يتسم المراهقون عادة بأنه يوجد لديهم نزعة للتمرد على كل شيء، ويصل الأمر ببعضهم إلى حدّ انتهاك القواعد أو خرق القانون بشكلٍ صارخ، غير مبالين بالعواقب الوخيمة.
فما سرّ نزعة التمرد لديهم؟ وكيف يمكن للوالدين ترويضهم وتوجيههم نحو سلوكيات أقل خطورة؟
-مرحلة النمو
بالنسبة للمراهق، تبدو طاعة الأم وكأنها تصرفات طفل، وهو يحاول أن يكتشف معنى أن يكون شخصًا بالغًا. تتطور منطقة في الدماغ تُسمى قشرة الفص الجبهي، ويريد التدرب على استخدامها، مما يؤدي إلى الكثير من الجدال والانتقاد والإشارة إلى عيوبنا.
يتمرد المراهقون من أجل أن يكونوا مستقلين عن والديهم، وتطوير عقولهم، وأن يكون لهم صوتهم الخاص كبالغين.
-يعرفون ما سنقوله قبل أن نقوله
لقد ظل أطفالنا يستمعون إلينا لأكثر من عقد من الزمان، يعرفون ما سنقوله قبل أن نقوله، ويعرفون ما نريده منهم أن يلبسوه، وكيف يمشون، ويتحدثون، ويذاكرون، ويصففوا شعرهم، وأين يضعون أحذيتهم.
لهذا إذا ما أردت جذب انتباه ابنك المراهق. أثنِ عليه بطريقة لم تفعلها من قبل. أخبره برأيك في كل ما يثير اهتمامه وفضوله، كما ينصح الخبراء في موقع "لايف كوتش فور بارنتس".
- المزيد من الحرية
كثرة القواعد والتوقعات، والضغط النفسي، أو حتى الثقافة الأسرية القوية، يمكن أن تدفع المراهقين إلى التمرد من أجل الحصول على الحرية واستكشاف هويتهم الخاصة.
يحتاج المراهقون إلى بعض الوقت بعيدًا عن قرب الوالدين وضغوط الحياة ليسترخوا ويتعلموا الإصغاء إلى صوتهم الداخلي. وعندما يحصلون على مساحة شخصية، قد يتخذون قرارات صائبة يفخرون بها، بدلًا من أن تكون مجرد محاولة لإرضاء توقعات الآخرين.
شجع طفلك على طلب ما يريد. ساعده على إيجاد طرق صحية للاسترخاء والراحة (الطبيعة والرياضة والموسيقى).
إذا أراد المزيد من الفرص للتعبير عن نفسه، قم بتوجيهه نحو التحديات الإيجابية التي يمكنه أن يتحمس لها (الحصول على وظيفة، إعادة تزيين غرفته، زراعة حديقة).
- المزيد من الاهتمام
إذا تصرف طفلك الصغير بشكل سيء لجذب الانتباه، فمن المحتمل أن يفعل ابنك المراهق الشيء نفسه.
أحيانًا يكون التمرد بمثابة صرخة استغاثة، وطريقة المراهقين للقول: "أنا خارج عن السيطرة ولا أعرف كيف أسيطر على نفسي".
استمع جيدًا إلى ما يقوله، فعبارات مثل "لا أستطيع فعل هذا بعد الآن" أو "الجميع يكرهني" ليست مجرد انعكاس للهرمونات، بل هي تعبير عما يؤمن به.
عندما يحتاج ابنك المراهق إلى المساعدة، فأنت أيضًا تحتاج إليها. حتى لو كنت حاصلاً على درجة الدكتوراه في التعامل مع المراهقين، فأنت لا تزال قريبًا جدًا من الموقف وتحتاج إلى خبرة شخصية.
- الهرمونات
تؤدي الهرمونات خلال سنوات المراهقة إلى اتخاذ المراهقين قرارات متسرعة والتصرف باندفاع.
لا تقتصر المشكلة على عجز أدمغتهم عن التنبؤ بعواقب أفعالهم، بل إن الهرمونات تجعلهم يتصرفون بطرق مفاجئة.
