فوجئ عشرات العاملين بشركة «زد عبر البحار للحراسة والخدمات – Z-Overseas»، بقرارات مفاجئة أدت عمليًا إلى تشريدهم بعد سنوات طويلة من الخدمة، بعضهم تجاوزت مدة عمله ثلاثة عقود متواصلة، وذلك عقب إغلاق مقر الشركة بمنطقة مصر الجديدة ومنعهم من الدخول أو ممارسة أعمالهم.

 

وخلال اليومين الماضيين، أغلقت إدارة الشركة أبواب مقرها بشكل كامل، ومنعت العمال من الدخول، قبل أن تُبلغهم شفهيًا بقرار تسريحهم، مع عرض وصفه العمال بـ«المهين»، يتمثل في تقديم استقالاتهم مقابل صرف تعويض لا يتجاوز أجر شهرين فقط، مهما بلغت سنوات الخدمة، وهو ما قوبل برفض جماعي من العمال.

 

بيع أصول وإغلاق مفاجئ

 

وبحسب شهادات عاملين تحدثوا، فإنهم لاحظوا خلال الفترة الأخيرة مؤشرات مقلقة، أبرزها بيع أصول مملوكة للشركة شملت مقرات وسيارات، دون إخطار العاملين أو توضيح مصيرهم الوظيفي، قبل أن يُفاجأوا بقرار الإغلاق الكامل والدعوة إلى “التفاوض” على الاستقالة.

 

ويقول أحد العمال، طالبًا عدم ذكر اسمه، إن العرض الذي قدمته الشركة “لا يراعي لا القانون ولا الإنسانية”، مضيفًا: «عايزين يدونا شهرين على 20 و30 سنة شغل، يرضي مين ده؟ بدل ما يزودوا أجورنا في الغلا اللي إحنا فيه، بيشردونا.. فين الدولة تحمينا؟».

 

عقود دائمة وتأمينات.. ثم تهديد

 

عامل آخر أكد أن جميع المسرحين يعملون بعقود غير محددة المدة، ومؤمن عليهم تأمينًا اجتماعيًا، وبعضهم تجاوزت مدة خدمته 33 عامًا، ما يجعل قرار تسريحهم – من وجهة نظرهم – مخالفًا لقانون العمل المصري.

 

ويضيف العامل أن إدارة الشركة، عبر بعض المديرين، وجهت رسائل تهديد مبطنة للعمال الرافضين للعرض، قائلًا: «قالولنا لو رفضتوا مش هتاخدوا حاجة، وهددونا بعلاقاتهم مع الأمن الوطني، وقالوا اللي هيعمل شوشرة مش هيشوف حق ولا باطل، غير البهدلة».

 

عمال فوق الخمسين.. ومستقبل مجهول

 

وتتفاقم الأزمة مع حقيقة أن غالبية العمال المسرحين تجاوزت أعمارهم الخمسين عامًا، ما يجعل فرصهم في الحصول على عمل بديل شبه معدومة، خاصة في قطاع شديد الخصوصية مثل نقل الأموال والحراسة.

 

ويقول أحدهم بحسرة: «مين هيشغلنا بعد السن ده؟ عندنا أولاد في المدارس والجامعات، نصرف عليهم منين بعد ما اتشردنا؟ يرضي حد نترمي في الشارع بعد العمر ده كله؟».

 

محاضر رسمية واحتجاج صامت

 

أمام إغلاق الأبواب ومنع الدخول، تجمع عدد من العمال أمام مقر الشركة لعدة ساعات، في محاولة للضغط من أجل التراجع عن القرار أو فتح باب التفاوض العادل، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، ما دفعهم إلى تحرير محاضر إثبات حالة بقسم شرطة مصر الجديدة، لإثبات واقعة الإغلاق والمنع القسري من العمل.

 

شركة بتاريخ طويل وعملاء كبار

 

وبحسب الموقع الرسمي للشركة، تأسست «زد عبر البحار» عام 1996، وتعمل في مجال نقل وتداول الأموال بين البنوك والمصارف والشركات، إضافة إلى التخزين المؤقت للأموال داخل خزائن مصفحة، ونقل البصمات والعلامات المائية والوثائق المؤمنة لصالح مؤسسات حكومية وخاصة.

 

وتتعامل الشركة مع عدد من الكيانات الكبرى، من بينها البنك العربي الأفريقي الدولي، والبنك الوطني للتنمية، وشركة المقاولون العرب، وشركة النصر للمسبوكات، ما يثير تساؤلات حول أسباب الأزمة المفاجئة، ومصير التزامات الشركة تجاه عمالها.