري، بل هي محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أطفال مصر. فالوزير المزور فشل في حماية الأطفال، وفشل في تطبيق القانون، وفشل في استعادة الثقة في المنظومة التعليمية. والجريمة الأكبر هي أن هذا الفشل ليس عرضياً، بل هو سياسة متعمدة تستهدف تدمير مستقبل الأجيال القادمة.