إذا كنتِ أنتِ أو أي فرد من عائلتكِ قد عانيتم من اكتئاب ما بعد الولادة أو القلق، أو نقص السكر في الدم، أو متلازمة ما قبل الحيض، أو إرهاق الغدة الكظرية، أو مشاكل الغدة الدرقية، فاحرص على مراقبة المشاكل الهرمونية لدى ابنتكم المراهقة.
استشر طبيب غدد صماء أو طبيبًا متخصصًا في الطب الطبيعي أو اقرأ عن التقلبات الهرمونية.
-القلق
لا شيء سيجعل المراهق يتجاهلك أكثر من الاستماع إليك وأنت "تعبر عن مخاوفك".
إن القلق يعلم المراهقين أننا من المستحيل إرضاؤنا، وأننا لا نعرف ما نتحدث عنه، وأنه يجب عليهم التوقف عن الاستماع إلينا.
مع الأطفال الحساسين، يُعلّمهم القلق أن العالم مكانٌ مخيف، وأن عليهم أن يخافوا. قد يخاف المراهقون من زيادة الوزن، أو من عدم إعجاب أحدهم بهم، أو من الحصول على تقديرات جيدة في المدرسة.
التغلب على القلق يبدأ من الداخل. يرغب العديد من الآباء في أن يغير طفلهم سلوكه حتى يتوقفوا عن القلق. لكن هذا لا يوفر سوى راحة مؤقتة، ولن يساعدك على الاسترخاء والثقة بقدرتك على التعامل مع أي مشكلة قد تواجهك.
-الضغوط الاجتماعية في سن مبكرة
يواجه المراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عامًا اليوم تحديًا يتمثل في تنمية قدرتهم على مقاومة ضغط الأقران على وسائل التواصل الاجتماعي، والتدخين الإلكتروني، ومشاهدة المواد الإباحية عبر الإنترنت، وإدمان الهواتف المحمولة.
فالمراهقون بطبيعتهم يميلون إلى الرغبة في قبول أقرانهم، لذا فإن طاعة الوالدين بدلًا من الأقران تُعدّ تحديًا حقيقيًا بالنسبة لهم.
-ابنك المراهق متعلم من خلال التجربة
بعض الأطفال يتمتعون بمهارات مراقبة رائعة. إنهم يحبون مشاهدة الآخرين ويكتسبون رؤى مذهلة، دون الحاجة إلى المشاركة. هؤلاء الأطفال لا يتعلمون إلا إذا شاركوا بنشاط.
بعض المراهقين يجربون شخصيات مختلفة، مثل تجربة ملابس جديدة، والانتقال من موضة إلى أخرى، وتجربة أشياء جديدة حتى يتمكنوا من معرفة من هم. يمكنك أن تحب ما يفعله ابنك، حتى لو كانت لديه قيم مختلفة عن قيمك.
-الأطفال الأكثر تمردًا
اكتشف فرانك سولواي في كتابه "ولدوا ليتمردوا" أن المواليد الذين ولدوا في وقت لاحق هم أكثر عرضة للتمرد من أطفالهم الأكبر منهم.
ربما تلقى أطفال العائلة توقعات أقل، وارتباطًا أقل بالوالدين، واهتمامًا أكبر لكونهم لطيفين ومضحكين. عندما يكبر هؤلاء الأطفال ويصبحون مراهقين، يشعرون بمزيد من الحرية ويرغبون في تمييز أنفسهم، ليس فقط عن الأم والأب ولكن عن الأشقاء الأكبر سنًا أيضًا.
-تأخر المراهقة
يمكن أن يحدث تأخر المراهقة في أي وقت بالنسبة للمراهقين (وخاصة الطفل البكر أو الطفل الوحيد) الذي يسعى دائمًا لإرضاء الآخرين ويفعل كل الأشياء "الصحيحة".
قبل الالتحاق بالجامعة ، يلجأ العديد من المراهقين إلى التمرد بشكل أكثر دراماتيكية من أجل تطوير المهارات اللازمة التي سيحتاجونها للنجاح بمفردهم.
وإذا كان ابنك المراهق يميل إلى إرضاء الآخرين وفعل الخير، شجعه على كسر قاعدة اجتماعية أو ثقافية أو إيجاد طريقة ممتعة للتمرد، فهذا يساعده على التواصل مع ذاته ليصبح شخصًا متكاملًا، لا عالقًا في فخ الهوية

