من وقت لآخر، يتكرر الحديث عن ظهور تماسيح في الترع والمصارف المائية في محافظات مصر المختلفة، وكان آخرها العثور على تمساح في أحد المصارف بمحافظة الشرقية، الذي أثار حالة من الهلع بين الأهالي قبل الإمساك به.
وأظهرت صور ومقاطع نشرها مواطنو قرية الزوامل التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية على منصات التواصل الاجتماعي، وجود أكثر من تمساح بأحجام مختلفة، فيما يقول الأهالي إنهم لاحظوا اختفاء بقرة نافقة بالقرب من المصرف في غضون ساعات فقط، مما يرجح أن تلك التماسيح قامت بالتهامها.
وأفاد الأهالي بأن التماسيح لم يتم ملاحظتها إلا خلال الفترة الأخيرة، مع توقعات بأن بعض الأشخاص ربما أطلقوا تماسيح صغيرة كانوا يربونها بعد أن كبرت، وهو ما دفع السكان لمطالبة الجهات المختصة بالتدخل بسرعة لاحتواء الوضع قبل وقوع أي حوادث محتملة.
ظاهرة انتشار التماسيح في الترع
وقال الدكتور إيهاب هلال، الأستاذ بمعهد بحوث الصحة الحيوانية في مداخلة تلفزيونية، إن ظهور التمساح أو التماسيح في هذه المنطقة هو أمر غير طبيعي ولا يحدث في موائلها المعتادة.
إذ أن التماسيح النيلية تظهر طبيعيًا في مناطق مرتبطة بها مثل أعالي النيل، بينما يعتبر وجودها في الدلتا حالة شاذة.
وأضاف أن السيناريو الأرجح هو أن أحد الأشخاص كان يقوم بتربية التمساح ثم تخلص منه بإلقائه في المصرف بعد أن كبر حجمه، وهذه الطريقة خاطئة تمامًا ولا تمثل حلاً للتخلص من مثل هذه الكائنات.
وهو ما أكده أيضًا الدكتور محمد السيد بشار، وكيل وزارة الطب البيطري بالشرقية، نافيًا صحة ما تردد عن وصول التمساح من بحيرة ناصر، مؤكدًا أنّ المصرف لا يتصل بالنيل، وأن التمساح لو جاء مع التيار لكان وصل إلى الترع.
وأوضح أن الدلائل تشير إلى أن أحد الأشخاص كان يربي التمساح، وعندما عجز عن السيطرة عليه تخلص منه بإلقائه في المصرف.
وأظهرت صور تم تداولها العثور على تمساح صغير الحجم، بعد عمليات بحث استمرت لعدة أيام.
يأتي ذلك بعد أن أثار ظهور تمساح طوله متر يسبح في مياه البحر المتوسط في سبتمبر الماضي حالة من الذعر في شاطئ أبو تلات بمدينة الإسكندرية، حيث كان مغلق الفم بشريط لاصق بشكل محكم.
وأوضحت وزيرة البيئة منال عوض، أن التمساح النيلي لا يعيش طبيعيًا في مياه البحر، وأنه من المرجح أن يكون قد تم تربيته بشكل غير قانوني قبل أن يتم التخلص منه إما في مصرف أبو تلات الزراعي المتصل بالبحر أو مباشرة في البحر.
أسباب تكرار ظهور التماسيح
وأصبحت مثل هذه الحوادث شائعة في مصر خلال السنوات الأخيرة، مع تكرار العثور على تماسيح في مصارف وترع بمحافظات مختلفة.
وفي صيف العام الماضي، أصيب سكان محافظة الأقصر بحالة من الفزع مع تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي صورًا لظهور أحد التماسيح بأحد المراسي النيلية، مما أدى إلى إصدار تحذيرات للأهالي وبخاصة القاطنين بجوار النيل، ومنع أطفالهم من السباحة في المياه.
وبعدها بأسابيع، انتشرت صورة لتمساح في ترعة أبوصير بشبرامنت في منطقة البدرشين بالجيزة، مما تسبب في حالة من الهلع والرعب بين أهالي القرية، ودفعهم إلى المطالبة بالبحث الفوري عن التمساح وتوضيح ملابسات الواقعة.
وفسر الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضي بكلية الزراعة الأمر بأن هناك احتمالين لطرق دخول التماسيح لمياه الترع، الأول: عند فتح مفيض توشكى في يوليو 2024 لتصريف الفيضان الزائد القادم من السودان وإثيوبيا، قد يكون خرج معها بعض التماسيح.
أما الاحتمال الثاني وفق ما ذهب إليه، هو تسرب التماسيح الصغيرة من التوربينات حتى وصلت للجيزة وقطعت حوالى 1000 كيلو متر بنهر النيل في مدة 17 يومًا.
وفي عام 2023، قال أحد الصيادين في إحدى القرى التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، إنه شاهد أحد التماسيح الضخمة تسبح في مياه الترعة في ساعة متأخرة من الليل، مما دفع السلطات المحلية إلى تنفيذ عملية تمشيط واسعة لترعة الجعفرية بنطاق المحافظة، للوقوف على حقيقة ظهور التمساح، الذي قال الصياد إن طوله يصل إلى نحو مترين داخل الترعة.
شراقي: التماسيح لا تتسلل من بحيرة ناصر إلى نهر النيل
ويستبعد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة يستبعد تسلل التماسيح من بحيرة ناصر إلى مجرى نهر النيل.
ويقول: "منذ اكتمال بناء السد العالي بأسوان، تكون حاجز مادي ضخم غير قابل للاختراق، يفصل بين موائل التماسيح الطبيعية جنوبًا (بحيرة ناصر – السودان – أفريقيا الاستوائية)، والمجرى الرئيس لنهر النيل شمال السد (أسوان – دلتا النيل)، ذلك لأن التماسيح لا تستطيع تسلق السد أو المرور عبر توربيناته المائية شديدة الخطورة".
وعلى ضوء تلك التفسيرات، يرجح الخبراء أن سبب ظهور التماسيح في الترع والمصارف المائية يرجع إلى أنشطة بعض الناس في الاحتفاظ بالتماسيح الصغيرة في منازلهم، حيث هناك أسواق لبيعها، لكن عندما يكبر حجمها تثير مخاوف من الاحتفاظ بها، مما يدفع مربيها إلى التخلص منها في المجاري المائية، كما حدث مؤخرًا في الشرقية ومن قبل في الغربية والجيزة.

